اختبار أوكرانيا.. الجيش الروسي المُجدد تعلم من إخفاقات الماضي

لندن (عربي times)

سلط تقرير إخباري بريطاني الضوء على ما وصفه بالإصلاحات الشاملة التي أجراها الجيش الروسي منذ 2008، على مستوى المعدات والاستراتيجيات والأفراد.

وأشار التقرير الذي نشرته صحيفة ”فاينانشال تايمز“، إلى أن ”قادة المؤسسة العسكرية الروسية يبدو أنهم تعلموا من إخفاقات الماضي“.

واستشهدت الصحيفة، بإنجاز سلاح المظليين الروس الذي يقوده الجنرال أندريه سيرديوكوف، (62 عاما) لمهمة حفظ السلام في كازاخستان في 10 أيام فقط وبعدها غادروا البلاد بعد مساعدة حكومتها في قمع الاحتجاجات الشعبية.

وأضافت أنه ”بالمقارنة بالعملية المحدودة والسريعة في كازاخستان، تبدو روسيا وكأنها تستعد لعملية مختلفة تماما تتمثل في غزو شامل لأوكرانيا“.

ومن المرجح أن يلعب ”سيرديوكوف“ دورا رائدا فى تلك العملية إذا صدر الضوء الأخضر بذلك من الرئيس فلاديمير بوتين، وفق المصدر ذاته.

ونقل عن مايكل كوفمان، الخبير العسكري المتخصص في الشؤون الروسية، ولديه كتابات مهمة حول استراتيجية بوتين العسكرية، قوله إن ”القوات المظلية الروسية هي عادة رأس الحربة، وقاتلت بالفعل على نطاق واسع في أوكرانيا عامي 2014 و2015، لكنك سترى عددا قليلا منهم في أي غزو جديد“.

وأشار محللون في حديثهم للصحيفة، إلى أن ”المسيرة المهنية لقائد المظليين الروس سيرديوكوف، والتي تشمل عمليات نشر في الشيشان وشبه جزيرة القرم، توضح كيف تطور الجيش الروسي في عهد بوتين“.

وقالوا إن ”الجيش، أصبح جنبًا إلى جنب مع الترسانة النووية للبلاد، أداة مركزية في السياسة الخارجية للرئيس“.

نقطة تحول

ووفق التقرير، فإنه قبل عقدين من الزمان، كان الجيش قوة من الحقبة السوفيتية متثاقلة وسيئة التجهيز، يتقاضى جنوده رواتب زهيدة وتسببوا في خسائر فادحة خلال القمع الوحشي للتمرد الإسلامي في الشيشان.

لكن اليوم، أصبح الجيش قوة منظمة قادرة على تنفيذ مهمات حفظ سلام ناجحة في كازاخستان، والتدخل خارج مسرح عملياته كما هو الحال في سوريا عام 2015، والقيام بمهمات مخفية مثل ضم جزيرة القرم في عام 2014.

وبحسب ”فاينانشال تايمز“، فإن نقطة التحول للجيش الروسي كانت فى عام 2008، بعد إخفاقه في جورجيا، عقب شنه هجوما سريعا استمر 5 أيام فقط.

ورغم قصر فترة الهجوم، فقد خسر الجيش الروسي العديد من الطائرات بنيران صديقة، وكانت الاتصالات الميدانية سيئة للغاية لدرجة أن القادة اضطروا إلى استخدام هواتفهم المحمولة.

وإضافة إلى ذلك، لم تكن طائرات الاستطلاع بدون طيار لديها القدرة على نقل الصور التي تلتقطها في الوقت الفعلي كما هو الحال الآن، ولكن بعد هبوطها والانتهاء من مهمتها.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنه ”في أعقاب تلك الإخفاقات، حدث تجديد وتطوير ضخم للجيش الروسي، حيث تمت زيادة الأجور وتحديث المعدات وصقل استراتيجيات القتال، ونشر فئة الضباط المحبطين بشكل متزايد في العمل، وتم البدء في استبدال المجندين ضعيفي التدريب بآخرين محترفين“.

