يشتهر سكان شرق آسيا وخصوصاً في كوريا والصين واليابان بعيونهم الصغيرة، عيون صغيرة، لكن تختبئ خلفها أدمغة كبيرة.. صدّرت للعالم الابداعات التكنولوجية بمختلف استخداماتها.
تلك العيون الناعسة، يعرف اصحابها كيف يستثمرون الوقت والجهد والمال، وانتجوا هواتف واجهزة لوحية ذكية والعاباً الكترونية، تسمّر الكبار قبل الصغار في الولوج الى العوالم التي تسحرهم في برامجها والعابها وتطبيقاتها ولساعات طويلة.
ساعات لهونا، وليالي السمر واوقات الفراغ اصبحت ملكاً لتلك الاجهزة التي يطوّرها اصحاب العيون الصغيرة يوماً بعد يوم، واصبحت تجارة ووسيلة ضغط وحرب بين الدول للاستحواذ على مناجم المال القادم من التكنولوجيا.
تجارة التكنولوجيا هي الشغل الشاغل للعالم، وبراءات الاختراع فاقت ملكيتها ملايين الدولارات، والقيمة السوقية لشركات التكنولوجيا فاقت 15.6 تريليون دولار خلال العام الماضي، أي ما يعادل 15% من سوق الاسهم العالمية، والشركات والدول الكبرى تسعى لاحتضان اصحاب الابداع وتنمّي مهاراتهم وتطورها، بل وتحتضن من يحمل فكراً علمياً فذاً مهما كانت جنسيته، فالمهم هو ما سيقدمه مستقبلاً، وما ستجنيه الشركات من اختراعاته.
شغل اوقاتنا كعرب بالتسمّر امام الاجهزة اللوحية والهواتف الذكية دون انتاج، هو نجاح استثمار الشركات العالمية ونمو دائم في ارصدتها البنكية، مهما كان ثمن تخلفنا واستهلاكنا الدائم للافكار والمنتجات القادمة من شرق آسيا ودول أخرى.
مثلاً خلال عام 2022، قاربت قيمة شركة ميتا التي تملك فيسبوك 500 مليار دولار، وصافي ايرادات هواوي الصينية صاحبة الهواتف الذكية 92.3 مليار دولار، وايرادات سامسونغ الكورية الجنوبية 244 مليار دولار في ذات العام، ولنسأل انفسنا، كم بلغت ايراداتنا كعرب من التكنولوجيا، ولنعكس السؤال قليلاً، كم أنفقنا لشراء تلك التكنولوجيا من الشرق الاسيوي، وكم استهلكنا من الوقت برفقة الهواتف الذكية؟ وكم تقلّص حجم عيوننا نتيجة الاستخدام المفرط للهواتف؟
لا يهم الجواب، مع غياب الارقام رسمية، لكن الاهم هو التغييرات التي اصبحت على وجوه العرب، التي ما بات الشعراء يتغني بوسع عيونهم، حتى صارت ضيقة كعيون سكان شرق آسيا.
أليست هذه العولمة والقرية الواحدة التي قرأنا عنها منذ سنوات؟
نعم اصبحنا نتشابه في كل شيء، إلا في مستوى الذكاء.
بشير الاعرجي
كاتب واعلامي
العراق
Comments are closed.