لندن (عربي times)
توقعت مجلة ”الإيكونوميست“ البريطانية، أن تشتد الحرب الأهلية في أفغانستان، وأن تسعى دول مثل الصين والهند وإيران وروسيا وباكستان، إلى ملء الفراغ، الذي تركته الولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن تحويل بعض الأطراف الأموال والأسلحة إلى حلفائهم من أمراء الحرب.
وأشارت المجلة، في مقال نشرته اليوم السبت، إلى أن النتيجة ستكون المزيد من إراقة الدماء والدمار في بلد عانى من حرب مستمرة لأكثر من 40 عامًا.
ورأت المجلة، أنه سيكون هناك نقاش طويل حول مدى تقويض الانسحاب لمصداقية الولايات المتحدة ومكانتها، موضحة أن على الرغم من ثروتها وقوتها العسكرية، فشلت واشنطن ليس فقط في إنشاء دولة أفغانية قوية ومكتفية ذاتيًا، لكن أيضًا في هزيمة التمرد.
لم تعد الولايات المتحدة الأمريكية، وفقًا للمجلة، مستعدة للإلقاء بثقلها خلف حليفها المفترض، الحكومة الأفغانية، ما أثار دهشة واستياء العديد من المسؤولين الأفغان.
عودة طالبان
وذكرت المجلة أنه عندما سأل الصحفيون الرئيس الأمريكي جو بايدن، في شهر تمّوز/يوليو الماضي، عن الانسحاب الوشيك لآخر القوات الأمريكية من أفغانستان، الذي كان من المتوقع حينها أن يستغرق أسابيع قليلة، عارض بالقول: ”أريد أن أتحدث عن الأمور السعيدة، يا رجل!“.
وأضافت المجلة أن لا عجب في رغبة الرئيس بايدن في تغيير الموضوع، فقد ظلت أمريكا تقاتل في أفغانستان 20 عامًا، وأنفقت ما يفوق تريليوني دولار على الحرب، كما فقدت الآلاف من جنودها وشهدت مقتل عشرات الآلاف من الأفغان، منهم الجنود والمدنيون، والآن تدعو إلى وضع حد للمغامرة المؤسفة بأكملها.
وأشارت إلى أن تنظيم ”القاعدة“، الذي أشعل الحرب من خلال التخطيط لهجمات 11 أيلول/سبتمبر من أفغانستان، لم يعد ذا قوة كبيرة في البلاد، رغم أنه لم يقض عليه بالكامل، لكن الجماعات الإرهابية الأخرى المعادية للولايات المتحدة، بما فيها فرع من تنظيم ”داعش“، تواصل العمل في أفغانستان.
كما أن متشددي حركة طالبان، الذين آووا أسامة بن لادن وأطاحت بهم القوات المدعومة من الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر، عادوا بشكل مروع، وأصبحوا يسيطرون بشكل كامل على حوالي نصف البلاد ويهددون باحتلال الباقي، إضافة إلى أن الحكومة الموالية للغرب، التي ترعاها الكثير من الدماء والأموال الأمريكية ”فاسدة ومكروهة“ على نطاق واسع وفي تراجع مستمر، كما قالت المجلة.
مشهد محبط
وذكرت المجلة أنه من الناحية النظرية، تتفاوض طالبان والحكومة المدعومة من واشنطن على اتفاقية سلام، عبر إلقاء المتمردين أسلحتهم والمشاركة في نظام سياسي يعاد تشكيله.
وقالت ”الإيكونوميست“: ”في أفضل السيناريوهات، قد ينجح الدعم الأمريكي القوي للحكومة ماليًا وعسكريًا (على شكل ضربات جوية مستمرة على طالبان)، إلى جانب الضغوط الكبيرة على حلفاء المتمردين، مثل باكستان، في إنتاج شكل من أشكال تقاسم السلطة“.
واعتبرت أنه حتى لو حدث ذلك، على الرغم من أن ”فرص تحقيقه ضعيفة“، فسيكون المشهد محبطًا، إذ إن طالبان تصر على العودة إلى الوراء في اتجاه الثيوقراطية الصارمة، التي فرضوها خلال توليهم السلطة سابقًا، عندما أبقوا النساء في منازلهن، ومنعوا الفتيات من الذهاب إلى المدرسة.
ورجحت المجلة أن تحاول طالبان استخدام انتصاراتها على الأرض للإطاحة بالحكومة بالقوة، فقد اجتاحت الحركة بالفعل الكثير من المناطق الريفية، مع اقتصار وجود الوحدات الحكومية في الغالب على المدن والبلدات، في حين تتخلى القوات الحكومية المحبطة عن مواقعها، إذ فر أكثر من 1000 منهم هذا الأسبوع من إقليم بدخشان شمال شرق البلاد إلى طاجيكستان المجاورة.
وبينت أن طالبان لم تنجح بعد في الاستيلاء على أي مدن والسيطرة عليها، وقد تفتقر إلى القوة البشرية للقيام بالكثير من العمليات في وقت واحد، وقد يفضلون خنق الحكومة ببطء بدلًا من مهاجمتها وجهًا لوجه، لكن من الواضح أن حالة الزخم في صالح الحركة.
Comments are closed.