لندن (عربي times)
يفتح احتمال فشل المفاوضات التي يديرها الوسطاء للتهدئة في غزةفي العاصمة القطرية الدوحة، الباب أمام سيناريوهات صعبة، خاصة أنها تعدُّ مفاوضات الفرصة الأخيرة لإتمام صفقة تبادل أسرى.
وانطلقت المفاوضات التي وصفت بـ”الإيجابية”، الخميس، إذ يعمل الوسطاء على التوصل لاتفاق تهدئة بين حماس واسرائيل، فيما يرجح الوسطاء ثلاثة سيناريوهات للحرب بغزة حال فشلت مباحثات التهدئة.
أول هذه السيناريوهات يتمثل في العمليات الخاطفة التي يمكن أن ينفذها الجيش الإسرائيلي بمختلف مناطق القطاع، والتي ستشمل عمقه، وتشبه إلى حد كبير العمليات التي ينفذها في الضفة الغربية، وتأتي في إطار المرحلة الثالثة من الحرب.
ويُمكّن هذا السيناريو الجيش الإسرائيلي من إحكام قبضته الأمنية والعسكرية على مختلف مناطق القطاع، ويبقي على حالة الفوضى التي يعيشها سكانه، الأمر الذي سيكون سببًا في استمرار حالة الحرب في غزة.
ويرى الخبير في الشأن العسكري، اللواء واصف عريقات، “أن إسرائيل تفضل مثل هذا السيناريو بعدِّه أقل تكلفة، ويضمن لها استمرار الحرب، وبالتالي بقاء الائتلاف الحكومي الذي يقوده بنيامين نتنياهو”.
وأوضح عريقات، “أنه بالرغم من القبول السياسي الإسرائيلي لهذا المقترح؛ فإنه مرهق للمؤسستين الأمنية والعسكرية، وبالتالي قد يجد معارضة منهما، ما يعني وجود مزيد من الخلافات الداخلية.
وأشار إلى أن “الجيش الإسرائيلي يعطي أولوية حاليًّا للجبهة الشمالية مع لبنان، ويرغب في وقف الحرب بغزة ولو مؤقتًا؛ من أجل تعزيز قدراته العسكرية لمواجهة ميليشيا حزب الله في حال اندلاع الحرب معها”.
وقف أحادي للحرب
السيناريو الثاني يتمثل في إقدام إسرائيل على اتخاذ قرار بوقف الحرب في غزة أحاديًّا، وفي إطار هدوء غير معلن مع حركة حماس من دون اتفاق، وهو الأمر الذي يحتاج قرارًا حاسمًا بشأن بقاء القوات العسكرية أو سحبها.
وسبق لإسرائيل أن أقدمت على ذات القرار في الحرب التي شنتها ضد قطاع غزة عام 2008، إذ سيطرت خلالها على محور نتساريم، وأقدمت على الانسحاب لاحقًا منه، فيما تبقى إمكانية تطبيق هذا السيناريو ضعيفة.
وحسب الخبير العسكري، فإن “الوقف الأحادي وإن كان يعطي لإسرائيل مساحة للعمل عسكريًّا ضد حماس في أي وقت من دون وجود خطوط عريضة أو تفاهمات تمنعه من ذلك؛ إلا أنه سيكون سببًا في انهيار الائتلاف الحكومي الذي يرفض وقف الحرب”.
وبين عريقات، أن “القادة السياسيين ليس لديهم رغبة في وقف الحرب في حين يضغط القادة العسكريون والأمنيون من أجل ذلك”، لافتًا إلى أن الحرب لا يمكن أن تتوقف إلا عبر اتفاق دولي إقليمي بمشاركة حماس وإسرائيل.
حرب إقليمية
ويمثل سيناريو الحرب الإقليمية الأقرب للتحقق حال فشلت مفاوضات التهدئة بين حماس وإسرائيل، خاصة وأن إيران وحزب الله أجلا بشكل غير معلن ردهما على عمليات الاغتيال الأخيرة التي نفذها الجيش الإسرائيلي.
ويمكن لفشل مفاوضات التهدئة أن تؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية تكون إيران وحلفاؤها طرفًا فيها، وإسرائيل وحلفاؤها في الطرف الآخر، وهو الأمر الذي تسعى الولايات المتحدة لمنعه، وتبذل جهودًا للضغط على الأطراف جميعها لضمان الاستقرار والهدوء.
وأكد عريقات، أن “الحرب الإقليمية في حال اندلعت ستؤدي إلى توتر أمني وعسكري بالمنطقة طويل الأمد، وسيجبر دول العالم على الدخول فيها، خاصة أنها ستكون سببًا في تضرر المصالح الإقليمية لتلك الدول”، وفق تقديره.
وأشار إلى أن “مثل هذه الحرب ستبدأ بهجوم من قبل إيران وحلفائها بالمنطقة، ثم رد إسرائيلي وتدخل أمريكي وغربي”، مشددًا على أن ذلك سيؤدي إلى تغيير موازين القوى في المنطقة.
مواجهة مفتوحة
ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي، سهيل كيوان، أن “الخيارات العسكرية والسياسية بشأن الأوضاع في غزة حال فشلت التهدئة بين حماس وإسرائيل محدودة للغاية”، مشيرًا إلى أن فشل المفاوضات سيكون سببًا في مواجهة جديدة هي الأعنف.
وقال كيوان، “إن عدم التوصل لاتفاق بين حماس وإسرائيل بمنزلة وصفة للحرب الإقليمية الشاملة، خاصة أن أطرافًا إقليمية ودولية تستعدان لتوجيه ضربة عسكرية لإسرائيل، وهو ما يعني الدخول بأكبر مواجهة عسكرية بالمنطقة”.
ولفت إلى أن “المجتمع الدولي معني بعدم دخول المنطقة في مواجهة مفتوحة تكون سببًا لحرب شاملة ستستمر لسنوات، وهو ما يدفعها للضغط بقوة على مختلف الجهات من أجل التوصل لاتفاق تهدئة ولو مرحليًّا”.
وتابع: “بتقديري حماس وإسرائيل ستتجاوبان تجاوبًا غير مسبوق مع الجهود الحالية للتهدئة، الأمر الذي سيؤدي إلى اتفاق مرحلي يؤسس لاتفاق طويل الأمد بينهما”، لافتًا إلى أن أي اتفاق مرتقب سيضمن الهدوء على مختلف الجبهات الإسرائيلية لسنوات.
Comments are closed.