لندن(عربي times)
يعيش عالم التكنولوجيا اليوم في خوف مستمر من تكرار الأزمة التي أصابت قطاع الإنترنت بين عامي 2001 و2002، وأدت إلى الإطاحة بغالبية شركات الإنترنت التي تأسست بعد الدخول الكثيف لهذه التقنية إلى عالم المؤسسات والأعمال عام 1997، وعرفت آنذاك بأزمة «دوت كوم كراش».
وتأتي هذه المخاوف من النتائج السيئة أو «المتواضعة» في أفضل الأحوال، التي تحققها الشركات الناشئة في الولايات المتحدة، خصوصاً بعد ذهابها إلى الاكتتاب العام، ناهيك بانخفاض أعداد هذه الشركات سنوياً.
وفضلاً عن ذلك، يسود حذر شديد أوساط المستثمرين الذين تعودوا على ضخ بلايين الدولارات في هذه الشركات على أمل أن تكون «فايسبوك» أو «غوغل» المقبلة.
ولافت أيضاً أن المستثمرين بدأوا يشعرون بالمبالغة في تقدير قيمة الشركات الناشئة التي تُصنف كـ «يونيكورن»، وهي الشركات التي تُقدر قيمتها السوقية بأكثر من بليون دولار.
ولعل تجربة «أوبر» التي تُعد إحدى أبرز هذه الشركات بقيمة تزيد على 69 بليون دولار، دليل يضاف إلى سجل الشركات التي يُعتقد أنها مبالغ في تقديرها.
إذ تمكنت شركة التكنولوجيا التي تعمل في مجال النقل على سبيل المثل لا الحصر، من تحقيق إيرادات تُقدر بـ5.5 بليون دولار العام الماضي، إلا أن خسائرها وصلت إلى 2.2 بليون دولار في الأشهر التسعة الأولى من عام 2016 من أصل مبيعات تُقدر بـ3.8 بليون دولار.
ومن غير الممكن فعلياً الحصول على معلومات دقيقة عن حجم الأرباح والخسائر، نظراً إلى أن الشركة لم تذهب إلى الاكتتاب العام، ما يعني أنها غير ملزمة بـ «الإفراج» عن نتائجها المالية، شأنها شأن كل الشركات التي تندرج تحت صفة «الناشئة».
وبعيداً من «أوبر»، هناك انخفاض ملحوظ في عدد المستثمرين الذين يمولون الشركات الناشئة، على رغم أن حجم التمويل لم يتغير تقريباً، ما يعني أن المستثمرين يغامرون بمبالغ أكثر على شركات أقل.
وتشير الإحصاءات إلى انخفاض ملحوظ في نسب التمويل للشركات الناشئة. إذ أفاد تقرير صادر عن شركة «كي بي ام جي» حمل عنوان «نبض تمويل المشاريع للربع الثاني 2017»، بانخفاض أعداد صفقات التمويل خصوصاً في المراحل الأولية للشركة الناشئة، مع ملاحظة استقرار قيمة التمويل حول العالم.
ويضيف التقرير، أن عدد صفقات التمويل التي أجريت في الربع الثاني من السنة، انخفض 7 في المئة مقارنة بعددها في الربع الأول، إلا أن ضخامة التمويل خصوصاً في المراحل الأخيرة للشركات الناشئة، ساعدت في بقاء المعدلات العالمية قريبة من تلك التي تحققت في الربع الثاني من العام الماضي. وسجلت الاستثمارات العالمية في الربع الثاني من السنة انخفاضاً بنحو 14.2 في المئة لتبلغ 40 بليون دولار تتضمن التمويل الضخم الذي حصلت عليه شركة النقل الصينية «ديدي شوكسينغ» بقيمة 5.5 بليون دولار، إضافة إلى نحو بليون دولار حصلت عليها شركة «توتياو» للإعلام من شركتي «سيكويا كابيتال» و «سي سي بي» من 46.7 بليون دولار للربع ذاته من العام الماضي.
بمعنى آخر، فإن هذه الأرقام تعني أن الشركات الناشئة تواجه صعوبة نوعية في إيجاد التمويل في مراحلها المبكرة، في حين أن حظوظ حصولها على تمويل في المراحل المتقدمة لا تزال مستقرة، ما يؤشر الى «الحذر» الذي يسود المستثمرين حول العالم.
ولافت أن نسب ارتفاع أعداد الشركات التي تُصنف «يونيكورن»، تنخفض في شكل تدريجي. إذ تشير الإحصاءات إلى ارتفاع عددها في شكل ملحوظ بين عامي 2014 و2015، إذ سجل الربع الأول من 2014 وصول 54 شركة ناشئة إلى هذا التوصيف، ليسجل الربع الثاني 61 شركة، أما الثالث والرابع فسجل وصول 70 و79 شركة على التوالي.
أما عام 2015، والذي يُعتبر عام الذروة بالنسبة إلى هذه الشركات، فسجل الربع الأول منه وصول 96 شركة و115 شركة للربع الثاني، و138 شركة للربع الثالث و144 للرابع.
وانتهى الربع الأول من عام 2016 بزيادة 6 شركات فقط، ليصل العدد إلى 148، في حين سجل الربع الثاني 151 شركة بزيادة 3 شركات فقط. وانخفض للمرة الأولى إلى 150 شركة في الربع الثالث، ليعود ويرتفع في الرابع إلى 154 شركة. ومع نهاية الربع الأول من السنة الحالية، عاد الرقم إلى الانخفاض ليصبح 153 شركة.
وتأتي أرقام الاستثمار في الشركات الناشئة لتعزز المخاوف من تطور القطاع ومستقبله، إذ سجل عام 2014 نحو 93 بليون دولار، ليرتفع إلى 130 بليوناً في العام التالي، وينخفض في 2016 إلى 100 بليون دولار.
وسجل العام الماضي أيضاً، أبطأ نسبة اكتتاب عام للشركات الناشئة في الولايات المتحدة منذ الركود الاقتصادي، إذ ذهبت 6 شركات فقط إلى الاكتتاب العام في الولايات المتحدة، إلا أن أسعار أسهم معظم هذه الشركات بعد الاكتتاب كانت أقل من أسعارها قبل الاكتتاب، ما يعني أن المستثمرين أعطوا هذه الأسهم أكثر من قيمتها، لتعيد السوق تصحيحها.
وعلى رغم هذه الأرقام المتواضعة مقارنة بعام 2015 الذي يُعد ذروة هذه الشركات، إلا أن بعض الشركات تحقق نتائج جيدة جداً خصوصاً خارج الولايات المتحدة. فالأسواق الآسيوية شكّلت اندفاعة كبيرة لهذه الشركات في السنوات الأخيرة. إذ يشير التقرير ذاته، إلى دخول 16 شركة جديدة في الربع الثاني من السنة إلى «نادي اليونيكورن» بدعم من بريطانيا وآسيا.
والحال أن التخبط الذي يعيش فيه قطاع التكنولوجيا، لا يُشير الى فقاعة فعلية محتملة في القطاع، ولكن الأكثر قابلية للتصديق أن القطاع الذي اعتبر لفترة طويلة مستقلاً عن قطاعات السوق الأخرى، بدأ بالخضوع لأجواء الأسواق وقوانينها وعاد لتنظيم نفسه وشركاته.
Comments are closed.