واشنطن (عربي times)
في وقت سابق من حزيران/ يونيو الفائت، احتل الرئيس السلفادوري نجيب بو كيله، البالغ من العمر 39 عاما، عناوين الصحف العالمية عندما أعلن- وسرعان ما أقر- مشروع قانون لجعل بيتكوين المشفرة عملة وطنية في السلفادور، مما يجعلها أول دولة في العالم تُقدم على تلك الخطوة.
ومن غير المحتمل أن يكون لهذا تأثير فوري كبير على اقتصاد السلفادور، حيث يمتلك حوالي 30% فقط من مواطني هذا البلد حسابات بنكية، وأقل من 51% لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت، وهو أمر ضروري لاستخدام بيتكوين، سيدة العملات المشفرة.
ومع هذا، فإن ذلك الحدث الذي سبقت فيه السلفادور، البلد الواقع في أمريكا الوسطى، باقي دول العالم، جدير بالملاحظة، ويستحق النقاش حول ما إذا كان ينبغي للدول الأخرى أن تحذو حذوها.
وأفردت صحيفة ”ميتشيغان ديلي“ الأمريكية تقريرا سلطت فيه الضوء على آفاق استخدام بيتكوين كعملة وطنية للدول، وما إذا كان هذا مجديا على أرض الواقع.
وقال تقرير الصحيفة إن واحدا من أبرز الأقاويل التي تصب في صالح بيتكوين، هي أنها، كما يُزعم، محصنة ضد التضخم بطريقة لا تتمتع بها العملات الورقية مثل الدولار الأمريكي.
وصرح جاك مالرز الرئيس التنفيذي لشركة ”سترايك“، وهي منصة دفع دخلت في شراكة مع الحكومة السلفادورية لتطبيق بيتكوين في البلاد، أن ”الاحتفاظ بعملة بيتكوين يوفر وسيلة لحماية الاقتصادات النامية من الصدمات المحتملة لتضخم العملات الورقية“.
ولم تعانِ السلفادور نفسها من تضخم هائل في العقود الأخيرة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى حقيقة أنها تستخدم الدولار الأمريكي وهو خيار له عيوبه الخاصة.
ومع ذلك، ففي بلدان أمريكا اللاتينية الأخرى – مثل فنزويلا، أو بدرجة أقل، الأرجنتين – التي عانت من التضخم، فإن العملة التي يُفترض أنها محصنة ضد التضخم تبدو جذابة.
وتكمن المشكلة في أن بيتكوين ليست محصنة ضد التقلبات في القيمة.
وفي الواقع، خلال الأشهر القليلة الماضية وحدها، انتقلت عملة بيتكوين من ذروة قيمتها 63347 دولارًا في 15 أبريل إلى 32404 دولارات في 22 يونيو، حيث حدثت معظم هذه الخسارة في القيمة في أسبوعين فقط.
وإذا استمر معدل التضخم هذا لمدة عام، فسيلامس ما نسبته 5،569% على أساس سنوي، وهو ما يعادل تقريبا معدل التضخم المتوقع في فنزويلا للعام 2021.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل يمكن أن تنتعش عملة بيتكوين وترتفع عن مستواها الحالي؟ بالتأكيد ”نعم“، كما تقول الصحيفة، فالقيمة الحالية لـ“بيتكوين“ تعادل تقريبا ما كانت عليه في نهاية يناير 2021، ومن الواضح أنها زادت بشكل كبير منذ ذلك الحين، وهنا تكمن المشكلة، فـ“بيتكوين“ ليست عملة مستقرة، ولكنها عرضة لنفس التذبذبات الشديدة في القيمة مثل بعض العملات الورقية، وغالبًا ما تكون أكثر.
والأسوأ من ذلك، أن هذه الاختلافات يمكن أن تكون- وقد كانت كذلك- بسبب التغييرات السياسية في بلد واحد فقط.
وانخفضت قيمة بيتكوين بنسبة 50% تقريبًا في غضون أسبوع في ديسمبر 2017، قبل وقت قصير من قيام كوريا الجنوبية، وهي دولة فيها 51 مليون شخص، بحظر حسابات التداول الجديدة.
وفي الآونة الأخيرة، قضت حملة الصين الشرسة المناهضة للعملات المشفرة على 400 مليار دولار من سوق العملات المشفرة العالمي في الأيام الثلاثة التي أعقبت 18 يونيو الماضي، بما في ذلك انخفاض بنسبة 16% في قيمة بيتكوين.
وتُظهر هذه الوقائع كيف يمكن للحكومات في جميع أنحاء العالم أن تتدخل في قيمة بيتكوين، على الرغم من أنها عملة لامركزية.
لذلك، وكما يلاحظ خبراء، ما لم تجتمع البلدان التي تستخدم بيتكوين في العالم لوضع قواعد تشريعية تنظم بها تلك العملة، فلا ينبغي على المدى الطويل التعويل على هذه العملة العالمية التي ستكون عرضة للأبد لصدمات قوية جدا بسبب السياسات الوطنية.
وبيتكون عملة غير مستقرة إلى حد كبير، وتستهلك قدرا ضخما من الطاقة الكهربية في عملية تعدينها، وإذا ما طُرحت بيتكوين كعملة قانونية وطنية، فسيؤدي ذلك إلى تعريض الاستقرار المالي لأي دولة تتبناها كعملة للمخاطر، وأي دولة تجعل بيتكوين عملتها الاحتياطية – كما هو الحال في السلفادور – تخاطر بقيمة احتياطياتها، ناهيك عن تأثيراتها المناخية السلبية.
Comments are closed.