هل يتولى “نتنياهو” ادارة غزة أمنياً ؟

لندن (عربي times)

قالت صحيفة الغارديان البريطانية، إن آخر مرة تولت فيها القوات الإسرائيلية دورًا أمنيًّا في قطاع عزة كان في حقبة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آرئيل شارون مشيرة  إلى أن إسرائيل في ذلك الوقت كانت تحتفظ بإحدى وعشرين مستوطنة في قطاع عزة والتي ترتبط مع إسرائيل من خلال طريق يستخدمه المصطافون الإسرائيليون للاستمتاع بشواطئ غزة نهاية الأسبوع .

وأضافت الصحيفة أن القوات الإسرائيلية كانت تحرس المستوطنات من خلال أبراج معدنية وحواجز أمنية فيما كان الشبان الفلسطينيون يتسللون إلى المستوطنات خلال الليل ويقومون بإلقاء قنابل محلية الصنع تحت جنح الظلام والتي كان يمكن شراؤها بثمن بخس.

وأضافت الصحيفة أن ” مسلحي الفصائل المسلحة بمن في ذلك مسلحو حركة حماس كان ينفذون هجمات خطيرة على المستوطنات بما في ذلك عمليات إطلاق النار والتفجيرات ضد القوات الإسرائيلية.”

واعتبرت الصحيفة أن اقتراح رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو يعتبر “أمرًا لم يفكر به الكثير من الإسرائيليين” حول تولي  إسرائيل “المسؤولية الأمنية الشاملة ” في قطاع غزة الذي يقطنه  2.3 مليون نسمة وبات  “نصفه  مدمرًا” .

وقال نتنياهو في مقابلة تلفزيونية مع شبكة “إيه بي سي نيوز” الأمريكية إنّ “إسرائيل ستتولّى، لفترة غير محدّدة، المسؤولية الأمنية الشاملة”، مضيفًا “لأننا رأينا ما يحدث عندما لا نتولى المسوولية الأمنية هناك”.

ورأت الصحيفة أن ما يدور بالفعل في ذهن نتنياهو لا “يزال غير واضح” مشيرة إلى أن تعليقاته تبدو وكأنها تتعارض مع تقييمات الولايات المتحدة ودول أخرى بأن إسرائيل التي سيطرت عسكريًّا على غزة من عام 1967 إلى عام 2005 لا تخطط لإعادة احتلال غزة بأي شكل من الأشكال، وهو الأمر الذي ستعارضه واشنطن على أيّ حال”.

حماية المدنيين

وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الأسبوع الماضي إن “إسرائيل لا يمكنها استعادة السيطرة والمسؤولية على غزة”، مضيفًا أنه حسب فهمه فإن “إسرائيل أوضحت أنها ليس لديها نية أو رغبة في القيام بذلك”.

وأردفت الصحيفة ” ورغم ذلك فإن تصريحات نتنياهو تأتي في أعقاب تصريحات لبعض المسؤولين الإسرائيليين الذين أشاروا إلى أن إسرائيل ستحتاج إلى الحفاظ على وجود عسكري داخل غزة كحاجز لحماية المدنيين.” وقالت الصحيفة إن نتنياهو كان غامضًا بشأن ما يمكن أن تعنيه تصريحاته على وجه التحديد .

وأفادت الصحيفة بأن “هناك مقترحًا بأن يشرف الجيش الإسرائيلي ووكالة الأمن الداخلي شين بيت على الترتيبات الأمنية لمرحلة ما بعد حرب غزة على أمل أن يساعد ذلك في تمويل عمليات الاستجابة الإنسانية”.

وأضافت أن ذلك “سيظل قائمًا حتى يتم الشعور بأن المجتمعات الإسرائيلية المجاورة لغزة آمنة”.

الكثير من الاحتمالات

ورأت الصحيفة أن إحدى المشاكل الكبيرة التي ستواجه هذه المقترحات المتعلقة بمستقبل غزة، هي مدى نجاح إسرائيل في فصل أي ترتيب أمني على الأرض عن الالتزامات القانونية الأوسع التي قد تترتب على أي ترتيبات جديدة في القطاع .

