نيودلهي (عربي times)
حذّر شركاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) الأوروبيون، مرارًا، من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يكون على استعداد لخوض حرب أوسع مع الكتلة العسكرية عبر الأطلسي بحلول عام 2028.
لكن العرض العسكري الذي نظمته الصين، في الثالث من سبتمبر/أيلول، بمناسبة الذكرى الثمانين لانتصارها على اليابان في الحرب العالمية الثانية، أثار قلق الغرب بشكل غير مسبوق، وفق صحيفة “يوراسيان تايمز”.
شهد الحدث حضور 26 رئيس دولة، واستعرضت الصين خلالها أسلحة متطورة، من صواريخ باليستية عابرة للقارات قادرة على حمل رؤوس نووية، إلى أسلحة أسرع من الصوت، ومركبات جوية غير مأهولة تشكل الأجنحة المستقبلية للطائرات المقاتلة، إضافة إلى صواريخ باليستية مضادة للسفن.
لكن الصورة الأبرز التي أثارت المخاوف الغربية كانت المشهد الذي جمع الرئيس الصيني شي جين بينغ، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، وبوتين، وهم يسيرون جنبًا إلى جنب.
هذا الود غير المألوف دفع محللي الأمن الغربيين للتخوف من تحالف عسكري جديد محتمل أُطلق عليه اسم “محور الاضطرابات”، والذي قد يكون أكثر خطورة من روسيا وحدها، وقادر على مواجهة حلف شمال الأطلسي.
ما يضاعف المخاطر هو أن الزعماء الثلاثة -شي جين بينغ، وكيم جونغ أون، وبوتين- هم حكام مدى الحياة، وأن أي صداقة بينهم قد تحمل تبعات بعيدة المدى على الجغرافيا السياسية العالمية.
كما تتيح أنظمتهم لهم تعبئة الموارد العسكرية بسرعة ودون الحاجة لموافقة شعبية، على عكس الأنظمة الديمقراطية في دول الناتو.
التحالف بين الدول الثلاث ليس فكرة جديدة، بل له جذور تاريخية؛ ففي الحرب الكورية (1950-1953)، تعاونت كوريا الشمالية مع الصين والاتحاد السوفيتي ضد تحالف تقوده الولايات المتحدة والأمم المتحدة؛ كما أن روسيا الحديثة لديها علاقات قوية مع كل من الصين وكوريا الشمالية.
وقعت روسيا وكوريا الشمالية، في يونيو 2024، معاهدة شراكة إستراتيجية شاملة تتضمن دفاعًا متبادلًا يشبه المادة الخامسة في ميثاق الناتو، وقد شارك آلاف الجنود الكوريين الشماليين في دعم روسيا في معركة كورسك.
في الجانب الآخر، أعلنت روسيا والصين عن “شراكة بلا حدود” قبل أشهر من غزو أوكرانيا، وكانت الصين المورد الأكبر للطاقة والمعدات ذات الاستخدام المزدوج لروسيا، وهو دعم أساس لاستمرار المجهود الحربي الروسي.
كما حافظت الصين وكوريا الشمالية على علاقات ودية وتبادلات تجارية رغم العقوبات الغربية، ما يعزز قدرة هذه الدول على التنسيق دون قيود خارجية.
تُعد روسيا أكبر قوة نووية، والصين الثالثة عالميًا، وكوريا الشمالية لديها ترسانة صغيرة لكنها فعالة؛ ومجتمعة، قد يمتلك التحالف ما يصل إلى 6735 سلاحًا نوويًا، مقابل 6305 فقط لحلف الناتو.
أما على الصعيد التقليدي، فقد أظهرت تحليلات صحيفة “ديلي ميل” أن تحالف الصين، وروسيا، وكوريا الشمالية، سيتفوق على الناتو في الأفراد العسكريين، الدبابات، والقوة البحرية، رغم تفوق الناتو في حاملات الطائرات، والطائرات المقاتلة، والمروحيات الهجومية.
قد تقلل القوة الصاروخية الضخمة للصين وروسيا وكوريا الشمالية، بما في ذلك الصواريخ المضادة للسفن الأسرع من الصوت، من التفوق البحري للناتو.
تحالف CRNK (الصين وروسيا وكوريا الشمالية) يمتلك 4.67 مليون جندي نشط مقابل 3.55 مليون للناتو، و3 ملايين احتياطي مقابل 2.7 مليون، و16,894 دبابة مقابل 14,125، و2,413 طائرة مقاتلة مقابل 3,312 للناتو، و7 حاملات طائرات مقابل 16 للناتو، مع الإشارة إلى أن الصواريخ المضادة للسفن قد تقلّل من فاعلية حاملات الطائرات.
حذّر خبراء الأمن الأوروبي من أن روسيا قد تشن هجومًا على دول البلطيق بحلول عام 2028، بينما تعلن الصين أنها مستعدة لتوحيد تايوان بالقوة إذا لزم الأمر.
وقد يشنّ التحالف الثلاثي هجمات متزامنة في آسيا وأوروبا، ما يجعل مواجهة الناتو له احتمال أن تكون صعبة وهائلة، وقد تؤدي إلى هزيمة ساحقة إذا حدثت المواجهة بشكل متزامن.
التحدي أمام حلف شمال الأطلسي ليس روسيا وحدها، بل احتمال قيام تحالف إستراتيجي ثلاثي بين الصين وروسيا وكوريا الشمالية، يمتلك القوة النووية والقدرة العسكرية التقليدية الكافية لمواجهة حلف الناتو بشكل مباشر، ما يضع أوروبا والولايات المتحدة أمام اختبار لم يواجهوه منذ عقود.
Comments are closed.