واشنطن (عربي times)
ظلّ الناس يعتقدون لفترة طويلة أن حصيات الكلى حكر على البالغين في منتصف العمر وما فوق، لكن الاستطلاعات الطبية تفيد بأن صغار السن ليسوا في منأى عن الإصابة بها، وقد رُصدت حالات بحصيات الكلى لدى أطفال دون سن الخامسة.
وعلى رغم عدم توافر بيانات موثقة حول عدد الأطفال المرضى بحصيات الكلى، فإن الاختصاصيين في أمراض الكلى والجهاز البولي في الولايات المتحدة رصدوا زيادة حادة في أعداد المصابين، إلى درجة أن مستشفيات فتحت في ربوعها عيادات خاصة لعلاج حصيات الكلى عند الأطفال.
في أواخر العام 2008 نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن الدكتور كالب نلسون الباحث في كلية طب هارفارد، والذي كان يرأس بالمشاركة مركزاً لحصيات الكلى للأطفال في أحد مستشفيات بوسطن أنه «في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين كان الأطباء يعاينون طفلاً واحداً مصاباً بحصيات في الكليتين مرة واحدة كل بضعة أشهر، أما الآن فإننا نرى طفلاً في الأسبوع».
والسؤال هو: ما هي الأسباب التي أدت إلى زيادة أعداد الأطفال المصابين بالحصيات الكلوية؟
تتشكل معظم حصيات الكلى من مواد طبيعية توجد أصلاً في البول، من أهمها الكلس وحامض البول ومادة الأوكزالات والسيستين وحامض البول، وعندما يزداد تركيز تلك المواد عن الحد الطبيعي تبدأ بالتراكم على شكل بلورات تكبر شيئاً فشيئاً لتعطي الحصيات.
ويعتقد الباحثون المعنيون بأمراض الجهاز البولي بأن السبب الأساس لظهور الحصيات هو الجفاف، وعدم شرب الأطفال ما يكفي من السوائل، واستهلاك الكثير من الأملاح، والإضافات الغذائية، وكثرة استهلاك ملح الطعام.
لكن هناك عوامل أخرى تساهم في تشكل الحصيات، منها ارتفاع نسبة البدانة، والتهابات الجهاز البولي، والتشوهات الخلقية، والاختلاجات، وتناول بعض الأدوية، والعوامل الوراثية. فقد تبين في خصوص الأخيرة أن الأطفال الذين تم تسجيل إصابات بحصيات الكلى في عائلتهم، هم أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالحصيات بنسبة تتراوح بين 50 إلى 60 في المئة.
وخلصت دراسة حديثة، هي الأولى من نوعها، قام بها باحثون من مستشفى كليفلاند على مرضى تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر و18 سنة مصابين بالربو وحصيات الكلى، إلى أن احتمال الإصابة بالحصيات يتضاعف أربع مرات لدى الأطفال المصابين بالأزمات الربوية، وأن العكس صحيح أيضاً. وقد تساعد نتائج هذه الدراسة الآباء والأمهات ومقدمي الرعاية الصحية في اتخاذ تدابير وقائية لحماية الأطفال الأكثر عرضة للإصابة بتكوّن حصيات الكلى.
وظهرت حالات لحصيات الكلى في الصين لدى أطفال تناولوا حليباً ملوثاً بمادة الميلامين السامة التي أضيفت بطريقة لا شرعية إلى الحليب بهدف إظهاره وكأنه حليب معزز بالمواد البروتينية.
كيف تتظاهر حصيات الكلى عند الأطفال؟
قد لا تعطي حصيات الكلية لدى الصغار عوارض تذكر، وربما تكتشف بالصدفة خلال تحريات روتينية أخرى أو بعد حدوث مضاعفات. ولكن يمكن أن تتظاهر الحصيات بعوارض مثل الألم في البطن، والغثيان، والتقيؤ، وكذلك كثرة التبول والألم المبرّح أثناء التبول. وإذا كبرت الحصية أو تحركت فإنها تؤدي إلى ظهور الدم في البول.
وتعطي أشعة إكس فرصة كبيرة في رصد الحصية الكلوية وكذلك في التعرف إلى مكانها وعلى شكلها وأبعادها. أما اختبارات الدم، فقد تكشف النقاب عن وجود مواد متهمة في إثارة تشكل الحصية مع مرور الوقت.
كيف يتم علاج حصيات الكلية عند الصغار؟
إذا كانت الحصية لا يتجاوز قطرها خمسة ميلليمترات فإن الطبيب يلجأ أولاً إلى محاولة تمرير الحصوة طبيعياً عبر مجرى البول مع وصف الأدوية المسكنة لتجنب الآلام الشديدة التي قد يشعر بها الطفل أثناء مرور الحصية. ويحتاج الطفل في هذه الحالة إلى تناول الكثير من السوائل لتسهيل عبورها إلى الفضاء الخارجي للجسم. أما إذا كان قطر الحصية أكبر من تسعة ميلليمترات أو كانت تسد مجرى البول فإنه لا مناص في هذه الحال من اللجوء إلى حلول أخرى، مثل تفتيت الحصية بالموجات فوق الصوتية إلى أجزاء صغيرة يمكن أن تنساب بسهولة من مجرى البول، أو قد يستعين الطبيب بالمنظار لتدمير الحصية أو لإخراجها عنوة من مكانها.
كيف يمكن الوقاية من حصيات الكلى عند الأطفال؟
ذكرنا أعلاه أن المسببات الأساسية لظهور الحصيات في الكلى هي عدم شرب الأطفال ما يكفي من الماء، واستهلاك الكثير من الأملاح والإضافات الغذائية، وفرط استهلاك ملح الطعام، لذلك يجب العمل على هذه المحاور الثلاثة، أي أن يشرب الطفل كميات كافية من الماء، وتحديد الكميات التي تزخر بالأملاح والإضافات الكيماوية، وعدم الإفراط في استهلاك البروتينات الحيوانية التي تزيد من نسبة تشكّل الحصيات. ولا ننسى الأهمية الكبرى لتقليل نسبة الملح (المسمى علمياً باسم كلوريد الصوديوم) في الطعام المطبوخ أو في الطعام الجاهز، لأن هذا الأمر يساعد كثيراً الكلية على القيام بعملها على أفضل ما يرام… وعلى كل أم وأب أن يعرف جيداً معنى هذا الكلام.
Comments are closed.