تقرير: السيناريوهات المحتملة للأزمة الأوكرانية في حال فشل الدبلوماسية

واشنطن (عربي times)

أوردت مجلة ”فورين افيرز“ الأمريكية، اليوم الجمعة، عدة سيناريوهات لما قد يحدث في الأزمة الأوكرانية المتصاعدة بما فيها قيام روسيا بغزو شامل لذلك البلد، وأثارة ردة فعل قوية من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين.

وأشارت المجلة في تقرير إلى أنه بافتراض فشل الدبلوماسية، هناك ثلاثة سيناريوهات يمكن أن تحدث، وهو ما سيعتمد إلى حد كبير على الكيفية، التي يقررها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بما يمكنه تحقيق أفضل أهدافه النهائية، وهي شل القدرات العسكرية الأوكرانية وزرع الاضطرابات في الحكومة الأوكرانية، وصولًا إلى تحويل أوكرانيا إلى دولة ”فاشلة“، وهي النتيجة التي يسعى بوتين إلى تحقيقها، بما يمكنه من وضع حد لما تمثلة أوكرانيا من تهديد، وفقا للقراءة الروسية.

وقالت المجلة: ”يكره بوتين احتمال وجود نموذج ديمقراطي مزدهر وقوي في مهد الحضارة السلافية الشرقية، وهو تطور يمكن أن يوفر للمواطنين الروس إطارًا مستساغًا وملهمًا بشكل متزايد للانتقال الديمقراطي في بلدهم“، مضيفة أنه ”في مواجهة تراجع النفوذ والسيطرة على السياسة الداخلية والخارجية لأوكرانيا لا يستطيع الكرملين تحقيق أهدافه إلا بالقوة العسكرية“.

حل دبلوماسي قسري

وحسب المجلة ينطوي السيناريو الأول على حل دبلوماسي قسري للأزمة الحالية، حيث يمكن لروسيا أن تتحرك للاعتراف رسميًا في منطقة ”دونباس“ المحتلة شرق أوكرانيا أو ضمها.

ولفتت إلى أن الحزب الشيوعي اتخذ بالفعل خطوة لتقديم مشروع قانون للبرلمان الروسي من شأنه أن يعترف بالدويلات الانفصالية في ”دونباس“ بطريقة مشابهة للطريقة، التي اعترفت بها روسيا بـ“أبخازيا وأوسيتيا“ الجنوبيتين، وهما منطقتان منفصلتان في جورجيا.

وذكرت أن السيناريو الثاني قد ينطوي على هجوم روسي محدود، للاستيلاء على أراضي إضافية في شرق أوكرانيا وفي ”دونباس“، ربما كتمديد للاعتراف أو الضم الكامل، مضيفة أنه من خلال هذا السيناريو، ستستولي روسيا على ”ماريوبول“، وهو ميناء أوكراني رئيسي على بحر آزوف، وكذلك خاركيف، وهي مدينة رئيسية ذات أهمية رمزية كعاصمة ما بين الحربين لجمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية.

توسيع الهجوم

وأوضحت المجلة أنه ”يمكن لروسيا أيضًا أن تحاول القيام بنسخة أكثر طموحًا واتساعًا من هذا الهجوم من خلال إجراء تحرك كماشة من الشرق والجنوب باستخدام القوة البرية والجوية والبحرية من الجنوب، بما يمكن روسيا من إنشاء جسر بري يربط شبه جزيرة القرم بالبر الرئيسي لروسيا، ويمكنها أيضًا إطلاق عملية برمائية للاستيلاء على أوديسا أهم ميناء في أوكرانيا.

وحذرت المجلة من أن مثل هذه الخطوة ستحرم أوكرانيا من الموانئ الاقتصادية الحيوية على طول ساحلها الجنوبي، وتجعل أوكرانيا غير ساحلية، وتحل المشاكل اللوجستية لروسيا فيما يتعلق بتوفير الإمدادات لشبه جزيرة القرم.

ونوهت إلى أنها ستكون عملية هائلة تتطلب كل القوات التي جمعتها روسيا في شبه جزيرة القرم وعلى طول الحدود الشرقية والشمالية لأوكرانيا، وأن ذلك سيتطلب أيضًا الاستيلاء على الاراضي المتنازع عليها والاحتفاظ بها.

