باطلة وقانونية

لاشيء مستحيل ويمكن أن يحصل الشيء وضده خصوصاً في هذه البلاد العجيبة التي ترسم خريطتها التضاريس السهلة والصعبة صعوداً ونزولاً جبالاً وسهولاً ووديان ومراعي خضر وصحارى ورمالا وأنهارا ،ويمكن بكل بساطة أن تكون جلسة البرلمان ليوم الثلاثاء الخامس من آب اللهاب، باطلة وصحيحة وقانونية في الوقت نفسه،ويمر الوصفان المتناقضان علينا كشعب مرور الكرام ، وربما كان لهذه الجلسة رد فعل عنيف يتجاوز قاعة وأسوار البرلمان لو حدثت مثلها قبل عشر او عشرين سنة ، فقد كانت التصريحات تتحول صباح اليوم التالي الى رصاصات ومفخخات وضحايا وأيام سود ، وكفانا الله شرها وشر ماقبلها وشر ما بعدها، وقد يسأل سائل ، هل تجمدت أعصابنا في عزّ الصيف أمام المشاجرات والجلسات النارية وحتى المشادات التي تحصل في البرامج الحوارية ؟ أم أصبحنا أقل إهتماماً بالتفاصيل التي تكمن فيها الشياطين فلم تعد تهزنا الريح ، أو أنها تهزنا قليلاً ثم نعود إلى وضعنا الطبيعي ما قبل الهزة؟ واقع الحال يقول لا ، ولأتفه الأسباب وبكل بساطة يمكن حصول مجزرة في محطة وقود ويذهب ضحيتها ثلاثة في ريعان الشباب بسبب ثلاثة لترات بنزين فقط ، كما حصل في محافظة اربيل مؤخراً ، وهي ثاني جريمة قتل تقع في محطة وقود يذهب ضحيتها شباب في مقتبل العمر ، لايوجد جواب منطقي لهذه الحال مثلما لايوجد شعب في المنطقة خاض كل المعارك وصولاً الى محطات البنزين ومارس كل التمارين وشاهد كل الأفلام كشعبنا الذي رأى كل شيء ، مثل جده گلگامش، وبكل تاريخه وجغرافيته وفئاته المتنوعة المعتقدات والأفكار والتضاريس ، وكل الذي نتمناه الاستمرار في رباطة الجأش على المشاجرات البرلمانية التي تسخّن أجواء الصيف والحملات الانتخابية المبكّرة ، وندعو من كل عقولنا الى نزع سلاح محطات الوقود وحصر المشاجرات في قاعة البرلمان.
عبدالهادي مهودر

Comments are closed.