وأضافت “عندما سحبت إسرائيل قواتها من غزة في عام 2005، قالت إنها أنهت حكمها العسكري واحتلالها للقطاع، في حين قال آخرون بما في ذلك تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة الصادر عام 2022 إن غزة لا تزال محتلة بوسائل أخرى بما في ذلك السيطرة الإسرائيلية على المجال الجوي والمعابر البرية والمهام الحكومية، مثل: إدارة السجل السكاني الفلسطيني”.

ورأت الصحيفة أن الوجود طويل الأمد  للقوات الإسرائيلية في غزة من شأنه أن يجعل احتلال القطاع  أكثر وضوحًا بكثير، ويضع مسؤوليات واضحة على عاتق إسرائيل باعتبارها قوة احتلال، تحددها سيطرتها الفعالة على الأراضي التي تتواجد فيها.

وأشارت  الصحيفة إلى أن اتفاقية جنيف الرابعة تنص على أنه “من واجب دولة الاحتلال ضمان توفير الإمدادات الكافية من الغذاء والإمدادات الطبية، وكذلك الملابس والفراش ووسائل المأوى وغيرها من الإمدادات الضرورية لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة داخل الأراضي المحتلة”.

في المقابل قالت الصحيفة إن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت بدا وكأنه يقترح العكس تمامًا فيما يتصل بالإدارة المستقبلية لغزة بالقول إنه يتعين على إسرائيل، بعد انتهاء القتال في غزة، أن تنهي مشاركتها في المسؤولية عن الحياة في القطاع.

ورأت الصحيفة أن “انسحاب شارون الأحادي من غزة في العام 2005 يعتبر قصة مفيدة بالنسبة لزعماء إسرائيل اليوم فقد كان شارون مثل نتنياهو، رئيس وزراء يمينيًّا وحليفًا للمستوطنين وكان يشكك إلى حد كبير في عملية السلام”.

وأردفت أن شارون “رأى أن فك الارتباط مع غزة هو إجراء أمني أوَّلًا وقبل كل شيء وليس خطوة في إطار عملية السلام المتوقفة في الشرق الأوسط”.

وأوضحت  “وفي قلب هذه الفكرة فإن تقليص الوجود المدني والعسكري الإسرائيلي في غزة وأماكن أخرى من شأنه أن يقلل من التوترات التي ظهرت بشكل كبير خلال الانتفاضة الثانية، وطبقًا لهذه الحسابات فإنه ومن خلال الانسحاب من غزة أيضًا، فإن ذلك سيسهل على إسرائيل مواصلة سياستها الاستيطانية في الضفة الغربية”.

وأشارت الصحيفة إلى أن الانسحاب من غزة عام 2005 ترافق مع إزالة منشآت وقوات الجيش الإسرائيلي وإجلاء أكثر من 9000 مستوطن  يعيشون في 21 مستوطنة والذي كان مكلفًا من جهة الحفاظ على الوجود العسكري الإسرائيلي هناك أو من جهة الخسائر في صفوف الجنود الإسرائيليين.

التقدم بشكل أعمى

وقالت الصحيفة “ولعله من المفارقة أن نتنياهو كوزير في الحكومة الإسرائيلية كان من بين أولئك الذين أيدوا في البداية الانسحاب من غزة لكنه استقال بعد ذلك عندما أصبح الأمر أكثر جدوى من الناحية السياسية، قائلًا إنه رفض أن يكون شريكًا في خطوة تتجاهل الواقع، وتتقدم بشكل أعمى نحو تحويل الوضع في قطاع غزة إلى قاعدة للإرهاب الذي سيهدد الدولة”.

وأضافت الصحيفة في تقريرها أن فكرة أن تحتل إسرائيل قطاع عزة مجددًا لم تختف بالكامل وذلك من خلال الحرب والحصار مع ظهور حماس كحاكمة للقطاع.

وكان السياسي اليميني أفيغدور ليبرمان، أثناء توليه منصب وزير الخارجية، أحد أولئك الذين دفعوا من أجل “الاحتلال الكامل لقطاع غزة” لإنهاء تهديد حماس وصواريخها.

وخلصت الصحيفة إلى أنه وأيًّا كانت “رؤية نتنياهو”  حول مستقبل غزة فإنه قد يجد أن كسب الحرب ضد حماس أسهل من تولي إسرائيل المسؤولية عن الحياة اليومية للفلسطينيين في غزة، وهي صيغة لن تجلب الأمن لإسرائيل بل ستفتح فصلًا جديدًا من العنف.

Comments are closed.