يحكى أن كاهناً مسيحيا ،دخل في أحد الأيام إلى مدينة ذات أغلبية إسلامية ،ولوجود حاجات كثيرة لدى الناس نتيجة للفقر والفاقة والجوع الذي كان هو السمة الغالبة على حياة الناس ومن جميع الطوائف،فقد عمل على استهداف الشريحة الكبرى وذهب إلى اقتطاع جزء صغير منهم عاملا على تجربة نفسية فكرية يقوم بموجبها تغيير ألانماط والسلوكيات الحياتية والاعتقادية لهذه الفئة ،مستخدما بعض الاغراءات والتي من شأنها تعجيل عملية الانتقال وتقوم التجربة على دراسة مستفيضة، قد قراء من خلالها طريقة تفكير الناس بحيث ادخل العينة في صالة مهيبة ومضاءة .
وهو يردد لهم وعلى فترات زمنية استمرت لستة أشهر مقاطع من الإنجيل ،ويقوم بتقديم ازكى الطعام لهم وتمر الايام والكاهن يحقق الانجاز تلو الآخر ولأن كل تجربة تحتاج إلى اختبار لمعرفة مدى التطور الحاصل في منحنى التغيير ، وفي يوم الاختبار ادخل الجميع إلى غرفة محكمة الإغلاق بحيث لا ينفذ إليها اي ضوء من المحيط الخارجي ،وبعد أن دخل الكاهن في برنامجه اليومي ،وفي حالة غير معهودة خلال آلفترة الماضية ،عم الظلام داخل القاعة وسط ذهول المختبرين، وماهي الا لحظات حتى عاد الضوء مرة اخرى، وقد علت اصوات الحاضرين (بالصلاة على محمد واله وصحبه) والتي اخرست الكاهن ،والذي كان يعتقد أنه قد توصل إلى إحداث نقلة في ثقافة وتفكير هذه الشريحة خلال الفترة الماضية ،و كان يعتقد أنهم أصبحوا صيدا سهلا يستطيع من خلالها الوصول لمأربه .
كذلك هو الحال عندما ادخل العراق ،في تجربة وبكل مكوناته في حالة أحتراب طائفي عرقي اثني اريد من خلالها ابعاد العراق عن حاضنته العربية وبالاخص منطقة الخليج العربي ،والذي يرتبط بها الاثنان بعلاقة ارتباطية وثيقة جدا،لتأتي بطولة كأس الخليج وما تحملة من فلسفة أراد لها من وضع لبناتها الاولى الى ايجاد حالة تكاملية في مفاصل هذه المنطقة لأنها تتمتع بمزايا عديدة، لاتتوافر في غيرها ،ولأن الرياضة هي الطريق الأقرب والمجرب في تقارب، وتوحيد الشعوب وبما ان الظروف والمتغيرات التي حصلت في الماضي أبعدت العراق عن محيطه العربي ولفترة طويلة.
اليوم جاءت الدورة الخامسة والعشرين في البصرة، لتضع النقاط على الحروف ولتقول كلمتها أن العراق، ومهما عصفت به الظروف لا يستطيع أي كاهن اقتطاعه عن حاضنته العربية ولتجد حالة غير معهودة ومنذ سنين من الفرح والغبطة والسرور تعم المنطقة بأكملها، من البصرة إلى آخر نقطة على بحر العرب .
القلوب فتحت أبوابها قبل المنازل ،والمضائف حالة من الصراع،نشأ بين أبناء البصرة من يستطيع أن يسبق الآخر في احتضان الضيوف القادمين وكأنه وليد رد الى امه، بعد فترة من الابتعاد القسري هذه الحالة اليوم والتي تسود العراق من شماله إلى جنوبه بشكل خاص ،محتفيا بأخوته في أبهى صورة قد وضعت جميع قادة المنطقة ،أما تحديات ومسؤوليات جديدة تتمثل في تغيير الأولويات وإعادة النظر بالسياسات السابقة من أجل تحقيق الهدف الأسمى لهذه البطولة .
فعلى الجميع أن يعمل بموجب التطورات الجديدة، في رسم سياسات جديدة لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية ،قادرة على إيجاد حالة تنموية نستطيع من خلالها أن نكون قوة يحسب لها الآخر الف حساب ،اقتصاديا وسياسيا ولأن كل أدوات النهوض موجودة ،لم يتبقى الا المشروع المبني على أساس الشفافية والاحترام المتبادل والإرادة القادر على وضع النقاط على الحروف،لكي نبتعد عن سياسة التجاذبات والمحاور وننشغل في بناء بلداننا على وفق اجمل الصور ،والتي من الممكن أن تكون مثالا.. يحتذى به.
د. عائد الهلالي
العراق
Comments are closed.