واشنطن (عربي times)
أثار اللقاء المتوتر بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض حالة من الصدمة والقلق في الأوساط الأوكرانية والأوروبية، وسط تراجع آمال كييف في توحيد وجهات النظر مع واشنطن بشأن الحرب مع روسيا، خاصة مع التصعيد الكلامي الحاد بين الزعيمين.
وفيما وصف أحد المشرعين الأوكرانيين، الذي طلب عدم الكشف عن هويته في تصريح لـ”واشنطن بوست”، المشهد قائلًا: “أنا فقط أبكي بسبب ما أسمعه”، كان تعليق أوليكساندر، وهو ضابط أوكراني يقاتل في منطقة كورسك الروسية، أكثر اختصارًا، حيث قال ببساطة: “واو”، مضيفًا: “ما زال أمامنا الكثير من العمل، الحرب أفضل من السلام المخزي”.
وغادر زيلينسكي البيت الأبيض في وقت مبكر من يوم الجمعة، متخليًا عن مؤتمر صحفي كان مخططًا له، بينما سارع ترامب لتوضيح موقفه عبر منشور على “تروث سوشيال”، قال فيه: “زيلينسكي ليس مستعدًا للسلام، لقد أهان الولايات المتحدة في مكتبها البيضاوي العزيز، يمكنه العودة عندما يكون مستعدًا للسلام”.
وفي أعقاب اللقاء، دعم المسؤولون الأوروبيون زيلينسكي مساء الجمعة، حيث أعرب العديد من المشرعين والدبلوماسيين عن صدمتهم وفزعهم مما حدث، بينما لم يصدر رد فعل فوري من مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل.
لكن رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك كان من أوائل من عبروا عن دعمهم لأوكرانيا، حيث كتب على منصة “إكس”: “أصدقائي الأوكرانيين الأعزاء، لستم وحدكم”.
من جهتها، انتقدت ناتالي لوازو، النائبة الأوروبية وحليفة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ما جرى في البيت الأبيض، قائلة: “كان هناك رجل واحد فقط في المحادثة، وهو الضيف”، بينما أعرب جيرارد أرود، السفير الفرنسي السابق في واشنطن، عن أسفه قائلًا: “أين هي اللياقة العامة العزيزة على قلوب الأمريكيين؟ لا شيء أضيفه، إنه أمر محزن للغاية”، وأرفق منشوره بمقطع فيديو لترامب ونائبه جيه دي فانس وهما يوبخان زيلينسكي.
وفي المملكة المتحدة، قوبل اللقاء بالصدمة والغضب عبر الطيف السياسي، خاصة بعد أن جاء عقب اجتماع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مع ترامب، والذي كان يُنظر إليه على أنه إشارة مبدئية لإمكانية إشراك واشنطن في دعم أوكرانيا.
لكن هذا التفاؤل سرعان ما تبدد بعد انتشار أنباء المشادة الكلامية في المكتب البيضاوي، ما دفع العديد من أعضاء البرلمان البريطاني لمطالبة ستارمر بإلغاء الدعوة التي وجهها للرئيس ترامب لزيارة الملك تشارلز.
ووصف روبرت جينريك، النائب البارز في حزب المحافظين، ما حدث بأنه “مشهد مهين”، قائلًا في منشور على “إكس”: “شعرت بالاشمئزاز، وأعتقد أن تمثال ونستون تشرشل كان في نفس الغرفة التي جرى فيها هذا اللقاء، لو كان تشرشل سمع ذلك لكان قد تقلب في قبره، فقد حارب شعب أوكرانيا بشجاعة لصد بوتين”.
أما إيد ديفي، زعيم حزب الديمقراطيين الليبراليين، فقد اعتبر أن “ترامب وفانس يتنمران على زيلينسكي لإجباره على القبول بصفقة تمنح النصر فعليًا لروسيا”، محذرًا من أن “أي تراجع من المملكة المتحدة وأوروبا سيكون خيانة لأوكرانيا”.
وفي أوكرانيا، وعلى الرغم من التوترات الناجمة عن الاجتماع، أشادت المحللة السياسية الأوكرانية ماريا زولكينا بأداء زيلينسكي خلال اللقاء، مؤكدة أنه نجح في تمثيل الإرادة الأوكرانية بكرامة، قائلة: “لم يكن زيلينسكي يمثل نفسه فقط، بل جسّد أيضًا كل واحد منا: عندما تكون بطاقتك الوحيدة هي حقك في أن يكون لديك بلدك، وكرامتك، والشجاعة للدفاع عنها”.
ويرى مراقبون في هذه التطورات، أن العلاقات بين كييف وواشنطن تمر بمرحلة اختبار صعب، مع تصاعد المخاوف من “انقطاع” الدعم الأمريكي، وهو ما قد يعيد تشكيل معادلة الحرب والسلام في أوكرانيا خلال الأشهر المقبلة، بشكل يخدم روسيا.
Comments are closed.