بوتين بين ناري الانسحاب واستمرار الحرب

لندن (عربي times)

تناولت أبرز الصحف العالمية الصادرة صباح اليوم، السبت، آخر تطورات الحرب الأوكرانية، وسط تقارير تكشف أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لا يستطيع التراجع عن الصراع لأن القرار قد يهدد “بقاءه الشخصي”، على الرغم من الانتكاسات التي تعرضت لها قواته في ساحات القتال.

يأتي ذلك فيما ذكرت الصحف أن القوات الأوكرانية “تتسلح” بالذكاء الاصطناعي للتفوق على نظيرتها الروسية. وفي الصين، سلطت الصحف الضوء على أزمة “شح الدواء” في البلاد التي من شأنها أن تهدد الوضع الصحي هناك.

بوتين عالق “بين نارين”

نقلت مجلة “نيوزويك” عن جنرال أمريكي متقاعد قوله إن بوتين أصبح حاليًا في وضع لا يمكنه فيه تحقيق مكاسب كبيرة في حربه في أوكرانيا، لكنه أيضًا لا يستطيع التراجع عن الصراع لأن “بقاءه الشخصي” بات على المحك.

وقال باري ماكافري إن الزعيم الروسي “فقد بالفعل الحيلة العسكرية” في أوكرانيا، بما في ذلك تحقيق الأهداف الاستراتيجية مثل الاستيلاء على العاصمة الأوكرانية، كييف، وساحل البحر الأسود بأكمله، بما في ذلك مدينة أوديسا الساحلية.

ووفقاً لتقرير المجلة الأمريكية، قدم يوري جوكوف، أستاذ العلوم السياسية بـ”جامعة ميتشيغان”، تقييمًا مشابهًا إلى حد ما مع ماكافري، لكنه شدد على أن عدم قدرة بوتين الحالية على تحقيق الأهداف الرئيسية “قد تتغير في المستقبل”.

وصرح جوكوم للمجلة بأنه إذا شنت روسيا هجومًا آخر للسيطرة على كييف في ربيع عام 2023، فمن غير المرجح أن تنتهي بنجاح، لكنه رأى أن هذه الخطوة قد يكون لها فائدة عسكرية بشأن إجبار أوكرانيا على تحويل الموارد من أجزاء أخرى من الصراع للدفاع عن كييف، مما يخلق فرصًا لروسيا لتحقيق تقدم محتمل في الجنوب والشرق.

وقال جوكوف إن وضعًا مشابهًا يحدث بالفعل، حيث تشن روسيا موجات من الضربات ضد البنية التحتية الحيوية لأوكرانيا، مما أجبر الدولة التي مزقتها الحرب على الاختيار بين دعم مجهودها العسكري أو الدفاع عن المراكز المدنية.

وأضاف جوكوف: “بوتين يلعب لعبة طويلة. بعد أن فشل في تقديم ضربة قاضية حاسمة في المرحلة الأولى من الحرب، فإنه يراهن على أن الصراع الذي سيطول أمده سوف يخدم مصلحة روسيا.”

وتابع: “هذا ليس افتراضًا غير منطقي، لأن الحرب الطويلة ستتطلب مساعدة عسكرية غربية مستمرة ومتصاعدة، والدعم السياسي لمثل هذه المساعدة يتضاءل في أوروبا والولايات المتحدة”. وأشار المصدر إلى ردود الفعل السلبية من قبل بعض أعضاء الكونغرس على الزيارة التي قام بها الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إلى واشنطن، الأربعاء.

وأشار جوكوف إلى أنه إذا كانت أوكرانيا غير قادرة على تعويض خسائرها بمعدات وموارد جديدة من الغرب، فإن الاستنزاف المستمر من هجمات روسيا سيؤدي في النهاية إلى زيادة خسائرها “مما يجعل من الصعب على أوكرانيا الاحتفاظ بالأرض، ناهيك عن تحرير الأراضي التي احتلها الروس بالفعل”.

وذكر جوكوف أن هذه الاستراتيجية هي التي يسعى إليها بوتين لتحقيق فوز ملموس في ساحات المعركة. وقال: “بوتين ليس بحاجة إلى التراجع أو السيطرة على كييف. إنه يحتاج فقط إلى مواصلة الضغط، وانتظار انهيار الدعم الغربي لأوكرانيا”.

