لماذا استعرضت الصين قوتها خلال قمة بريكس ؟

واشنطن (عربي times)

كشف تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، عن أهداف الصين في دعم توسيع الدول الأعضاء في مجموعة “بريكس” واستعراض قوتها رغم اقتصادها المتعثر، وذلك مع انعقاد “قمّة بريكس”، التي تستضيفها جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا، خلال الفترة الواقعة بين الـ22 والـ24 من شهر آب/أغسطس الحالي.

وأشارت إلى أن جيم أونيل الرئيس السابق لذراع إدارة الأصول في بنك “غولدمان ساكس”، هو أول من أطلق مصطلح “بريك/BRIC” على  الدول الأربع المؤلفة للتكتل، وهي: البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وذلك للفت الانتباه لأهمية هذه الاقتصادات الكبرى في المشهد الاقتصادي العالمي.

وبينت الصحيفة أنه بصرف النظر عن وجود اختلافات بين تلك الدول في التاريخ، والجغرافيا، والأنظمة السياسية، إلا أنها تُشكل أكثر من ثلث سكان العالم، وتمتلك نسبة متزايدة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مؤكدة أن مصطلح “بريك” تحوّل من مجرد مصطلح تسويقي غربي واسع الاستخدام إلى مشروع جيوسياسي حقيقي.

وعُقدت قمّة “البريك” الأولى، بمشاركة الدول الأربع في روسيا، العام 2009، وبحلول العام 2011، أصبحت جنوب أفريقيا عضوًا رسميًا في التكتل، لتتم إضافة حرف “أس” إلى التكتل ليصبح “البريكس”، حيثُ ينظر إليه على أنه ثقل “موازن للنظام الدولي”، الذي يقوده الغرب، وفقًا للصحيفة.

واعتبرت الصحيفة أن التكتل ظل، خلال العقد الماضي، “مشوشًا”، وكان أداء اقتصادات دوله “متفاوتة”، وكانت الدول الأعضاء “تتشاحن” بين الحين والآخر، مع وقوع مناوشات عنيفة بين الهند والصين على طول حدودهما الوعرة المتنازع عليها.

ولفتت الصحيفة إلى أنه في ظل العالم الحالي، الذي يضم عددًا كبيرًا من التكتلات الإقليمية والتجمعات السياسية، فقد بدت مجموعة “البريكس”، وكأنها واحدة من أكثر التجمعات الدولية “نسجًا للخيال”، متسائلة عن الاهتمامات المشتركة بين تلك الدول الأعضاء، وعن الدولة التي تخدمها أجندة التكتل.

وأضافت أن “ثقل الاقتصاد الصيني كان سببًا بحجب المشاكل التي ابتليت بها بعض دول البريكس الأخرى، وكان الإنجاز الملموس الوحيد للتكتل هو إطلاق ذراع تمويلية للتنمية الدولية ومقرها في شنغهاي”.

وأوضحت الصحيفة أن أونيل، الذي أطلق مصطلح “بريكس” على التكتل، اعتبر في العام 2021، أنه “لولا الصين، والهند، إلى حد ما، لما كان هناك الكثير من القصص التي يمكن أن تروى عن مجموعة البريكس”، مبينًا أنه “إلى جانب إنشاء بنك “البريكس”، المعروف الآن باسم التنمية الجديدة فمن الصعب أن نرى إنجازًا آخر  للمجموعة سوى الحفاظ على اجتماعها السنوي”.

ورجحت الصحيفة أن “القمّة بريكس” الحالية، قد تكون بمثابة منتدى آخر لتبادل الأحاديث، ولكنها على عكس العديد من سابقاتها، مليئة بالقصص المثيرة للاهتمام، حيثُ ستلقي الحرب في أوكرانيا بظلالها على القمّة، التي يغيب عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الصادرة بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية.

