ما ابعاد زيارة “الاسد” الى الصين ؟

بغداد (عربي times)

ذهب موقع “مودرن ديبلوماسي” في تقرير له، اليوم الثلاثاء، إلى أن الصين تتبع استراتيجية جديدة تحمل في طياتها تحد لأمريكا؛ عبر تعزيز العلاقات مع الدول غير المرغوبة من الولايات المتحدة، على غرار سوريا، التي من المقرر أن يزور رئيسها بشار الأسد بكين خلال الأيام المقبلة.

وذكَّر التقرير بأن بكين رحبت مؤخرا بالرئيس نيكولاس مادورو، ورفعت مستوى العلاقات مع فنزويلا إلى “شراكة استراتيجية قادرة على الصمود”، وهو مستوى لا تحظى به سوى ثلاث دول هي: (باكستان وروسيا وبيلاروسيا)، ثم تساءل عما إذا كانت سوريا ستنضم لتلك الدول.

وجاء في التقرير أن اهتمام الصين بدمشق متعدد الأوجه، ولا يتعلق فقط بالثروات الاقتصادية، وأن سوريا دولة مختلفة فكريا وأيديولوجيا عن دول الشرق الأوسط؛ الأمر الذي يجعلها “أكثر جاذبية”.

تفاعل المصالح والأيديولوجيا

واعتبر التقرير أن قيمة سوريا بالنسبة للصين تتعدى مواردها الطبيعية، فمن الناحيتين الجغرافية والحضارية، تبرز أهميتها، فضلا عن دورها السياسي المؤثر في المنطقة والذي “يجعل منها دولة لا غنى عنها”.

وعلى الرغم من الحرب خلال السنوات الماضية، استمرت علاقة الصين مع سوريا، وتبنت بكين موقفا ثابتا في مجلس الأمن، مستخدمة حق النقض (الفيتو) لدعم دمشق في مناسبات عديدة.

ويمكن القول إن تفاعل المصالح والأيديولوجيا، هو الذي شكل سياسة الصين الخارجية تجاه سوريا، إلى جانب سياسات بكين الراسخة التي تعارض التدخل في شؤون الدول الأخرى.

وبعيدا عن المصالح والأيديولوجيا، يستند موقف الصين تجاه النزاع السوري أيضا إلى تطلعاتها للحفاظ على نفوذها وتعزيزه في إطار ديناميكيات القوة العالمية في الشرق الأوسط.

وبينما تبرز الصين كقوة مهيمنة على الساحة العالمية، فإن تطور سياستها الخارجية تجاه سوريا، يعكس مكانتها ونفوذها المتزايدين.

ولكن نظرة متفحصة لعلاقات البلدين، تكشف أنها لم تتطور إلى الشراكة الاستراتيجية، وقد يعود ذلك لدبلوماسية الغموض والعمل من وراء الكواليس التي تفضلها بكين ودمشق بالنظر لظروف كل منهما.

وهناك احتمال وارد بأن الصين هي من تريد ذلك أكثر من سوريا، في ظل توخيها الحذر في تصرفاتها، وحرصها على عدم استعداء الولايات المتحدة دون داع، في وقت تتركز فيه جهودها على مبادرة الحزام والطريق.

مغامرة صينية

واستفادت سوريا من مساعي الصين لتوسيع “قوتها الناعمة”، حيث استمر تبادل الوفود الحزبية والاقتصادية بين البلدين، وكانت هناك زيادة ملحوظة في عدد الطلاب السوريين الحاصلين على منح للدراسة في جامعات الصين.

وما يثير الاهتمام بهذا الشأن قلة الزيارات المباشرة بين المسؤولين في كلا البلدين، لكن يبدو أن السفارات لعبت الدور الأهم في تنمية العلاقات وتعزيزها.

ومغامرة الصين بالانخراط استراتيجيا في منطقة معروفة تاريخيا بأنها واقعة تحت النفوذ الأمريكي، يعد تطورا مهما بالنظر إلى أن الصين أبدت على الدوام ترددا في إقحام نفسها بتحديات المنطقة.

ولكن نجاح بكين في تعزيز التعاون مع العالم العربي، خاصة في أعقاب القمة العربية الصينية في الرياض كان بمثابة حافز لبعض الدول للتقارب مع دمشق؛ الأمر الذي توج بعودة سوريا إلى الجامعة العربية.

من التعاون إلى الشراكة

ولا شك أن دخول الصين على خط الأزمة السورية في وقت يشهد تطورات مهمة أبرزها تظاهرات السويداء، والمناوشات العسكرية بين قوات قسد والقبائل العربية، ونشر المزيد من القوات الأمريكية، يمثل دعما سياسيا قويا لدمشق.

وقال التقرير: “تمثل استضافة الرئيس السوري في بكين لحظة مهمة، وتؤكد تطلع الصين نحو نظام عالمي أكثر عدالة، وينبغي أن تترافق مع تعزيز وتحفيز الحوارات بين رواد الأعمال السوريين والصينيين، لاسيما لإيجاد حلول لتحديات إعادة الإعمار”.

وأضاف: “الهدف في النهاية الانتقال من مرحلة التعاون الاقتصادي إلى مرحلة الشراكة الاقتصادية الملموسة التي تشتمل على إنشاء شبكة طرق وخطوط للسكك الحديدية وخطوط أنابيب لنقل الطاقة بين الصين وإيران وسوريا والعراق”.

وتهدف هذه الرؤية، التي اقترحها الرئيس بشار الأسد عام 2002، إلى تحويل سوريا إلى مركز عالمي لعبور الغاز وحلقة وصل للتجارة الحرة بين الشرق والغرب، وتتوافق مع مبادرة الحزام والطريق التي قدمها الرئيس الصيني (شي جين بينغ) عام 2013.

ورأى التقرير أن سوريا يتعين عليها تحديث نظامها المصرفي، واستكشاف آليات للدفع لا تعتمد على الدولار الأمريكي، ويمكنها الاستفادة من خبرات الصين في هذا المجال.

ومثل هذا التعاون لن يلقى بالطبع استحسان خصوم سوريا خاصة الولايات المتحدة التي يقال إنها تستخرج النفط السوري وتبيعه لصالحها بينما تدعي في الوقت ذاته أن قواتها موجودة لمحاربة داعش.

وتهدف هذه الرؤية، التي اقترحها الرئيس بشار الأسد عام 2002، إلى تحويل سوريا إلى مركز عالمي لعبور الغاز وحلقة وصل للتجارة الحرة بين الشرق والغرب، وتتوافق مع مبادرة الحزام والطريق التي قدمها الرئيس الصيني (شي جين بينغ) عام 2013.

ورأى التقرير أن سوريا يتعين عليها تحديث نظامها المصرفي، واستكشاف آليات للدفع لا تعتمد على الدولار الأمريكي، ويمكنها الاستفادة من خبرات الصين في هذا المجال.

ومثل هذا التعاون لن يلقى بالطبع استحسان خصوم سوريا خاصة الولايات المتحدة التي يقال إنها تستخرج النفط السوري وتبيعه لصالحها بينما تدعي في الوقت ذاته أن قواتها موجودة لمحاربة داعش.

واختتم الموقع تقريره قائلا: “من الواضح أن ثقة الصين بنفسها ازدادت وهي مصرة على إظهار قوتها ونفوذها وهذا يعطي سوريا فرصة مهمة.. التكهنات تشير إلى احتمال أن تعيد الزيارة المرتقبة للأسد تشكيل التوازن الجيو سياسي في الشرق الأوسط وربما العالم أيضًا”.

نقلا عن/  موقع “مودرن ديبلوماسي”

Comments are closed.