اسباب تجعل الاقتصاد الروسي قوياً رغم العقوبات

واشنطن (عربي times)

رغم مرور نحو 40 شهراً على بدء الحرب بين روسيا وأوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، ومعها استمرار حملة العقوبات الاقتصادية الغربية الواسعة، فإن موسكو “لا تتألم”، كما لا تزال تخوض الصراع دون تنازلات ملموسة.

ووفق تقرير لمجلة فورين “بوليسي”، فإن العقوبات في جوهرها، تفشل غالباً “لأنها تُفرض في سياقات تتوقع فيها الأطراف صراعات مستقبلية متكررة”.

فبينما يحرص الغرب على فرض عقوبات صارمة لتعزيز موقفه التفاوضي المستقبلي، لكن هذا نفسه يدفع روسيا إلى الصمود، خوفاً من أن أي تنازل يضعف قدراتها في مواجهات قادمة.

وتقول المجلة “تكون العقوبات أقل فعالية في الحالات التي تُفرض فيها بشدة”، لافتة إلى أن هذه المفارقة تنطبق تماماً على روسيا، كما تشير في المقابل إلى أن أضعف الحكومات، كإيران وفنزويلا، صمدت أمام عقوبات أمريكية شلت اقتصاديها وأثارت اضطرابات داخلية، دون تنازلات جوهرية.

كما ترى أن روسيا، كقوة أكبر من إيران وفنزويلا، أقوى في مواجهة الضغوط، خاصة مع مطالب غربية غامضة وطموحة تطالب بالتخلي الكامل عن الطموحات الإقليمية في أوكرانيا.

ومنذ بدء الحرب، أصبحت المطالب الإقليمية الأولوية الأعلى في السياسة العالمية، حيث بذلت موسكو دماء وأموالاً هائلة للسيطرة على أراضٍ أوكرانية، وضمت أربع مناطق رسمياً، ما يجعل التنازل عنها مستحيلاً قانونياً وفق الدستور الروسي.

غياب التعاون الدولي
كما تضيف “فورين بوليسي” عوامل أخرى أبرزها أن التعاون الدولي في تطبيق العقوبات على روسيا “محدود”، إذ يتجاهل “الجنوب العالمي” العقوبات، فيما يتوقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تفكك التحالف الغربي، خاصة مع تقلبات إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.

وبينما هدّد ترامب بتشديد العقوبات، عندما فرض رسوماً على الهند لشرائها النفط الروسي، تجاهل في المقابل الصين رغم أنا وارداتها هي الأكبر.

كما عبّر وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، وهو المؤيّد التاريخي للعقوبات، عن تشكيكه الآن في فعاليتها، قائلاً إنها “تستغرق شهوراً أو سنوات” لتؤثر، ولا دليل على أن المزيد سيجبر بوتين على وقف إطلاق النار.

الإكراه وأغراض أخرى
تعتقد “فورين بوليسي” أن “العقوبات ليست مجرّد إكراه، بل لها أغراض أخرى”، مشيرة بذلك إلى تعزيز مبدأ السيادة الإقليمية، فمنذ الحرب العالمية الثانية، يُحظر الاستيلاء على أراضٍ بقوة، وتبعث العقوبات برسالة للدول ذات التوجهات التعديلية بأن إعادة رسم الحدود تكلف باهظاً.

كما قد يكون هدف العقوبات إضعاف القدرة على حرب طويلة الأمد، كما في كتاب ماريا غرينبرغ “التجارة في الحرب”، حيث تتوسع العقوبات مع طول الصراع لتقييد التقنيات ذات الاستخدام المزدوج، إذ إن تشديد حظر النفط يحد من واردات روسيا الاستراتيجية، ما يرجح كفة أوكرانيا.

وتخلُص المجلة إلى أن “مفارقة العقوبات” صالحة بعد ربع قرن، فرغم أن روسيا لا تتألم اقتصادياً الآن، فإن تشديدها لن يكون للإكراه الفوري، بل للضغط طويل الأمد.

Comments are closed.