أداة روسية جديدة للرد على العقوبات الأوروبية

موسكو (عربي times)

أثار قرار الحكومة الروسية بحظر تصدير بذور دوار الشمس بداية من أبريل/نيسان الجاري، وحتى آب/أغسطس المقبل، تساؤلات عدد كبير من المحللين حول اتجاه السوق العالمي، في ظل السياسات التصعيدية التي تتبعها موسكو.

وجاء القرار الروسي ضمن خطة إعادة الهيكلة الاقتصادية التي تنفذها روسيا لتقليل ضغوط العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قبل الاتحاد الأوروبي.

ورغم إعلان وزارة الزراعة الروسية تحديد حصة تصديرية لزيت دوار الشمس، بنحو 1.5 مليون طن لتجنب النقص وتخفيف الضغط على الأسعار، إلا أن متعاملين في القطاع قالوا: إن ”السوق العالمي سيشهد زيادات سعرية نتيجة قلة المعروض“.

وحسب معطيات رسمية، تعد روسيا وأوكرانيا أكبر دولتين انتاجًا لزيت دوار الشمس عالميًا بكمية تقدر بنحو  1,865,498 طناً سنويًا لصالح روسيا، وإنتاج يصل إلى 1,768,556 طناً لصالح أوكرانيا، ثم تليهما من حيث الإنتاج في المرتبة الثالثة الأرجنتين والرابعة فرنسا.

وتوفر الدولتان أكثر من 80% من صادرات زيت دوار الشمس العالمية، بينما تعد الهند وعدد من الدول الأوروبية والعربية أبرز العملاء، بحسب منظمة الأغذية العالمية.

وفي خضمّ هذه المعضلة، علق نائب مجلس الأمن الروسي، دميتري مدفيديف تدوينة على قناته في ”تيليغرام“ ، على قرار حظر تصدير عباد الشمس، قائلا: ”لن نورد بضائعنا ومنتجاتنا الزراعية لغير الأصدقاء ، أمريكا الشمالية وأوروبا، ولن نشتري أي شيء منهم“.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي، إن موسكو ستطلب من المشترين الأوروبيين لغازها استخدام العملة الروسية، الأمر الذي صاحبه مطالب بضم مزيد من السلع إلى تلك القائمة.

ودعا رئيس مجلس النواب الروسي، فياتشيسلاف فولودين، بوتين في منشور على ”تيليغرام“ قبل يومين، بضم الأسمدة والحبوب والزيت النباتي والنفط الخام والفحم والمعادن والخشب إلى قائمة الدفع بالروبل ردًا على العقوبات الأوروبية.

فى السياق نفسه، قال المحلل الاقتصادي وعضو المجلس الاستشاري الوطني لمعهد الأوراق المالية والاستثمار البريطاني في الإمارات، وضاح الطه، ، إن ”روسيا بدأت بالهجوم المقابل على العقوبات الأمريكية الأوروبية ولم تستخدم بشكل حقيقي النفط والغاز كسلاح في هذه المعركة الشاملة مع الغرب“.

وحسب الطه، فإن ”النقطة الأساسية التي خلقت انقلابا بين روسيا والغرب هي إصرار بوتين على سداد مستحقات الغاز بالروبيل الروسي، وهذا السبب في إيقاف صادرات دوار الشمس لمدة 5 أشهر“.

وأفاد الطه بأن ”زيت دوار الشمس سلعة مهمة تدخل في صناعات متعددة، لذلك فإذا تمت إضافة الإنتاج الأوكراني للإنتاج الروسي، فستكون نسبة ضخمة، وهذا سوف يلاقي بظلال تضخمية على هذه المادة والمواد التي يستخدم فيها هذا الزيت بشكل كبير“.

وأوضح أن ”هذا شكل من أشكال الضغط لمراجعة العلاقة الاقتصادية بين روسيا والدول الأوروبية ومحاولة إعادة أوروبا كطرف مستقل ولا تخضع لأي قرارات تصدره الولايات المتحدة الأمريكية“.

ورأى رئيس لجنة الصناعات الغذائية في جمعية مستثمري العاشر من رمضان في مصر، حسن الفندي، أن ”تداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا كان لها تأثير سلبي على قطاع الصناعات الغذائية، لاعتماد العالم على هاتين الدولتين في توريد أصناف الغذاء الرئيسية“.

وقال الفندي :، إن ”أسواق منطقة الشرق الأوسط ستتضرر بشكل كبير من حظر تصدير بذور دوار الشمس، وفي مقدمة الأسواق مصر، لاستيرادها نحو 20% من زيت دوار الشمس من روسيا وأكثر من 50% من أوكرانيا“.

وتوقعت في الوقت نفسه أن ”يؤدي حظر التصدير إلى رفع أسعار هذا النوع من الزيوت في السوق المصرية بنسبة تتجاوز 20%  خلال النصف الثاني من العام الجاري“.

وكانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، قد قالت الشهر الماضي، إن مؤشرها للزيوت النباتية قفز 8.5%.

وارتفع زيت دوار الشمس الخام الروسي تدريجيًا مع بداية الأسبوع الماضي حتى الآن بنحو 200 دولار في الطن ليسجل حاليا 2150 دولارا للطن، شاملا تكاليف التأمين والشحن، حسب مذكرة بحثية لـ“ستاندرد آند بورز“.

وقال زكريا الشافعي، رئيس شعبة الزيوت في اتحاد الصناعات المصرية،: إن ”الشركات المستوردة لزيت دوار الشمس بموجب هذا القرار ستكثف البحث لاستيراد المنتج من دول أخرى مثل الأرجنتين“.

وأكد أنه ”في حال عدم استيراد الكميات المطلوبة، ستكون زيوت بذرة القطن وفول الصويا والكانولا، البدائل المطروحة أمام المستهلكين خلال الفترة المقبلة“.

وقال الباحث في معهد المحاصيل الزيتية التابع لمركز البحوث الزراعية، الحسيني موسى، لـ“إرم نيوز“ إن ”العالم بعد تلك المستجدات يجب أن يتحوط ضد تقلبات الصراع بالتوسع في زراعة المحاصيل الزيتية“.

بدوره، قال الخبير الزراعي، إسماعيل محمد، إن توجيه المزارعين فى كل دولة إلى زراعة دوار الشمس سيسهم فى امتصاص بعض الصدمات التي سببتها روسيا وأوكرانيا في الأسواق على المدى البعيد.

وعن عدم توسع دول منطقة الشرق الأوسط في زراعة المحاصيل الزيتية، أوضح رئيس شركة المصرية الخليجية إسماعيل  محمد :، أن ”السبب هو عدم امتلاكها البذور الجيدة التي تحقق أعلى إنتاجية ويكون لها عائد مادي مناسب للمزارعين“.

Comments are closed.