اجتماع بولندا.. هل ينقذ الأرض من الاحتباس الحراري؟

وارسو (عربي times)
من جديد، يجمع تغيّر المناخ دول العالم، وهذه المرة في مدينة “كاتوفيتسه” البولندية، في افتتاح الدورة الرابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بهذا الشأن، بين يومي 2 و4 ديسمبر 2018.

وتشرف الأمم المتحدة على هذه المؤتمرات السنوية، وهي التي ترعى الاتفاقية الإطارية حول التغير المناخي، وسبل التصدي للانبعاثات الحرارية والتكيف مع انعكاسات الظواهر المناخية، لتضمن تطبيق قواعد صارمة وواعدة لتنفيذ اتفاقية باريس بخصوص المناخ.

وسيمهد هذا اللقاء الذي تشارك به قرابة 200 دولة الطريق أيضاً للتحضير للدورة الخامسة عشرة لمؤتمر الأطراف، في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي التي ستعقد في الصين عام 2020.

مؤتمر الأطراف، أو (COP)، هو الأول منذ صدور تقرير اللجنة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي، حول كبح ارتفاع حرارة الأرض درجة ونصف، وذلك في أكتوبر الماضي.

وقالت اللجنة الدولية إنه من أجل تحقيق هدف درجة ونصف، فإن الحكومات عليها خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنحو 45 %بحلول عام 2030.

– تحديات

ينعقد المؤتمر الدولي في ظل تحديات تهدد بفشل الجهود الدولية لتجاوز معضلة الاحتباس الحراري التي تهدد وجود البشرية على الأرض.

ويتربع على قمة هذه التحديات إعلان الولايات المتحدة الأمريكية الانسحاب من اتفاقية باريس العالمية لمكافحة التغيّر المناخي، حيث أعلن ذلك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في يونيو 2017، بعد 18 شهراً على توقيع الاتفاقية، مبرراً ذلك بذريعة “حماية أمريكا وشعبها”.

ويشكّل الانسحاب الأمريكي من الاتفاقية تفكّكاً فعلياً للاتفاق التاريخي الذي أبرم تحت رعاية الأمم المتحدة، وهدف إلى وقف ارتفاع حرارة الأرض؛ عبر خفض انبعاثات غازات الدفيئة، الذي كانت بكين وواشنطن، في ظل رئاسة باراك أوباما، أبرز مهندسيه.

التحدي الثاني يتمثل بالمشاريع الجديدة التي يحملها الرئيس البرازيلي الجديد، جايير بولسونارو، الذي سيتولى مهامه في يناير 2019، فقد أعلن عن مشاريع كثيرة تتنافى تماماً مع التزامات بلاده بالمساهمة في الحد من الانبعاثات الحرارية والحفاظ على التنوع الحيوي، ومن تلك المشاريع شق طرق في غابة الأمازون، وإطلاق عدة برامج من شأنها تحويل هذه الغابة من معين للتنوع الحيوي ورئة تتنفس عبرها الكرة الأرضية إلى مصدر من مصادر تلويث الجو وإضعاف التنوع الحيوي.

ومع بدء محادثات بولندا، حذرت أربع شخصيات بارزة، تقف وراء جهود مكافحة التغير المناخي، من أن العالم يقف “في مفترق طرق”.

وفي خطوة نادرة، دعا أربعة رؤساء سابقين للمحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة، دول العالم إلى اتخاذ تحرك حاسم، بحسب ما نقلت شبكة “بي بي سي” الاثنين.

ويعد مؤتمر المناخ، الذي انطلق في مدينة “كاتوفيتسه” البولندية، هو الأكثر أهمية منذ اتفاق باريس الموقع عام 2015.

ويقول خبراء إن الخفض القوي للانبعاثات الغازية سيكون ضرورياً، إذا ما كان العالم يرغب في أن يحقق الأهداف التي اتفق عليها في باريس.

وبدأت المفاوضات في المؤتمر، المسمى “كوب 24″، قبل انعقاده الرسمي بيوم، لأن المفاوضين تحت ضغط من أجل تحقيق تقدم.

– رهانات المؤتمر

تعلق الأمم المتحدة آمالها على مؤتمر المناخ العالمي في دورته الرابعة والعشرين، وهي تراهن على حمل البلدان الصناعية وذات الاقتصادات الناشئة والبلدان النامية على الإيفاء بالتزاماتها لخفض الانبعاثات الحرارية بموجب اتفاق باريس حول المناخ، وقد أظهرت المعلومات الأممية أن 16 بلداً فقط من أصل 196 أوفت بالتزاماتها بخصوص الاتفاق.

ويدعو اتفاق باريس إلى حصر معدل ارتفاع درجات حرارة الكرة الأرضية في درجتين اثنتين أو درجة ونصف في نهاية القرن 21 عما كان عليه الأمر في منتصف القرن التاسع عشر، أي في بداية الثورة الصناعية.