ورأت المجلة أن روسيا ستضطر إلى الانخراط في جهد مكلف لاحتلال المدن الأوكرانية الكبرى، ما يعرض قواتها لحرب حضرية صعبة، وحملة عسكرية مطولة، وتمرد وثورات مكلفة، وعلاوة على ذلك، فإن الاستيلاء على الأرض والاحتفاظ بها من أجل احتلال طويل الأمد من شأنه أن يضعف أوكرانيا، لكنه لن يؤدي إلى دولة فاشلة.

هجوم واسع النطاق

وأشارت المجلة إلى أن ”النتيجة الثالثة والأكثر ترجيحًا هي هجوم روسي واسع النطاق يستخدم القوة البرية والجوية والبحرية على جميع محاور الهجوم، وفي هذا السيناريو، ستحقق روسيا تفوقًا جويًا وبحريًا في أسرع وقت ممكن، وبعد ذلك ستتقدم بعض القوات البرية الروسية نحو خاركيف وسومي في الشمال الشرقي، بينما تتقدم قوات أخرى متمركزة الآن في شبه جزيرة القرم ودونباس من الجنوب والشرق على التوالي“.

وبحسب المجلة يمكن للقوات الروسية في بيلاروسيا، أن تهدد كييف بشكل مباشر، وبالتالي تضغط على القوات الأوكرانية التي قد تتحرك لتعزيز الشرق والجنوب، وأنه يمكن لهذه القوات أن تتقدم نحو كييف لتسريع استسلام الحكومة الأوكرانية.

احتلال طويل الأمد

واعتبرت المجلة أن الاحتلال طويل الأمد غير مرجح في هذا السيناريو، وأن اقتحام المدن الكبرى وتهدئتها يمكن أن يؤدي إلى مستوى من حرب المدن وخسائر إضافية ربما يرغب الجيش الروسي في تجنبها.

وبينت أنه ”قد يتم تصميم الهجوم البري والبحري لتطويق القوات المسلحة الأوكرانية والقضاء عليها، والاحتفاظ فقط بالتضاريس الحرجة الضرورية، واستخدام القوة الجوية والقوة النارية بعيدة المدى لتحقيق أهداف روسيا العسكرية والسياسية، وستؤدي هذه الضربات إلى سقوط عشرات الآلاف من الضحايا وإحداث كارثة إنسانية، وإحداث فوضى داخل سلاسل القيادة المدنية والعسكرية وربما قطع رأس القيادة الأوكرانية“.

وأضافت المجلة أنه ”إذا سارت الأمور وفقًا لخطة روسيا فإن الهجمات ستشل الحكومة الأوكرانية، والجيش والبنية التحتية الاقتصادية وكلها خطوات مهمة لتحويل أوكرانيا إلى دولة فاشلة“.

رد الغرب

ورأت المجلة أنه بصرف النظر عما إذا كانت روسيا تختار توغلًا محدودًا أو هجومًا أوسع نطاقًا، فإن العواقب التي تواجهها من الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها يجب أن تكون غير مسبوقة، كما حذرت إدارة الرئيس جو بايدن سابقًا من أنها ستكون كذلك.

ولفتت إلى ان السناتور الأمريكي روبرت مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، قدم بالفعل مشروع قانون للدفاع عن سيادة أوكرانيا لعام 2022 يتضمن أحكامًا لاستخدام سلطة الإيجار التابعة لوزارة الدفاع وصندوق اقتناء الدفاع الخاص لدعم أوكرانيا وقروض إضافية لدعم الجيش الأوكراني وتعزيز القدرات الدفاعية الأوكرانية وزيادة الدعم لبرامج التبادل العسكري بين الولايات المتحدة وأوكرانيا ومساعدة إضافية لمكافحة المعلومات المضللة في أوكرانيا.

ويشمل المشروع الكشف عن الأصول غير المشروعة التي يملكها بوتين وأعضاء دائرته الداخلية وعقوبات على مسؤولي الدولة الروسية الذين يشاركون في هجوم على أوكرانيا أو يساعدون فيه وعقوبات على المؤسسات المالية الروسية وعقوبات تتطلب فصل المؤسسات المالية الروسية الكبرى عن خدمات المراسلة المالية مثل ”SWIFT“ وحظر المعاملات المتعلقة بالديون السيادية لروسيا ومراجعة العقوبات المفروضة على ”نورد ستريم 2″؛ وفرض عقوبات على قطاعي الطاقة والتعدين الروسيين.

ولفتت المجلة في تقريرها إلى أنه ”على الرغم من أن مشروع القانون يوفر تنازلات محتملة في عدة حالات واستثناء لاستيراد البضائع، فإن تمريره لا يزال يمثل خطوة جريئة نحو الدفاع عن أوكرانيا“.

Comments are closed.