بغداد (عربي times )
دأب رياض أحمد (29 عاما) على أن يحدق ببصره من خلف ستائر نافذة غرفة نومه في مقاتلي تنظيم داعش وهم يقتادون المدنيين إلى سجن مؤقت على الجانب المقابل من الشارع قبل أن يرسلوهم عند منتصف الليل إلى الإعدام.
ويتذكر معلم اللغة الانجليزية سابقا وهو من بلدة حمام العليل جنوبي مدينة الموصل- المعقل الرئيسي للتنظيم المتشدد في العراق- سماع صراخ الضحايا جراء التعذيب وهو مختبئ مع عشرات من جيرانه قرب أحد مراكز الاعتقال التابعة للتنظيم.
وقال أحمد “الشيطان نفسه ستدهشه سبل التعذيب التي تتبعها داعش. إنّه أمر يفوق الخيال”.
ويشارك الجيش العراقي وقوات الشرطة الاتحادية في الحملة العسكرية التي تدعمها الولايات المتحدة منذ الشهر الماضي لاستعادة المدينة التي تشكل أكبر تجمع سكاني تحت سيطرة المتشددين، واستعادت القوات العراقية منطقة حمام العليل في مطلع الأسبوع.
ومع تقدم القوات العراقية كانت تفاصيل الوحشية وتنامي الإحباط لدى تنظيم داعش والتي تسربت شيئا فشيئا من خلافته المزعومة على مدى العامين الماضيين- تتعزز بروايات مباشرة للسكان.
وقال أحمد وهو يقف على الطريق بين منزله والسجن إنه لم تسلم أي منطقة في حمام العليل من عنف المتشددين. وأشار إلى أن ستة أشخاص أعدموا في الشارع الذي يسكنه بينهم والده وعائلة مؤلفة من ثلاثة أشخاص كانت تسكن بجوارهم.
ونقلت منظمات إغاثة ومسؤولون محليون وسكان من الموصل تقارير عن إعدام تنظيم الدولة الإسلامية عشرات الأشخاص في حمام العليل والثكنة الموجودة على مقربة منها خلال أسبوع للاشتباه في قيام هؤلاء بالتخطيط لعمليات تمرد داخل وحول الموصل لمساعدة القوات المتقدمة.
وقال عبد الرحمن الوكاع عضو مجلس محافظة نينوى الشهر الماضي إن معظم الضحايا كانوا أعضاء سابقين في الشرطة والجيش.
وقال أحمد إن التنظيم استخدم كلية الزراعة في البلدة “كميدان لقتل” مئات الأشخاص في الأيام التي سبقت تقدم القوات العراقية.
وأضاف “كانوا يعذبونهم في الداخل ثم يقتادونهم إلى خارج الحي ويرمونهم بالرصاص أو يذبحونهم”.
ودعمت الشرطة الاتحادية أقوال أحمد غير أن العبوات الناسفة كانت لا تزال مزروعة على الطريق إلى كلية الزراعة اليوم الاثنين مما منع رويترز من زيارتها.
وقال الجيش إن قواته في المجمع اكتشفت جثثا مقطوعة الرأس لمئة مدني على الأقل.
كان السجن المقابل لمنزل أحمد في السابق بيتا لضابط في الجيش فر أمام اجتياح التنظيم لثلث أراضي العراق في عام 2014. وغطى السواد جدران المنزل من الداخل ربما جراء حريق أضرمه فيه المقاتلون قبل فرارهم لكن الأقفاص المعدنية التي كان حجمها أكبر قليلا من حجم رجل بالغ ما زالت سليمة.
وتعلم أحمد الانجليزية خلال فترة احتلال القوات الأميركية للعراق لتسع سنوات بعد الإطاحة بصدام حسين في عام 2003. وكان مسرورا بالحديث إلى مراسل أجنبي بعد سنتين كان يخشى خلالهما أن يقتل إذا استخدم اللغة الانجليزية. وقال “كنا نعيش في جحيم مثل الأحياء الأموات”.
وروى سكان بقوا في حمام العليل اليوم الاثنين كيف تجمعوا في منازل كان كل منها يضم حوالي مئة شخص لأيام لتجنب إجبارهم على الهرب إلى الموصل مع انسحاب تنظيم الدولة الإسلامية. وقال أحمد “لم يعرفوا أننا هنا . لم نصدر صوتا. لا أضواء.. لا أصوات .. لا حديث على الإطلاق”.
وأضاف أن عائلته خزنت الطعام لتجنب الخروج لكن الجميع فقد من وزنه في حين كان دخول الحمام يشكل تحديا.
وقال ملازم في الجيش عاد إلى حمام العليل بعد الاختباء في جبل لأكثر من أسبوع بعد تصاعد عمليات إعدام رجال الأمن السابقين إنه شاهد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية يعدمون أشخاصا في حقل قريب.
وهرب آلاف المدنيين- بمن فيهم كثيرون من سكان قرى إلى الجنوب أجبروا على أن يكونوا دروعا بشرية للمتشددين- إلى مخيمات حكومية في مطلع الأسبوع في حين أجبر آخرون على التعمق في مناطق يسيطر عليه التنظيم.
وقال أحمد “لو تأخر وصول القوات أياما فقط.. لكنا الآن في الموصل. كانت داعش تريد أخذنا.” غير أن آخرين لم يكن لهم مثل هذا الحظ.
وقال طارق وهو طالب يدرس الهندسة إنه تحصن في منزله مع عشرات الجيران على مدى أربعة أيام قبل هرب الدولة الإسلامية رافضين مطالب المقاتلين بالمغادرة معهم.
وأضاف أنه في مرحلة ما ارتدى المقاتلون ملابس الجيش وتمكنوا من خداع عدد قليل من الأسر للاعتقاد بأنهم قوات عراقية. وقال طارق إنه عندما خرج المدنيون للترحيب بهم أعدموا.
وأضاف “بل إن طفلا في عامه الأول.. أطلقوا رصاصة على رأسه”.
Comments are closed.