واشنطن(عربي times)
عمليات”حرب الظل” المستعرة بين أوكرانيا وروسيا تعكس” القدرات التي طورتها وكالات التجسس الأوكرانية على مدار ما يقرب من عقد من الزمن، وفق صحيفة واشنطن بوست الأمريكية. وهي الفترة التي أقامت خلالها هذه الأجهزة علاقات جديدة أكثرعمقًا مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية “سي آي إيه”.
أفادت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن أُمّا وابنتها البالغة من العمر١٢عاما استخدمتا صندوقا صغيرا لنقل الحيوانات الأليفة لإخفاء مواد يمكن استخدامها لصناعة قنبلة ناسفة حيث تم نقلها إلى العاصمة موسكو.
ولم يتم اكتشاف هذه المواد من قبل قوات الأمن الروسية عبر الحدود حيث قام عملاء أوكرانيون بتركيب صندوق مخفي داخل صندوق الحيوانات الأليفة وفقًا لمسؤولين أمنيين مطلعين على العملية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه وبعد مرور أسابيع على هذه الحادثة انفجرت عبوة ناسفة خارج موسكو داخل سيارة رباعية الدفع كانت تقودها ابنة الكاتب الروسي القومي المتشدد ألكسندر دوغين، المقرب من الكرملين والذي حث بلاده على “قتل” الأوكرانيين، وهو انفجار يشير إلى أن قلب روسيا لن يكون بمنأى عن تداعيات الحرب داخل أوكرانيا.
وأضافت الصحيفة أنه تم تنسيق هذه العملية من قبل جهاز الأمن الداخلي الأوكراني، وفقًا لمسؤولين قدموا تفاصيل عن العملية للمرة الأولى بما في ذلك استخدام صندوق الحيوانات الأليفة، الذي لم يتم الكشف عنه مسبقًا.
ويعد هجوم أغسطس 2022 جزءًا من “حرب الظل” المستعرة التي قامت خلالها أجهزة التجسس الأوكرانية مرتين بقصف الجسر الذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم، ووجهت طائرات مسيرة إلى سطح الكرملين وأحدثت ثقوبًا في هياكل السفن البحرية الروسية في البحر الأسود.
ورأت الصحيفة أن هذه العمليات تعكس “القدرات التي طورتها وكالات التجسس الأوكرانية على مدار ما يقرب من عقد من الزمن منذ أن استولت روسيا لأول مرة على الأراضي الأوكرانية في عام 2014” .
وأردفت الصحيفة: “لقد شاركت في هذه المهام فرق نخبة من العملاء الأوكرانيين الذين تم اختيارهم وتدريبهم بالشراكة الوثيقة مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وفقًا لمسؤولين أوكرانيين وأمريكيين حاليين وسابقين”.
وقال مسؤولون إنه ومنذ عام 2015، أنفقت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عشرات الملايين من الدولارات لتحويل أجهزة الاستخبارات الأوكرانية التي شكلها السوفييت إلى أجهزة حليفة لاستخدامها ضد موسكو.
وأشارت الصحيفة إلى أن وكالة المخابرات الأمريكية زودت أوكرانيا بأنظمة مراقبة متقدمة، وقامت بتدريب المجندين في مواقع داخل أوكرانيا والولايات المتحدة، وبنت مقرات جديدة لإدارات وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، وتبادلت المعلومات الاستخبارية على نطاق واسع لم يكن من الممكن تصوره قبل أن تضم روسيا شبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني، حيث قال مسؤولون إن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تحتفظ “بتواجد كبير” في كييف.
وأشار تقرير واشنطن بوست إلى أنه لم يتم من قبل الكشف عن مدى تورط وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مع أجهزة الأمن الأوكرانية.
وكان مسؤولو المخابرات الأمريكية قد أكدوا على أن السي آي إيه لم يكن لها أي دور في عمليات القتل التي تقوم بها الوكالات الأوكرانية، وأن عملها يركز على “تعزيز قدرات تلك الأجهزة على جمع المعلومات الاستخبارية عن خصم خطير” .
وقال مسؤول أمريكي استخباراتي كبير إن “أي مخاوف محتملة تتعلق بعمليات الاستخبارات الأوكرانية تم إرسالها بوضوح إلى الأجهزة الأوكرانية”.
تصفية الخصوم كسلاح في الحرب
وقالت الصحيفة الأمريكية إن العديد من العمليات السرية التي نفذتها أوكرانيا كان لها أهداف عسكرية واضحة وساهمت في الدفاع عن البلاد، ولكن تفجير السيارة المفخخة الذي أدى إلى مقتل الصحافية داريا دوجينا، سلط الضوء على قدرة أوكرانيا على ما يسميه المسؤولون في كييف باستخدام سلاح “التصفية” كجزء من أسلحة الحرب.
وعلى مدار العشرين شهرًا الماضية، نفذ جهاز الأمن الأوكراني ونظيره العسكري، حكومة الوحدة الثورية، عشرات الاغتيالات ضد مسؤولين روس في الأراضي التي تسيطر عليها روسيا بالتعاون مع “متعاونين أوكرانيين وضباط عسكريين خلف الخطوط الأمامية ومؤيدين بارزين للحرب في عمق روسيا”.
وكان من بين قتلى هذه العمليات بحسب الصحيفة قائد غواصة روسية سابق كان يمارس رياضة المشي في حديقة بمدينة (كراسنودار) بجنوب روسيا، ومدونًا متشددًا داخل مقهى في مدينة سان بطرسبرغ الروسية وفقًا لمسؤولين أوكرانيين وغربيين.
لكن في المقابل، أفادت الصحيفة بأن” ميل” أوكرانيا للقيام بعمليات مميتة داخل روسيا أو الأراضي التي تسيطر عليها روسيا، أدى إلى تعقيد تعاونها مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية حيث أثار مخاوف بشأن مدى تواطؤ السي آي إيه مع هذه العمليات، وخلق جوا من عدم الارتياح بين بعض المسؤولين في كل من كييف وواشنطن.
وتابعت الصحيفة: “حتى أولئك الذين يرون أن مثل هذه المهام المميتة يمكن الدفاع عنها في زمن الحرب، إلا أنهم يتساءلون الآن عن فائدتها وخاصة أن بعض الضربات أدت إلى استهداف مدنيين مثل دوجينا أو حتى والدها ألكسندر دوجين بدلاً من استهداف الروس المرتبطين بشكل مباشر بالحرب الروسية الأوكرانية”.
Comments are closed.