ليبيا كلها تحترق وليس خزانات نفطها فقط

ليبيا “المحررة” من قبل قوات الناتو تحترق ولم يعد فيها اي مكان آمن، حتى آبار النفط وخزاناته ومرافئه التي كانت السبب الرئيسي للتدخل العسكري، وليس امام المواطن الليبي الذي من المفترض ان تكون رفاهيته واستقراره وتمتعه بثروات بلاده غير الهجرة الى دول الجوار المصري والتونسي للحفاظ على حياته.

لا احد يتحدث عن الثورة في ليبيا، ولا احد يستطيع ان يميز بين الثوار انفسهم او يتعرف عليهم ويقوم بعملية “فرز″ بين الصالح والطالح، الجيد وغير الجيد، فقد اختلطت المعايير والتصنيفات حسب الارضية الايديولوجية التي يقف عليها الشخص.

في ليبيا برلمانان وحكومتان وعدد لا يحصى من الميليشيات، والكل يدعي الشرعية، ويجد من يصدقه، ويقف معه ويحارب في صفوفه.

قوات فجر ليبيا التي تمثل “دولة مصراته” وتشكل رأس حربه للقوى الخارجية التي تدعمها وتساندها مثل تركيا وقطر تملك جيشا وسلاحا جويا، ومطارات وطائرات حربية أغارت احداها (ميغ 23) على منطقة الهلال النفطي، واصابت صواريخها مرفأ “السدرة” فأحرقت سبعة خزانات للنفط ما زالت مشتعلة وتتصاعد منها السنة اللهب وسحب الدخان.

طائرات اللواء خليفة حفتر المدعوم من مصر والسعودية والامارات وتنتمي وزعيمها الى البرلمان المنتخب وتحظى بدعمه وحكومة الثني المنبثقة عنه، ردت بشن غارات على مدينة مصراته، واصابت عدة اهداف حيوية حسب المتحدث باسمها.

صادرات النفط الليبي التي وصلت الى 1.5 مليون برميل يوميا انخفضت الى اقل من مئتي الف برميل، ومرشحة للانخفاض اكثر الى ما يقرب الصفر اذا ما جرى قصف الخزانات المتبقية وعددها خمسة، واغلاق مرافيء التصدير.

القوى الغربية تشعر بالقلق بسبب انهيار احلامها وطموحاتها في قيام ليبيا مستقلة، وتحولها الى مرتع خصب لشركاتها التي كانت تعد نفسها للاستيلاء على عقود نفطية، علاوة على عقود اعادة اعمار بمئات المليارات من الدولارات على المدى البعيد، ولكنها لا تريد ان تتدخل عسكريا لتطويق الازمة، لانها تدرك جيدا ان هذا التدخل، لاحتواء الاوضاع يتطلب ارسال قوات برية على العكس تماما من تدخلها الجوي السابق الذي اطاح بنظام العقيد معمر القذافي.

السيد الثني رئيس وزراء برلمان طبرق المنتخب لم يجرؤ على المطالبة بالتدخل العسكري البري لانقاذ ليبيا، واكتفى بتخفيض سقف مطالبه الى التدخل التقني لاطفاء نيران خزانات النفط المشتعلة، ولكنه قد لا يجد آذانا صاغية هذه المرة ايضا، لان الدول الغربية تدرك جيدا ان اي تدخل لها سيتحول الى خسائر بشرية كبيرة لا تستطيع تحمل تبعاتها، لان درس التدخل في العراق وافغانستان ما زال عالقا في ذهنها.

الى اين تتجه ليبيا؟ الاجابة وبكل بساطة الى المزيد من الاقتتال والدمار والحرائق وهجرات الشعب الليبي الذي اصبح اكثر من نصفه يعيش على الكفاف في تونس ومصر وبدرجة اقل في الجزائر.

ليبيا التي كانت موضع فخر للحكومات الغربية بسبب “نجاح الثورة” فيها، واطاحة نظام الطاغية تتحول الى “لعنة” لهذه الدول ودول الجوار ايضا، تصدر الارهاب والعنف والاسلحة الفتاكة، والصراع القبلي والجهوي.

اين الفضائيات العربية وجيوشها الجرارة من المراسلين بخوذاتهم العسكرية، ودروعهم الواقية من الرصاص وهم يلوحون بعلامات النصر؟ ثم اين مراسلي “السي ان ان” والـ”بي بي سي” و”سكاي نيوز″؟

نكتفي بطرح الاسئلة ونترك لكم الاجابة.

“راي اليوم”

Comments are closed.