ولأول مرة توصل العالم إلى اتفاق بشأن المناخ في باريس عام 2015، ويتلخص في نقاط أساسية؛ أولها إقراره بأن مسؤولية التصدي لتحدي تغير المناخ هي مسؤولية مشتركة بين الدول ولكنها تتفاوت بحسب قدرات كل دولة، واختلاف السياق الوطني لكل واحدة منها، وإلى جانب الالتزامات المالية للبلدان الصناعية يتعين على هذه البلدان تيسير نقل التكنولوجيا والتكيف مع الاقتصاد الخالي من الكربون.

الاتفاق العالمي يلزم قانوناً الدول الموقعة عليه برسم استراتيجيات إنمائية لا تتسبب إلا في انبعاثات طفيفة من الغازات الدفيئة في الأجل الطويل.

وفُتح الباب للدول للتوقيع على الاتفاق في أبريل 2016، بنيويورك كي يدخل حيز التنفيذ في عام 2020، وحدد القرار المرفق بالاتفاق عدة مراحل للتطبيق وهي؛ مراجعة المساهمات في عام 2018، ورصد الأموال لبلوغ مئة مليار دولار في السنة بحلول عام 2020.

– مخاطر تواجه العالم

تقف الدول المشاركة بمؤتمر بولندا أمام تحد خطير يتعلق بتزايد المخاطر التي تحيط بالحياة على الأرض، فقبل أيام من انعقاده تحدث التقرير السنوي التاسع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، الصادر يوم 27 نوفمبر الماضي، عن أن معدل انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الأرض قد يتجاوز المستوى المطلوب للحفاظ على زيادة حرارة الأرض بنحو درجتين مئويتين فقط خلال القرن الحالي، إذ إن الزيادة ستتراوح بين 13 و15 مليار طن في عام 2030.

وحلل التقرير أثر أهداف وسياسات الدول لخفض الانبعاثات، وإن كانت كافية لجعل متوسط الزيادة في درجات الحرارة على مستوى العالم عند حد أكثر أماناً يقل عن درجتين مئويتين.

وقال برنامج الأمم المتحدة للبيئة في بيان، إن المعدل السنوي للانبعاثات بلغ 53.5 مليار طن في عام 2017، وهو رقم قياسي بعد ثلاثة أعوام من التراجع.

وذكر أن معدل الانبعاثات في عام 2030 يجب أن يكون 25% أقل من معدل العام الماضي حتى تكون الزيادة في درجة حرارة الأرض بنحو درجتين فقط، وأن تكون بمعدل 55% أقل حتى تكون الزيادة بنحو 1.5 درجة فقط.

وأضاف: “إن الانبعاثات المتزايدة، وقصور إجراءات مواجهتها، يعني أن الفجوة خلال تقرير هذا العام ستكون أكبر من أي وقت مضى”.

وتابع التقرير: “إذا لم يتم سد فجوة الانبعاثات بحلول عام 2030 فمن المعقول جداً أن يصبح هدف جعل زيادة حرارة الأرض دون درجتين مئويتين صعب المنال”.

ومن ثم فإن “تحقيق هذا الهدف سيتطلب من الدول أن تضاعف جهودها الحالية بثلاثة أمثال، فيما ستحتاج الدول إلى مضاعفة جهودها الحالية بنحو خمسة أمثال حتى تحقق هدف 1.5 درجة الأكثر طموحاً”.

وقال برنامج الأمم المتحدة للبيئة: إن “جهود أكبر 20 دولة في العالم من حيث الاقتصاد لن تجعلها مجتمعة تحقق تعهداتها في هذا الصدد بحلول عام 2030″، مستدركاً: “لكن في الوقت ذاته يزداد التزام مؤسسات، مثل المدينة والدولة والحكومات المحلية والشركات والتعليم العالي ومنظمات المجتمع المدني، تجاه الممارسات الصديقة للبيئة. وهذه المؤسسات تمثل عاملاً مهماً في تحقيق أهداف الانبعاثات العالمية”.

وبإمكان تلك المؤسسات المساهمة في الحد من الانبعاثات بما يعادل نحو 19 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030. وأفاد التقرير بأن هذا الرقم كاف لسد فجوة الدرجتين المئويتين.

في غضون ذلك، اتسعت الفجوة بشكل غير مسبوق بين ما تقول الدول إنها تفعله وما يجب فعله.

وقال غيبرو جيمبر أنداليو، الذي يرأس مجموعة الدول الأكثر فقراً في المفاوضات: “تقرير اللجنة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي أوضح جلياً أن أي زيادة طفيفة في درجة حرارة الأرض أمر مهم، خاصة بالنسبة للدول الأقل تقدماً”.

وأَضاف: “لكنه يعطي بعض الأمل، عبر تأكيد أن كبح الاحترار العالمي إلى درجة ونصف لا يزال ممكناً. هنا في كاتوفيتسه، علينا أن نعمل معاً بشكل بنّاء لضمان أن يصبح هذا الهدف حقيقة واقعة”.

وفي الحقيقة، فإن المهمة ملحة لدرجة دفعت بعض المفاوضين لبدء اجتماعاتهم الأحد، قبل يوم من البداية الرسمية للمؤتمر.

Comments are closed.