واعتبرت الصحيفة أن دول “البريكس” الأخرى لم تعارض أو أظهرت قليلًا من الاحتجاج على قرار الكرملين بالاندفاع  إلى الحرب، موضحة أن الصين والهند رفعتا مشترياتهما من روسيا مع بدء تأثير العقوبات الغربية على موسكو.

في حين أشار الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا إلى أن الغرب يتحمل المسؤولية جزئيًا على الأقل عن الصراع، مقدمًا اقتراحًا غامضًا للمساعدة في التوصل إلى هدنة بين كييف وموسكو.

كما أبدت حكومة جنوب أفريقيا غموضًا أيضًا، حيثُ رفضت الإدانة الصريحة لنظام الرئيس بوتين، معربة عن أسفها لتداعيات الحرب على سلاسل التوريد البالغة الأهمية للمجتمعات الأفريقية.

وبحسب تقرير الصحيفة الأمريكية، سيكون الموضوع الرئيس للنقاش في القمّة هو التأثير الهائل للدولار الأمريكي في الاقتصاد العالمي، معتبرة أن الحديث عن “إلغاء الدولرة” منتشر بين أنصار مجموعة “البريكس”، على الرغم من عدم وجوده على جدول أعمال القمّة بشكل رسمي.

واعتبرت الصحيفة أن “إنشاء عملة جديدة لمجموعة البريكس أمر طموح للغاية وربما غير ممكن”، متوقعة أن “تركز القمّة بدلًا من ذلك على خيارات توسيع استخدام العملات المحلية في التجارة بين أعضاء الكتلة”.

ونوَّهت الصحيفة إلى أن “قمّة البريكس” تحظى بميزة جيوسياسية صعبة بالنسبة لبكين، لا سيما بعد استضافة الرئيس الأمريكي جو بايدن نظيريه الياباني والكوري الجنوبي، مؤخرًا، في كامب ديفيد، مما يمثل تحالفًا ثلاثيًا عميقًا على حدود  الصين، وهو ما وصفته افتتاحية صحيفة “شينخوا” الصينية، التي تديرها الدولة بأنه “محاولة يائسة من جانب الولايات المتحدة لإنقاذ قوتها المهيمنة”.

وردًا على ذلك الاجتماع الثلاثي، يقوم الرئيس الصيني شي جين بينغ برحلته الخارجية الثانية، خلال العام الجاري، إلى جنوب أفريقيا، حيث سيروّج لكتلة “البريكس”، كمثال لنظام عالمي مختلف.

وأكدت الصحيفة الأمريكية أن الصين تحرص على توسيع التكتل لضم دول مثل: إندونيسيا، ونيجيريا، والأرجنتين، والمملكة العربية السعودية، من أجل الترويج لرؤية التكتل العالمية الأكثر “شمولية”.

ونقلت الصحيفة عن سفير الصين لدى جنوب أفريقيا، تشن شياو دونغ، قوله: “إن المجموعة تمثل منصة مهمة للتعاون بين الدول الناشئة والنامية، والعمود الفقري للعدالة والإنصاف الدوليين”.

في حين أبلغ مسؤول صيني آخر، صحيفة “فاينانشيال تايمز”، “إذا قمنا بتوسيع مجموعة البريكس بحيث تمثل حصة مماثلة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي  الذي يعادل مجموعة الاقتصادات السبع الكبرى فإن صوتنا الجماعي في العالم سيصبح أقوى”.

وقال ستيف تسانغ مدير معهد سواس الصيني في جامعة هارفارد البريطانية لشبكة التلفزة الأمريكية “سي إن إن”، إن “الهدف الأكبر، الذي تسعى الصين إلى تحقيقه رغم انشغالها بالتعامل مع اقتصادها المتعثر بات واضحًا، ويتمثل في أن شي جين بينغ لا يحاول التفوق على واشنطن في النظام الدولي الليبرالي الحالي، الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة بل هدفه، على المدى الطويل، تغيير النظام العالمي إلى نظام يتمحور حول الصين”.

نقلا عن/ صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية

Comments are closed.