وقال رسلان بوكوف، مدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتقنيات ومقره موسكو: ”الآن الجيش قادر على الاختيار والتجنيد.. ربما ليس الأفضل على الإطلاق، ولكن ليس الأسوأ أيضًا“.

من جانبه، قال المحلل السياسي فيودور لوكيانوف، إن ثمار الإصلاحات الروسية أصبحت واضحة أثناء ضم شبه جزيرة القرم وتأكدت في العام التالي في سوريا.

وأشار لوكيانوف إلى أن التدخل في سوريا عمل أيضًا كنقطة اختبار للضربات الصاروخية الدقيقة وتشغيل المركبات غير المأهولة، وكأرض تدريب لأكثر من 60 ألف فرد، بما في ذلك الضباط.

وبحسب خبراء عسكريين، فإن القوات الروسية الحديثة قادرة على تقديم جرعة هائلة من القوة الغاشمة.

وفي هذا الصدد قال صموئيل كراني إيفانز، محلل العلوم العسكرية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة: ”قد لا تكون الصواريخ الروسية دقيقة بما يكفي لاستهداف النافذة اليمنى العلوية لمبنى، كما تستطيع الولايات المتحدة وحلفاؤها.. لكنها ما زالت دقيقة بما يكفي لتفجير المبنى بأكمله“.

اختبار أوكرانيا

خلال الأسبوع الماضي، حذر البنتاغون من أن روسيا نشرت ما يكفي من القوات والمعدات لغزو أوكرانيا في أي لحظة ولديها ”مجموعة من الخيارات“، بما في ذلك هجوم يهدف إلى احتلال البلاد.

ويقدر المحللون وفق ”فاينانشال تايمز“، أن ”القوات الروسية نشرت 52 قاذفة صواريخ إسكندر الباليستية بالقرب من الحدود، بالإضافة إلى 76 كتيبة تكتيكية جاهزة للمعركة، والتي يبلغ متوسط عدد أفرادها 800 جندي، أي أكثر من ضعف العدد المعتاد“.

وبشكل عام، لدى روسيا جيش قوامه حوالي 900 ألف فرد، بما في ذلك 280 ألف جندي بري.

وعلى مدار العقد الماضي، تم إضافة طائرات جديدة، وتحديث الدبابات.

في المقابل لدى أوكرانيا قوة نشطة قوامها 261 ألف فرد، 145 ألف فرد في الجيش، بالإضافة إلى 900 ألف جندي احتياطي.

وعلى الرغم من اشتداد قوتهم بسبب ثماني سنوات من الصراع في دونباس، حيث يقاتل الانفصاليون للاستقلال عن كييف، إلا أن الأوكرانيين يفتقرون إلى وجود أنظمة دفاع جوي شاملة، معظمها لا يزال في شبه جزيرة القرم وهي في أيدي روسيا.

وقالت بيتينا رينز، مؤلفة كتاب النهضة العسكرية الروسية وأستاذ الأمن الدولي في جامعة نوتنغهام، للصحيفة إنه ”بالرغم من أن الجيش الأوكراني قد يكون أفضل مما كان عليه في 2014، لكن القوات الروسية لا تزال أقوى بكثير وتم تحديثها وأصبح لديها مزيد من القدرات“.

وذكر مايكل كوفمان، الخبير العسكري المتخصص في الشؤون الروسية، أنه فيما يتعلق بأوكرانيا فإن روسيا تحتفظ أيضًا بعنصر المفاجأة، من خلال المعدات العسكرية الموجودة على الحدود.

وأضاف كوفمان أن ”هذه المعدات من الممكن أن يتم تشغيلها في أي وقت من قبل القوات الروسية التي يتم جلبها إلى الحدود بوتيرة متسارعة، وفي غضون ذلك، لن يتم الكشف عن نطاق وتوقيت أي عملية نهائية حتى وقت متأخر من الاستعدادات“.

وتابع: ”إذا بدأ سلاح المظلات الروسي في زيادة قواته للتموضع بالقرب من حدود أوكرانيا، فهذا مؤشر جيد على أنهم يخططون لشن هجوم“.

 

Comments are closed.