واشنطن (عربي times)
اعتبرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن القمة “الأمريكية الأفريقية” التي انطلقت فعالياتها، أمس الثلاثاء، في واشنطن بمثابة خطوة لإعادة العلاقات بين واشنطن والقارة السمراء التي تراجعت إلى حد كبير خلال السنوات الماضية، مع تنامي النفوذ الروسي والصيني هناك.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحرب في أوكرانيا كشفت عن انقسامات حول جهود الولايات المتحدة لعزل موسكو. وذكرت أن قمة بايدن تسعى مع القادة الأفارقة إلى إعادة العلاقات مع قارة منقسمة بين حكوماتها بشأن نهج واشنطن المتشدد تجاه موسكو، والتي تتحدى فيها الصين وروسيا القوة الأمريكية.
وتأتي القمة – التي تستمر ثلاثة أيام – بعد أكثر من ثماني سنوات من دعوة الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، للمرة الأولى قادة من جميع أنحاء أفريقيا إلى البيت الأبيض. ومن المقرر أن تركز المحادثات على المساعدات الاقتصادية لأفريقيا، فضلاً عن تعزيز الرعاية الصحية وتغير المناخ والأمن.
وقالت الصحيفة إنه تم التودد إلى العديد من الدول الأفريقية من قبل قوى عالمية أخرى، بما في ذلك روسيا وتركيا، والأهم من ذلك الصين التي كان منتداها كل ثلاث سنوات للعلاقات بينها وبين أفريقيا مكانًا رئيسًا لتوسيع نفوذ بكين في القارة.
وأضافت أن القمة تأتي في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى تجميع تحالف عالمي يهدف إلى عزل روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا والحفاظ على دعم كييف في جهودها الحربية، حيث واجهت إدارة بايدن مقاومة من بعض أكبر الدول النامية في العالم، بما في ذلك البرازيل والهند وجنوب أفريقيا.
وكانت 28 دولة أفريقية فقط أيدت قرارًا في مارس الماضي بالجمعية العامة للأمم المتحدة أدان روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، بينما امتنعت القوى الإقليمية الكبرى، بما في ذلك جنوب أفريقيا ونيجيريا، عن التصويت. وحظي قرار منفصل بإخراج روسيا من مجلس حقوق الإنسان الدولي في أبريل بتأييد 10 دول أفريقية فقط.
وقالت “الجورنال”، إن هذه المواقف تعكس جزئيًّا العلاقات التاريخية لروسيا مع الحكومات التي حظيت بدعم موسكو خلال نضالها من أجل الاستقلال عن الاستعمار الأوروبي، لكنها أيضًا نتيجة لسنوات كانت واشنطن خلالها أكثر تركيزًا على علاقاتها في آسيا والسياسة الداخلية أكثر من تركيزها على القارة السمراء.
وأضافت أن العلاقات بين الولايات المتحدة وأفريقيا وصلت إلى مرحلة متدنية منذ عهد الرئيس السابق، دونالد ترامب، عندما وصف الدول الأفريقية بأنها “قذرة”. وتابعت “تعمقت الصعوبات التي تواجه القارة في الحصول على لقاحات كورونا، ما جعل القادة يتصورون بأنهم يحتلون مرتبة متدنية في قائمة أولويات السياسة الخارجية الأمريكية”.
وأردفت الصحيفة “أشار السياسيون الأفارقة إلى السهولة التي وافقت بها الولايات المتحدة وأوروبا على حزم المساعدات وشحنات الأسلحة لأوكرانيا، في حين تكافح دول القارة مع تفاقم الجوع وارتفاع تكلفة الديون مع قيام مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة.”
غموض في ليبيا حول تسليم أبو عجيلة
وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن عملية نقل مشتبه فيه ليبي إلى الولايات المتحدة لمحاكمته في تفجير “طائرة لوكربي” عام 1988، قد أدى إلى إثارة التوترات في ليبيا، حيث رأى البعض في الدولة المنقسمة أن التسليم – الذي حدث في ظل ظروف غامضة – كان “اختطافًا وليس تسليمًا شرعيًّا”.
وكانت واشنطن أعلنت، الأحد، أن مكتب التحقيقات الفدرالي (إف. بي. آي) قد ألقى القبض على المشتبه فيه، أبو عجيلة محمد مسعود، فيما يتعلق بتفجير “رحلة بان آم 103″، التي كانت متجهة إلى نيويورك من لندن عندما انفجرت فوق لوكربي بأسكتلندا، ما أسفر عن مقتل 270 شخصًا كانوا على متنها.
ونقلت الصحيفة عن أقارب مسعود (71 عامًا)، وهو ضابط مخابرات ليبي سابق يشتبه في أنه سلم شركاءه الحقيبة التي تحتوي على القنبلة المستخدمة في الهجوم، قولهم إنه تم اختطاف الرجل من منزله. ولم يتضح على الفور من الذي سلم مسعود للأمريكيين، بحسب ذكر الصحيفة.
ولم تعلق الحكومة المؤقتة المعترف بها دوليًّا، ومقرها غرب البلاد، على عملية التسليم ولا يُعرف سوى القليل عن الدور الذي لعبته السلطات الليبية. ولم يذكر المسؤولون الأمريكيون أيضًا تفاصيل التسليم.
وقالت الصحيفة إن ليبيا كانت منذ سنوات دولة منقسمة مع حكومات متنافسة في الأجزاء الشرقية والغربية ومجموعة من الميليشيات المسلحة التي تدعم الحكومة المؤقتة برئاسة، عبد الحميد الدبيبة، مشيرة إلى أن احتمال قيام إحدى الميليشيات بتسليم مسعود، أو قيام الحكومة المؤقتة بذلك لجلب الدعم الأمريكي، قد تم انتقاده في بعض أنحاء ليبيا.
وفي هذا الشأن، نقلت “نيويورك تايمز” عن منشور كتبه أحمد شركس، وهو سياسي من شرق ليبيا معارض للحكومة المؤقتة التي تتخذ من العاصمة طرابلس مقرًّا لها، قال فيه “هل تعتقد هذه العصابة أن تسليم مواطن ليبي عن طريق الاختطاف سيجعل الحكومة تستمر لفترة أطول؟”.
كما اتهم البرلمان الليبي أي شخص متورط في اعتقال مسعود وتسليمه بـ”الخيانة العظمى”، وطالب المدعي العام باتخاذ الإجراءات القانونية. وأعرب آخرون عن انزعاجهم من أن عملية التسليم قد أحدثت أحد أكثر الفصول إثارة للقلق في تاريخ ليبيا الحديث.
وتم إطلاق سراح مسعود من السجن في ليبيا هذا العام بعد أن قضى عقوبة بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمة العمل ضد “الثورة” التي أطاحت بالزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي. ووفقًا لتقرير الصحيفة، زعمت عائلته قبل نحو شهر أن مسلحين يرتدون ملابس مدنية اختطفوه من منزله في طرابلس.
Comments are closed.