لندن (عربي times)
شهدت الأعوام الأخيرة اهتماما عالميا متناميا بالبدائل الصديقة للبيئة، في ظل ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري وتذبذب إمداداته، إلى جانب المساعي الحثيثة لمجاراة الوعي الشعبي بأضرار الاحترار العالمي وتوجه الحكومات لدعم أهداف التنمية المستدامة.
وعلى الرغم من السباق المحموم لإنتاج السيارات الكهربائية، يبدو أن التنافس العالمي لا يقتصر عليها، وبدأت مركبات وقود الهيدروجين بالمنافسة لتأخذ حصتها السوقية.
وعمدت شركات سيارات كبرى إلى إطلاق مركبات تعتمد على وقود الهيدروجين، بالتوازي مع جهود حكومات عدة لتهيئة بنى تحتية داعمة للاعتماد عليه ليكون بديلا عن مشتقات الوقود الأحفوري المضر بالبيئة.
وفي هذا الإطار، أطلقت شركة “نامكس” الفرنسية حديثا، نموذجا أوليا لسيارتها رباعية الدفع العاملة بخلايا وقود الهيدروجين الأخضر.
وطرحت شركة “بي إم دبليو” الألمانية، سيارة “إكس 5” بمحرك كهربائي تبلغ قوته 125 كيلو واط/170 حصانا، يستمد طاقته من خلية وقود هيدروجينية.
وتخزن السيارة الجديدة وقود الهيدروجين في خزاني ضغط عالٍ، بسعة تبلغ 6 كيلوغرامات من الهيدروجين، يُعاد ملؤهما في 4 دقائق.
وأعلنت شركة “نيكولا” الأمريكية عن إطلاق شاحنتها الهجينة “بادجر 2021” العاملة بالبطاريات الكهربائية ووقود الهيدروجين، بمحرك قوي يتيح لها السير لمسافات طويلة.
مع قدرة على التسارع من صفر حتى أكثر من 95 كيلومترا في الساعة خلال 2.9 ثانية فقط، والسير لنطاق يصل إلى أكثر من 965 كيلومترا.
وأطلقت شركة “مرسيدس بنز” الألمانية منذ العام 2017 سيارتها “جي أل سي فيول سيل”. وسبقتها شركة “أودي” الألمانية بابتكار أول مركبة للشركة تعمل بخلايا الوقود الهيدروجيني.
وأطلقت تويوتا اليابانية في 2021، 475 سيارة من طراز “ميراي” تعمل بخلايا وقود الهيدروجين.
وسبق أن أعلنت شركة “هيونداي” الكورية الجنوبية عن إطلاق علامة تجارية للسيارات العاملة بخلايا وقود الهيدروجين؛ تحت اسم “إتش تو” الاسم الكيميائي لجزيء الهيدروجين.
وأطلقت شركة “هايبريون” الأمريكية سيارتها “إكس بي 1” التي تصل سرعتها القصوى إلى 355 كيلومترا في الساعة، ويمكنها البدء من الصفر والوصول إلى 96 كيلومترا في الساعة خلال 2.2 ثانية فقط، وتقطع مسافة 1609 كيلومترات باستخدام خزان هيدروجين واحد.
مقارنة
وعلى الرغم من ارتفاع نسب شراء السيارات الكهربائية العاملة بالبطاريات في أوروبا خلال الأعوام الأخيرة، ولكنها تواجه اليوم، نقصا في المواد المطلوبة لصناعة البطاريات؛ مثل الليثيوم والنيكل والكوبالت، ما يهدد صناعة السيارات الكهربائية.
وفي المقابل تمثل السيارات الهيدروجينية حلا جيدا، ولكن انتشارها في أوروبا ظل محدودا، خلافا لدول آسيوية تركز حاليا على صناعة السيارات العاملة بوقود الهيدروجين.
وتخطط حكومة اليابان مثلا لتشغيل 800 ألف سيارة هيدروجينية على الطرقات بحلول العام 2030، وتهدف الصين للوصول إلى مليون سيارة بحلول 2035.
وانقسمت شركات صناعة السيارات أيضا، إذ استثمرت شركات قليلة في سيارات الهيدروجين؛ مثل “تويوتا” اليابانية و”هيونداي” الكورية الجنوبية، وتدرس “بي إم دبليو” الألمانية إمكانية الاستثمار في سيارات الهيدروجين إلى جانب السيارات الكهربائية.
وتسعى شركة “بي إم دبليو” إلى إطلاق سيارات “آي إكس5” الهيدروجينية حول العالم مع نهاية العام 2022.
وتمتاز السيارة الهيدروجينية بأن وقت شحنها بالهيدروجين يوازي الوقت اللازم لملء سيارة عاملة بالوقود الأحفوري، مع مدى سير مشابه لها.
تحديات
ولكن السيارات الهيدروجينية تواجه تحديات عديدة متعلقة بالكفاءة، وتكاليف الوقود المرتفعة. وتتمثل الطريقة النظيفة الأفضل لإنتاج الوقود الهيدروجيني بالتحليل الكهربائي للماء إلى أوكسجين وهيدروجين، ولكنها تحتاج لطاقة عالية.
وتقل كفاءة توليد الهيدروجين عن 100% بسبب الضياعات الحاصلة عند نقل الهيدروجين إلى محطات التخزين، فضلا عن ارتفاع تكلفة التخزين أيضا.
وتُقدر نسبة الكهرباء المتولدة من الهيدروجين منذ توليده وحتى استخدامه على الطريق بحوالي 38% فقط من الوقود الأصلي.
وفي حين يبلغ الوقت اللازم لتعبئة السيارة الهيدروجينية بالوقود دقائق معدودة، فإن الاستثمار في محطات الهيدروجين ما زال منخفضا، بسبب الخطورة العالية في تكاليف الاستثمار، ما يوجب تعاون الحكومات وقطاع الصناعة والمستثمرين.
قابل للانفجار
يواجه تخزين الهيدروجين مشكلة كبيرة كونه قابلا للانفجار، ما يجعله معرضا للحوادث ومهددا لأمان السائقين والعاملين في مجال توليد الهيدروجين.
ومع ذلك اختبرت شركة “تويوتا” اليابانية السيارات الهيدروجينية لأعوام عديدة في ظروف صعبة، ودرجات حرارة عالية، للتأكد من سلامة استخدامها.
وفي ظل ارتفاع تكلفة السيارات الكهربائية واستهلاكها وقتا طويلا للشحن، فضلا عن كون عملية استخراج مواد البطاريات وصناعتها مسببا في انبعاثات كربونية، تبقى المنافسة بين الشركات ومراكز الأبحاث في تطوير تقنيات جديدة للسيارتين في أوجها.
ولتجاوز العقبات ورفع الاعتماد على البدائل الخضراء، أطلقت شركات في بعض الدول مشاريع لتعزيز البنى التحتية؛ نذكر منها إعلان شركة “غرين هيدروجين إنترناشيونال” الأمريكية، في مارس/آذار 2022، عن خطة لبناء أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم، باستطاعة تصل إلى 60 غيغاواط، في ولاية تكساس الأمريكية.
ويضاف إلى ذلك مشاريع في الصين الشعبية والسعودية وسلطنة عُمان وتشيلي وإسبانيا، وبرامج طموحة للاستثمار في الهيدروجين الأخضر بشكل تجريبي.
Comments are closed.