ما أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها حتى انقسم العالم إلى كتلتين شرقية وغربية بعد مؤتمر يالطا ،الذي حدد مسارات العمل المشترك بين الدول المنتصرة،وهي دول الحلفاء وهدفها الحفاظ على مسارات السلام في العالم، وبدأ الغرب بتبني سياسية استنزاف للطرف الآخر،بعد سلسلة من الأزمات حصلت فيما بينهم من حصار برلين إلى الحرب الكوريه ولم تكن أزمة خليج الخنازير اخر المشاكل بين الكتلتين.
من خلال المنظمات الدولية وعلى وجه التحديد الأمم المتحدة،التي أصبحت الذراع الأيمن للغرب في تبني سياسات من شأنها تدمير الآخر ولكن بطرق بعيدة عن الحروب الصلبة ،واستخدام السلاح فقد كان سلاحها الجديد و الفعال هو حزم القرارات والمواثيق الدولية والتي من شأنها دفع الآخر إلى مساحات ضيقة ،وتشديد الخناق عليه وشيطنة كل من يخالفها بحجة أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق الآخر، قد وضعت من اجل الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والإعلام الحر.
وقد ساهمت تلك السياسات إلى حد كبير في تحقيق هدفها المنشود، بعد أن استطاعت تدمير الطرف الآخر والاجهاز عليه، وتحويل الكتلة الكبيرة إلى دويلات صغيرة ترزح تحت ضغوط كثيرة منها الفقر، الأمية، الجهل، التخلف ،وعملت على إيجاد تشكيلات وتكتلات بداخل تلك الدول والتي كانت قد خرجت منهكة جراء فترات الصراع الطويلة ،فكان وجود هذه الجماعات هو العمل على تحريك الرأي العام باتجاه تغريب المنظوماتها القيمية بداخلها وكذلك نبذ العادات والتقاليد والقيم المثلى بحجة أنها لا تواكب روح العصر.
لقد عمل الغرب على نفث سمومه في كل الدول التي تخالف سياساته من خلال نشر الثقافات الغربية وقد عمل على تشجيع الحركات الشاذة والفوضوية والعبثية والتي ظهرت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي بشكل سريع لتصل إلى كل بقاع العالم كالنار في الهشيم، مستخدمة في سبيل الوصول إلى ذلك الموسيقى والاكلات السريعة والملابس والأزياء الغريبة، وغير المألوفة وكذلك قصات الشعر كذلك ساهم انتشار تجارة وتعاطي المخدرات لاتساع مساحة انتشار الثقافات الشاذة بحجة انها حقوق شخصية لكنها بحقيقة الأمر حصون يتدرع بها، سادة واساطين وامراء المال العالمي والذين لا يتورعون عن استخدام أقذر الأساليب من اجل زيادة وسعة نفوذهم ،مما يجعلهم قادرين على بسط نفوذهم من خلال السيطرة المطلقة على الاقتصاد العالمي والذي بدوره كان قد قام بمنحهم كل أسلحة الهيمنة والسيطرة على مقاليد الأمور في أي بقعة من العالم.
لقد استخدم الغزاة الجدد مجموع من الطراطير قاموا بنشرهم في مراكز صناعة القرار داخل مناطق نفوذهم والطرطور في معاجم اللغة العربية الشخص التافه الضعيف غير قادر على اتخاذ القرار وجمعها طراطير وعلى مايبدو ،أن من يقود العالم اليوم هم نفر من الذي ارتضوا أن يكونوا جزءً من المخطط العالمي الجديد لقد اختاروا أن يكونوا قادة للعالم المتحضر، كما يحب أن يطلقوا على انفسهم هم مجموعة من الضالين و المتشدقين بمصطلحات الحداثه.
لقد نكثوا كل وعودهم في تبني سياسة نصرة المظلوم ،وتحرير الدول وحرية الأفراد والجماعات وحماية حقوقهم ومعتقداتهم وعدم السماح بالتجاوز على اي من هذه الحقوق لأنها تعتبر نواميس الحضارة الجديدة ولكنها وعلى ما اتضح من انها شعارات للوصول إلى مبتغاهم فكانت الدول الكبرى الحارس الامين لحقوق الإنسان، ومعتقدات وثقافات الجماعات والأقليات هي المنتهك الأول لكل ما تم وضعه والدفاع عنه في الماضي، ولقد سقطت ورقة التوت عن عورة الحضارة في الاختبارات الأخيرة، أن إعلان امريكا دولة مثلية والسويد حصن الديمقراطية في أوربا والتي دافعت وبشكل فض انتهكت به كل المواثيق والأعراف الدولية، بسماحها لشخص مارق بحرق القران تحت حماية الدولة السويدية ،وكذلك مايحصل من انتهاكات لحقوق الإنسان في عاصمة الثقافة والفنون، والآداب باريس يدلل على أن غروب حضارتكم بات قاب قوسين أو أدنى وان غدا لناظرة قريب،والله ناصر المسلمين .
الدكتور ..عائد الهلالي
العراق
Comments are closed.