الرياض (عربي times ) –
على وقع المعارك الدائرة في سوريا والغارات التي يشنها التحالف الدولي وروسيا على مواقع داعش، انطلقت في العاصمة السعودية الرياض أعمال مؤتمر توحيد المعارضة السورية على وثيقة سياسية مشتركة لمفاوضة وفد الحكومة في مباحثات “جنيف 3” المقرر عقدها الشهر المقبل.
هذا المؤتمر الذي يفترض أن يشكل استحقاقا هاماً على صعيد حل أزمة المعارضة المستمرة منذ سنوات، والتي تحولت إلى معارضات كثيرة، والتي بات من الصعب تصنيفها وتحديد هويتها.
وتختلف المعارضة على التمثيل، خاصة بين الإئتلاف السوري المعارض وهيئة التنسيق، وقد بدت هذه المشكلة واضحة في مطالبة الائتلاف بالحصول على الحصة الأكبر في مؤتمر الرياض، في وقت طالبت فيه الهيئة بالحصول على تمثيل مساو لحصة الائتلاف، الامر الذي يجعل توحيد المعارضة السورية أمراً شبه مستحيلاً مستقبلاً، على الرغم من جلوس الائتلاف وهيئة التنسيق لأول مرة على طاولة واحدة.
كما ان الخلافات داخل المكونات نفسها أدت إلى انقسامات وانشقاقات كما حدث مع هيئة التنسيق حين انشق منها هيثم مناع وشكل تيارا جديدا، وما يجري الآن مع الائتلاف نفسه، حيث الانقسامات والاصطفافات الداخلية واضحة.
فيما تبقى مسألة الحل السياسي المشكلة الأساس التي تحول دون توافق الفصيلين (الإئتلاف وهيئة التنسيق) على صيغة واحدة، بالرغم من التوافق الكبير في وثائقهما، غير أن الثقل الروسي السياسي ـ العسكري الذي بدا واضحا في الأزمة السورية هذا العام (منتديا موسكو 1 و 2، العملية العسكرية داخل سوريا)، قد أثمر عن نتائج سياسية مهمة، فقد بدأت هيئة التنسيق تميل إلى الطرح الروسي، على صعيد إعطاء الأولوية لمحاربة الإرهاب، وعلى صعيد عقدة الأسد والقبول به في المرحلة الانتقالية، فضلا عن تأييدها لمخرجات “فيينا 2” الذي رفضه الائتلاف وأصر على اعتماد القرار الدولي 2118 كأساس للحل.
والمسودة التي قدمها الائتلاف لمؤتمر الرياض واضحة، “مرجعية العملية السياسية في سوريا هي بيان جنيف 30 حزيران 2012 الذي صادق عليها مجلس الأمن الدولي في قراره رقم 2118 الذي نَصّ بصراحة على أن هذه العملية تبدأ بتشكيل الهيئة الحاكمة الانتقالية كاملة الصلاحيات”.
وهذه النقطة ستشكل خلافا حادا بين الجانبين في ظل إصرار الائتلاف على مواقفه في ضرورة أن لا يكون للأسد دوراً في المرحلة الانتقالية، وهو الموقف الذي يتطابق مع السعودية وتركيا وقطر.
وبناء على ما تقدم، يبدو أنه بات من الصعب توحيد قوى المعارضة والتوصل معهما إلى صيغة موحدة، فالخلاف بينهما أقوى من أي وثيقة تفاهم قد تنتج عن مؤتمر الرياض، فمثل هذه الوثيقة سرعان ما ستنهار أمام أي منعطف، فالمسألة ليست متعلقة بإنشاء وفد معارض موحد لمفاوضة النظام بحيث إذا ما انهارت المفاوضات انهار معها هذا الوفد، المسألة مرتبطة بمواقف واضحة للحل السياسي بعيدا عن المصالح الجانبية لجميع الأطراف لا سيما الفصيلين السياسيين الأكبر.
وعلى المقلب الآخر، يبدو ان المؤتمر لن يحظى بقبول دولي مع استبعاد الرياض لقوى سياسية تعتبر نفسها من مكونات المعارضة (الاتحاد الديمقراطي الكردي، الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير، المنبر الديمقراطي، حركة المجتمع التعددي)، الأمر الذي سيدفع هذه القوى الإقليمية والدولية إلى إعادة العمل على ترتيب صفوف المعارضة، خصوصا فيما يتعلق بالأكراد الذين يشكلون رأس حربة في محاربة “داعش”.
وأغلب الظن أن المجتمع الدولي بتأثير من روسيا وقبول من الولايات المتحدة سيعتمد وفدا للمعارضة أكثر تمثيلا مما سينتجه مؤتمر الرياض، الأمر الذي سيعيد الاصطفافات الإقليمية والدولية في عملية توحيد وفد للمعارضة.
Comments are closed.