“اثيوبيا ” عرقيات متناحرة ودولة عميقة غاضبة

أديس أبابا (عربي times)

محاولات انقلابية وصدامات دامية لا تكاد تهدأ في إثيوبيا فكيف لدولة يقودها فائز بجائزة نوبل للسلام، أن تشهد كل هذه الاضطرابات التي دفعتها لقطع الإنترنت 4 مرات على الأقل في عام واحد، وهو أمر نادر حتى على مستوى العالم؛ فما الذي يجري في إثيوبيا؟

شهدت إثيوبيا عام 2019 محاولة انقلابية في منطقة أمهرة قتل على إثرها رئيس أركان الجيش الإثيوبي وهو من عرق تيغراي.

ومطلع العام الحالي بلغت التوترات ذروتها إثر اغتيال هاشالو هونديسا وهو مغن شهير من عرق الأورومو لتندلع احتجاجات عنيفة أدت إلى قتل وجرح المئات، وسط تجدد مشاعر مظلومية الأورومو مما يصفونه ”الإقصاء التاريخي“ من السلطة السياسية.

كل ذلك يأتي بينما تشعر البلاد بالصدمة الاقتصادية جراء تداعيات وباء كورونا إلى جانب موجة جراد مدمر وفيضانات ناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة بشكل غير عادي.

وسط هذا المشهد الدرامي تبدو إثيوبيا بلدا يغلي من الداخل وسط تحديات تحاصر صانع السلام ”أبي أحمد“ والأسوأ من ذلك أنها قد تعرض التقدم الاقتصادي في البلاد إلى الخطر.. فإلى أين تتجه إثيوبيا؟

حكم الأقلية

ينتمي سكان إثيوبيا البالغ عددهم 100 مليون نسمة إلى عشرات الجماعات العرقية التي تتداخل مطالبها في الأرض والموارد والنفوذ.

وتشرف الحكومة الاتحادية في العاصمة أديس أبابا على تسع ولايات إقليمية قائمة على العرق وتتمتع بحكم ذاتي يمنحها السلطة على إيراداتها وقوى الأمن فيها.

أبناء عرق ”تيغراي“ يتركزون في المرتفعات الشرقية الإثيوبية في إقليم تيغراي، ورغم أن عددهم لا يتجاوز نحو 6% فقط من سكان إثيوبيا، إلا أنهم هيمنوا على السلطة بقبضة حديدية منذ العام 1991، وسيطروا على التوترات العرقية بقمع كل أشكال المعارضة وحظر النزعات العرقية بشكل كامل.

وفي العام 2018 تغيرت الأمور مع فقدان عرق تيغراي للحكم، وتسلُم رئيس الوزراء أبي أحمد للسلطة، فقد بدأ عهد جديد من الحريات الإعلامية ورفع الحظر عن بعض الجماعات الانفصالية وأطلق سراح آلاف السجناء السياسيين.

عودة التوترات

أطلق أبيّ أحمد العنان لإصلاحات سياسية واقتصادية طموحة سرعان ما أحيت النزاعات الحدودية القديمة بين الولايات. لتبدأ الجماعات العرقية تطالب بأراض وموارد، وفي الوقت نفسه ظهرت مطالب جماعات أصغر سئمت التهميش.

واستغلت قيادات محلية فرصة الحريات الجديدة لإعلاء النزعة العرقية واستعراض العضلات بما في ذلك أكبر جماعة عرقية في إثيوبيا، عرقية ”الأورومو“ التي ينحدر منها أبي أحمد وتشكل نحو 35% من السكان، والتي تتركز بوسط إثيوبيا، وظلت تشكو منذ فترة طويلة التهميش والاستبعاد من السلطة.

ورحبت هذه العرقية في البداية بتولي أبي أحمد رئاسة الحكومة، لكن بعضهم يقولون الآن إنه لم يبذل جهدا كافيا من أجل مجتمعه العرقي ويشككون في جدارته كزعيم من الأورومو.

مصدر آخر من مصادر التوتر في إثيوبيا هو شعور عرق تيغراي وما يعرف بالدولة العميقة بأن التغييرات التي أجراها أبي أحمد تستهدفهم لاسيما التغييرات التي أجراها في الجيش وأجهزة المخابرات.

وهناك أيضا مطالب عرقية أمهرة التي تتركز في الشمال، وتعد ثاني أكبر العرقيات حيث يبلغ تعداد أفرادها نحو 25% من السكان ولغتها هي اللغة الرسمية للجمهورية الإثيوبية، وينتمي لها العديد من الرموز في التاريخ الإثيوبي، مثل الإمبراطور هيلا سيلاسي والزعيم الشيوعي منغستو هيلاماريام.

Comments are closed.