“قفل المخلب”.. هجوم تركي شمال العراق بطعم سياسي

لندن (عربي times)

أثارت العملية العسكرية الجديدة لتركيا في شمال العراق، ”قفل المخلب“ ضد عناصر حزب العمال الكردستاني غضب الأوساط السياسية والشعبية، في العاصمة بغداد.

جاء ذلك بوقت تحدث فيه مختصون عن حسابات انتخابية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وراء توقيت العملية.

وشنت أنقرة، الإثنين الماضي، في إطار سلسلة عمليات عسكرية متواصلة بذريعة محاربة حزب العمال الكردستاني المعارض، هجوماً عبر مروحيات وطائرات مسيّرة، قصفت خلاله مناطق تينة، الزاب، أفاشين، وباسيان، في إقليم كردستان العراق.

واستدعت حكومة بغداد، سفير أنقرة لدى العراق علي رضا كوناي، وسلمته مذكرة احتجاج ”شديدة اللهجة“، وطالبت بـ“الكف عن مثل هذه الأفعال الاستفزازية، والخروق المرفوضة“.

وجددت الخارجية عبر بيان مطالبتها بـ“انسحاب كامل القوات التركية من الأراضي العراقية بنحوٍ يعكس احتراما ملزما للسيادة الوطنية“.

وقالت إن ”العراق يمتلك الحق القانوني لاتخاذ الإجراءات الضرورية والمناسبة وفقاً لأحكام ميثاقِ الأمم المتحدة، وقواعد القانون الدولي إزاء أعمال عدائية وأحادية الجانب كهذه، إذ تجري دون التنسيق مع الحكومة العراقية“.

وتشير تقارير إلى ”سيطرة الجيش التركي على مواقع حيوية في قمة جبل متين، ومرتفعات كورزار، شمال محافظة دهوك، التي  انسحب منها مسلحو ”العمال الكردستاني“.

ونقلت وكالة أنباء ”الأناضول“ الرسمية عن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، قوله، إن طائرات حربية وهليكوبتر ومسيرة تركية قصفت أهدافا ومعسكرات وأنفاقا وملاجئ ومخازن ذخيرة لمسلحين أكراد في شمال العراق.

وأضاف أكار أن قوات خاصة ”دخلت المنطقة عن طريق التسلل من البر“ وشاركت في العملية التي قال إنها استهدفت مناطق ميتينا وزاب وأفاشين-باسيان في شمال العراق“.

زيارة بارزاني

بدوره، قال النائب السابق عن محافظة نينوى، جوزيف صليوا، إن ”تلك العمليات تمثل انتهاكا سافراً لسيادة البلاد“.

وأضاف صليوا أنها ”ليست المرة الأولى التي تقصف فيها تركيا، الأراضي العراقية، خاصة المناطق الحدودية، والقرى التابعة للسريان الكلدان الآشوريين، في ظل المعاناة التي يعيشونها من تهالك الخدمات، وغياب البنى التحتية، مثل الطاقة الكهربائية، وغير ذلك“.

وأشار :إلى أن ”تلك المناطق أصبحت مرة أخرى بين مطرقة التهميش، وسندان السلاح الجوي التركي“.

وبين أن ”وجود حزب العمال الكردستاني، لا يعني دخول القوات التركية إلى العراق، إنما يجب يكون هناك تنسيق سياسي، وعالي المستوى بين الحكومتين، التركية والعراقية، بهدف إيجاد حلول واقعية، وليس التدخل بهذه الطريقة السافرة والمرفوضة“.

وكان زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، قد ندد في وقت سابق، بالحملة العسكرية التركية، كما توعد بالرد إذا لم تتراجع أنقرة عنها.

وقال الصدر تغريدة عبر ”تويتر“ إن ”الجارة تركيا قصفت الأراضي العراقية بغير حق وبلا حجة، وكان عليها التنسيق مع الحكومة العراقية لإنهاء الخطر الذي يداهمها من الأراضي العراقية والقوات الأمنية العراقية قادرة على ذلك“.

وأضاف: ”لن نسكت، ولن نقبل التعدي وزعزعة الأمن من الأراضي العراقية ولن نقبل بالاعتداء على دول الجوار“.

من جهتها، استنكرت أوساط عراقية، غياب التنسيق من قبل الجانب التركي، الذي يقتصر دائماً على التعاون مع إقليم كردستان، في هذا الشأن.

وكان رئيس حكومة كردستان مسرور بارزاني، قد زار أنقرة الأسبوع الماضي، والتقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الاستخبارات التركي حقان فيدان.

وتتخذ أنقرة دائما، خطواتها بمعزل عن الحكومة الاتحادية في بغداد، كما حصل سابقاً في عمليتي ”مخلب النمر“ و“مخلب النسر“ في العام 2020.

ويرى مراقبون أن ”التحرك التركي الأحادي يأتي لقناعة لدى أنقرة، بأن موقف الجانب العراقي لن يتعدى التنديد“.

حسابات انتخابية

من جانبه، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، ياسين طه، إن ”العمليات التركية في الأجزاء الشمالية للعراق لم تتوقف منذ تسعينيات القرن الماضي، إلا أن لكل عملية دلالاتها وظروفها الخاصة“.

وأضاف : أن ”العملية الاخيرة تشير إلى أنها مرتبطة بحسابات انتخابية داخلية تركية، حيث أراد أردوغان شق صف المعارضين الذين يحاولون كسب خصمه اللدود المحسوب على الكرد المتمثل بحزب الشعوب الديمقراطي في الاستحقاق الانتخابي المقبل الحاسم“.

وأشار إلى أنه ”بعد إطلاق العملية اضطر الجميع لمباركتها، نظراً لحساسية الموقف المتعلق بالأمن القومي التركي، وبجيش وطني يقاتل خارج الحدود ما وضعهم في موقف اصطدام مع القاعدة الكردية في تركيا ومع حزب الشعوب“.

ولفت إلى أن ”تركيا تتوقف سنويا عن النشاط العسكري في فصل الشتاء، نظراً لوعورة المكان، وهطول العواصف الثلجية“.

وتابع: ”لكنها بحلول الربيع والصيف تعود إلى العمليات كما جرت العادة سنويا، فضلا عن ذلك فإن أنقرة مهتمة جداً بما يحصل في سنجار، وفي العراق بشكل خاص، لاعتبارات جيو سياسية واقتصادية وفي كل مرة تثبت عمليا بان لها نفوذا ومصالح ومواقف داخل الحالة العراقية المتشظية“.

وتشن تركيا غارات جوية بشكل منتظم على شمال العراق، كما أرسلت قوات كوماندوس إلى المنطقة لدعم هجماتها.

وحمل حزب العمال الكردستاني السلاح ضد الدولة التركية في عام 1984.

ولقي أكثر من 40 ألف شخص حتفهم في الصراع الذي كان يتركز بشكل أساسي في الماضي في جنوب شرق تركيا.

ويقول مسؤولون أتراك في أحاديث خاصة إنهم ”يعتقدون أن بغداد تساندهم بقوة في محاربة حزب العمال الكردستاني“.

وتحتفظ أنقره بعدد من القواعد العسكرية في محافظة نينوى، فضلاً عن إقليم كردستان.

Comments are closed.