لندن (عربي times )
قالت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، إن بلادها “تريد خروجاً كاملاً من الاتحاد الأوروبي، لا نصف خروج كما يقول البعض، إلا أنها تريد في المقابل اتفاقية تجارة حرة مع السوق الأوروبية الموحدة”.
وأضافت ماي في خطاب ألقته، امس، أن الاتفاقية التي تسعى إليها لندن، تعكس “الصداقة التي تجمعها مع الأوروبيين، ومنح الجانبين أكبر المصالح الاقتصادية الممكنة”.
كما أشارت، إلى أن “العلاقة التي تجمع بريطانيا بالاتحاد الأوروبي سيصعب فصلها في وقت قصير، ودون تقسيم للعملية إلى مراحل”.
وتابعت “إن البعض يريد خروجاً عقابياً لبريطانيا يردع بقية الدول الأوروبية، الأمر الذي لا يعكس روح الصداقة بين الجانبين”.
وأضافت “أريد أن أزيل الحدود أمام التجارة قدر المستطاع وأريد لبريطانيا أن تكون حرة لتحديد جداول رسومها الجمركية في منظمة التجارة العالمية وهو ما يعني أن بإمكاننا التوصل إلى اتفاقات تجارة جديدة ليس فقط مع الاتحاد الأوروبي ولكن أيضا مع أصدقاء قدامى وحلفاء جدد من خارج أوروبا”.
كما أعلنت رئيسة الوزراء أن أي اتفاق للخروج من الاتحاد الأوروبي يجب أن يخضع لموافقة البرلمان البريطاني بمجلسيه.
وفي مسعى لتهدئة المخاوف من حدوث صدمة في الاقتصاد في حال الخروج المفاجئ من الاتحاد الأوروبي، قالت ماي إنها ترغب في تجنب وقوع “نقلة عنيفة” للشركات حين تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وإنها تدعم إجراء تعديلات تدريجية متعلقة بالهجرة والجمارك وكذلك في لوائح قطاعات مثل الخدمات المالية.
وأضافت “لكنني بهذا لا أعني أننا سنسعى إلى شكل ما من أشكال الوضع الانتقالي غير المحدود والذي سنجد فيه أنفسنا عالقين إلى الأبد في أزمة سياسية دائمة”.
وأمام بريطانيا مهلة عامين من التفاوض على اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي فور تفعيل ماي المادة 50 من معاهدة لشبونة التي تعد إعلانا رسميا عن نية بريطانيا في الخروج من الاتحاد، وإلا فإنها تخاطر بالخروج من الاتحاد دون التوصل إلى اتفاق.
حذرت ماي الاتحاد الأوروبي من فرض أي إجراءات عقابية في إطار أي اتفاق على خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي وقالت إن ذلك سيكون “عملا كارثيا ينتج عنه إلحاق الأذى بالذات”. وأضافت أن “عدم حصول بريطانيا على اتفاق هو أفضل من حصولها على اتفاق سيء”.
ووعدت ماي بتفعيل المادة 50 بنهاية مارس وقالت إنها تعتقد أنه يمكن التفاوض على تسوية نهائية واتفاق تجارة بشكل متزامن في إطار عامين.
ويشكك البعض في هذا الإطار الزمني حيث قال وزير خارجية النمسا هانز يورغ شلنغ أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيستغرق خمس سنوات.
وأضاف “من غير الواضح ما إذا كان من الممكن التفاوض على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وشروط التعاون المستقبلي في نفس الوقت”.
ورحب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير بقيام بريطانيا “أخيرا بتقديم بعض التوضيحات” حول بريكست، وذلك تعليقا على خطاب ماي.
وسيلقى توجهها ترحيبا من الراغبين في الخروج من الاتحاد الأوروبي، إلا أنه سيثير مخاوف من تأثيره على الاقتصاد البريطاني.
واتهم وزير المالية الفرنسي ميشيل سابان حكومة ماي بأنها تقوم بصياغة سياستها التفاوضية ارتجاليا. وأضاف “لا أحد مستعد .. تستطيعون أن تروا بوضوح أنهم يرتجلون، ويترددون ما بين المواقف التصالحية والمواقف الأكثر تشددا”.
بينما أثنى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فاعتبر في مقابلات صحافية الأحد أن بريكست هو “أمر عظيم”، معلنا عزمه إبرام اتفاق تجاري مع بريطانيا “سريعا”.
ولكن اتفاقا كهذا يصعب تحقيقه سريعا على أرض الواقع إذ لا يسمح لبريطانيا بتوقيع اتفاقات تجارية مع طرف دولي ثالث قبل أن تخرج رسميا من الاتحاد الأوروبي. وبموجب قانون الاتحاد الأوروبي فإن فترة تفاوض أي دولة للخروج تمتد على عامين.
وصرح كبير مفاوضي البريكست في الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه أنه يجب التوصل إلى اتفاق قبل انتخابات البرلمان الأوروبي في 2019.
ولكن حتى لو حصلت خطة ماي على تأييد واسع، إلا أن الطعون القانونية يمكن أن تعرقل تنفيذها في إطار الموعد الزمني المحدد لذلك.
بينما انتقدت المعارضة البريطانية تصريحات ماي خطتها للانسحاب من الاتحاد الأوروبي ووصفتها بأنها “متهورة” و“مدمرة”، وبأنها عبارة عن “فوضى تامة.
وتساءل ديفيد لامي وهو عضو بمجلس النواب عن حزب العمال على حسابه بتويتر قائلا “هل انتظرنا شهورا من أجل ذلك؟ من أجل ماذا انتظرنا بالضبط ؟”.
وقال لامي إن تصريحات ماي بدت “من دون معنى على الإطلاق، وخالية من أي مضمون”، وأضاف “يا لها من فوضى تامة”.
وأيد لامي تصويتا برلمانيا حول ما إذا كان يجب على بريطانيا المضي قدما في عملية الخروج أو التراجع عنها، مشيرا إلى أن الاستفتاء له طابع استشاري فقط.
وقال لامي “دعونا لا ندمر اقتصادنا على أسس من الأكاذيب وعجرفة وزير الخارجية بوريس جونسون”.
بينما قال تيم فارون زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي “يمكنك أن تطلق على هذه الخطة للخروج من الاتحاد الأوروبي أنها نظيفة أو حمراء أو بيضاء أو زرقاء أو أي وصف تريده”.
وأضاف فارون “غير أن مثل هذه الأوصاف لا يمكن أن تخفي حقيقة أنها ستكون خطة مدمرة وصعبة، وسيشعر بنتائجها الملايين من المواطنين من خلال ارتفاع الأسعار وتزايد عدم الاستقرار وارتفاع تكلفة الوقود”.
Comments are closed.