واشنطن (عربي times)
برأ مجلس الشيوخ الأمريكي، امس، الرئيس دونالد ترامب في أعقاب محاكمة تاريخية لعزله، أبرزت الانقسامات في المشهد الأمريكي، لكنها أظهرت أيضًا مدى قوة القبضة التي يمسك بها قطب العقارات السابق، الحزب الجمهوري، قبل 9 أشهر من انتخابات قد يحكم بنتيجتها لولاية ثانية مدتها 4 سنوات.
ومن خلال انتصاره السياسي، استفاد ترامب من دعم الجمهوريين القوي ليحبط وبسهولة مساعي الديمقراطيين لإخراجه من منصبه، بسبب ضغطه على أوكرانيا للمساعدة بتعزيز فرص إعادة انتخابه.
وسارع ترامب إلى إعلان انتصاره لما اعتبره البيت الأبيض تبرئة كاملة، أمام رفض الديمقراطيين نتيجة لا قيمة لها بنظرهم.
وعلى الرغم من اعتراف العديد من الجمهوريين بأن سلوك ترامب هو خطأ، لكنهم عبروا عن ولائهم له في النهاية، وصوتوا لإبرائه من تهم إساءة استخدام السلطة بغالبية 52 مقابل 48 صوتًا معارضًا، ومن تهمة عرقلة عمل الكونغرس، بغالبية 53 مقابل 47 صوتًا معارضًا، بعيدًا جدًا عن أغلبية الثلثين المطلوبة لعزله.
وقال رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، الذي ترأس المحاكمة:“إن ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ الحاضرين لم يجدوه مذنبًا بالتهم الواردة ضمنًا، وبالتالي فقد صدر حكم ببراءة دونالد جون ترامب“.
وخاطر السيناتور الجمهوري ميت رومني، وهو من خصوم ترامب المعروفين، بإغضاب البيت الأبيض بالتصويت إلى جانب الديمقراطيين فيما يتعلق بالتهمة الأولى، قائلًا:“إن ترامب مذنب تمامًا في إساءة استخدام الثقة العامة الممنوحة له“. ولكنه صوت على أنه غير مذنب بالنسبة للتهمة الثانية.
وستترك محاكمة ترامب وصمة دائمة في سجله، كما حصل مع الرئيسين أندرو جونسون في العام 1868، وبيل كلينتون في العام 1998. لكن قرار مجلس الشيوخ لم يكن موضع شك على الإطلاق منذ أن قرر مجلس النواب عزل ترامب رسميًا في كانون الأول/ديسمبر، وأزاح القرار الأخير عقبة كبيرة أمام الرئيس ليتفرغ تمامًا لحملة إعادة انتخابه في تشرين الثاني/نوفمبر.
ترامب يتحدث الخميس
وتعقيبًا على القرار، أعلن ترامب أنه سيدلي ببيان رسمي، اليوم الخميس، من البيت الأبيض، لمناقشة ”انتصار بلادنا على خدعة العزل“.
ونشر في وقت سابق في تغريدة غلافًا مزيفًا مركبًا لمجلة ”تايم“ يعلنه رئيسًا إلى الأبد، ثم نشر فيديو يهاجم رومني، أول سيناتور في تاريخ الولايات المتحدة يدعم إدانة رئيس من حزبه.
وأعلن البيت الأبيض أن ترامب حصل على ”تبرئة وإعادة اعتبار كاملين“، وحذرت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي الديمقراطية من أن الجمهوريين قاموا ”بتطبيع الإفلات من القانون“ من خلال تبرئة ساحة ترامب.
وقالت بيلوسي التي كانت مزقت في اليوم السابق نسختها من خطاب ترامب حول حال الاتحاد أمام كاميرات التلفزيون:“لا يمكن أن تكون هناك براءة دون محاكمة، ولا توجد محاكمة دون شهود، ووثائق وأدلة.. للأسف، وبسبب خيانة مجلس الشيوخ الجمهوري للدستور، سيبقى الرئيس يمثل تهديدًا مستمرًا للديمقراطية الأمريكية، بإصراره على أنه فوق القانون وبإمكانه إفساد الانتخابات إذا أراد“.
وقال زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر:“إن البراءة لا قيمة لها، لأن الجمهوريين رفضوا الاستماع لشهود في المحاكمة، وهو أمر قال الديمقراطيون إنه لم يحدث من قبل في أي محاكمة للعزل“.
معزول للأبد
وواجه التحقيق المكثف الذي أجراه الديمقراطيون في مجلس النواب واستمر 78 يومًا، شكوكًا وضغوطًا من البيت الأبيض لتعطيله، وهو تكتيك أدى إلى اتهام ترامب بالعرقلة.
وبسبب قلقها من المخاطر السياسية على حزبها، رفضت بيلوسي أوائل العام الماضي دعوة للمباشرة بإجراءات إقالة ترامب بناء على أدلة جمعها المحامي الخاص آنذاك روبرت مولر. لكن مخاوفها تلاشت بعد أن ظهرت مزاعم جديدة في آب/أغسطس الماضي، بأن ترامب ضغط على أوكرانيا ليحصل منها على مساعدة في حملته الانتخابية.
وتمكن الديمقراطيون وبسرعة من جمع أدلة قوية تدعم هذه المزاعم. وأظهرت الأدلة أنه منذ أوائل العام 2019 ، كان المحامي الخاص لترامب رودي جولياني وحليفه السياسي المقرب السفير لدى الاتحاد الأوروبي غوردون سوندلاند، يخططان للضغط على كييف للمساعدة في تشويه صورة الديمقراطيين بمن فيهم منافس ترامب المحتمل جو بايدن، من خلال فتح تحقيقات بشأنهم.
وقال آدم شيف الذي قاد الادعاء في قاعة مجلس الشيوخ هذا الأسبوع:“يجب أن نقول كفى، كفى! لقد خان أمننا القومي، وسيفعل ذلك مرة أخرى“.
خطأ هائل
وخلال المحاكمة، لم ينظر إلى دفاع ترامب على أنه يقوض الحقائق التي جمعت خلال التحقيق الذي قاده شيف، واعترف العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين بأنه أخطأ.
لكن محاميه والمدافعين عنه في مجلس الشيوخ جادلوا، بشكل أساس، بأن سلوك ترامب لم يكن فظيعًا بما فيه الكفاية لمساءلته وعزله.
وصوروا تصويت مجلس النواب في كانون الأول/ديسمبر، على أنه محاولة سياسية لتدمير الرئيس في سنة انتخابية، وأصروا على أنه ينبغي السماح للناخبين بتحديد مصير ترامب.
وفيما انتهت إجراءات مجلس الشيوخ، قال زعيم الأغلبية ميتش ماكونيل: إنه“واثق من أن إجراءات العزل ستصب في مصلحة الجمهوريين في نهاية المطاف، وأضاف:“لقد اعتقدوا أنها فكرة رائعة، على الأقل على المدى القصير، كانت خطأ سياسيًا هائلًا“.
Comments are closed.