وكان مجلس النواب الأمريكي قد أقر أمس الجمعة، مشروع قانون للإنفاق بقيمة 1.7 تريليون دولار يتضمن 45 مليار دولار من المساعدات الإضافية لأوكرانيا.

وقالت “نيوزويك” إنه لا يزال من غير الواضح كيف يمكن أن يلعب الجمهوريون، الذين يعارض بعضهم إرسال المزيد من الأموال إلى أوكرانيا والذين سيسيطرون على مجلس النواب أوائل العام المقبل، دوراً في معارضة أي محاولات مستقبلية لتقديم المساعدات إلى كييف.

الذكاء الاصطناعي.. سلاح أوكرانيا لتطويق الروس

ذكرت صحيفة “التايمز” البريطانية أن القوات الأوكرانية تمكنت من تطويق نظيرتها الروسية، حيث لجأت كييف إلى شركات التكنولوجيا لاستخدام الذكاء الاصطناعي الخاص بها لمواكبة “الصراع الحديث”.

وقالت التايمز، في تقرير نشرته اليوم عبر موقعها الإلكتروني، إن الجنود الأوكرانيين أحدثوا “ثورة” في طريقة خوض المعارك في القرن الحادي والعشرين من خلال شن “حرب خوارزمية” تمكنهم من التفوق على الغزاة الروس بقوات أقل بكثير.

وقال خبراء عسكريون للصحيفة البريطانية إن التقنية المتطورة في عالم الذكاء الاصطناعي التي طورتها شركات في الغرب منحت أوكرانيا ميزة تكنولوجية على روسيا، مما أدى إلى قلب مجريات الحرب.

وأضافت أنه بالرغم من أن المدفعية التقليدية لا تزال تهيمن على الحرب، إلا أن دقة الضربات الأوكرانية وسرعتها وخطورتها زادت بشكل كبير بفضل البرامج التي طورتها شركة “بالانتير” الأمريكية للتكنولوجيا.

وصرح الخبراء للصحيفة: “الروس يستخدمون مدفعيتهم كما لو كانت الحرب العالمية الأولى، لكن ما يفعله الأوكرانيون مختلف تماما. إنه جيش رقمي يقاتل جيشًا تناظريًا. ما تراه هو أن الجيش الرقمي، على الرغم من صغره، قادر على التفوق بشكل كبير على خصمه التناظري”.

وأوضحت الصحيفة أن شركة “بلانتير” ترتبط بشكل وثيق بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي. آي. إيه)، التي كانت من أوائل المستثمرين، وقد افتتحت مكتبًا في كييف.

وقالت الصحيفة إن برنامج الذكاء الاصطناعي الخاص بالشركة، والذي يعمل في أوكرانيا، يعتمد على المعلومات الاستخباراتية التي تم جمعها حول مواقع قوات العدو بواسطة الأقمار الصناعية التجارية وأجهزة استشعار الحرارة وطائرات الاستطلاع دون طيار بالإضافة إلى الجواسيس الذين يعملون خلف خطوط العدو.

وأضافت التايمز أن برنامج الذكاء الاصطناعي هذا يُستخدم لتحويل البيانات إلى خريطة تسلط الضوء على المواقع المحتملة للمدفعية والدبابات والقوات الروسية. وتابعت: “يتم إعطاء جندي أوكراني يستخدم جهازًا لوحيًا قائمة بالإحداثيات ويمكنه بعد ذلك توجيه نيرانه”.

بدوره، قال أليكس كارب، الرئيس التنفيذي لشركة “بلانتير”: “إن قوة أنظمة الحرب الخوارزمية المتقدمة كبيرة جدًا لدرجة أنها تعادل امتلاك أسلحة نووية تكتيكية ضد خصم بأسلحة تقليدية فقط”.

ووفقاً لتقرير الشركة، أثيرت مخاوف أخلاقية حول قدرة الذكاء الاصطناعي على غربلة المعلومات في زمن السلم وكذلك الحرب.

وأشارت الصحيفة إلى أن شركة “بلانتير” كانت قد بنت سمعة مثيرة للجدل بسبب ميلها إلى جعل الحكومات تعتمد على منتجاتها في مجالات مثل الرعاية الصحية، بينما أثار نشطاء الخصوصية مخاوف بشأن قوتها.

وفي عام 2019، تم استخدام تقنيتها لتتبع المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة.

 

Comments are closed.