لندن (عربي times)
شكل إعلان وزير الخارجيةماركو روبيو عن إعادة تنظيم شاملة لوزارته هذا الأسبوع، إشارة إلى آلية سياسة خارجية أكثر مرونة، بإزالة طبقات من البيروقراطية، التي يقول إنها أبطأت وتيرة العمل السريع في عالمٍ مُثقل بالأزمات، وفقًا لموقع “ذا هيل” الأمريكي.
فيما يُحذر المنتقدون من أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تُعيق نفوذ أمريكا على الساحة الدولية، بعد أن قامت بالفعل بتفكيك أدوات السياسة الخارجية الأمريكية، بما في ذلك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، وإذاعة صوت أمريكا، والمكاتب التي تُركز على التنمية الاقتصادية في الخارج.
من جانبه، قال تيبور ناجي، الذي عاد إلى التقاعد بعد 4 أشهر من عمله وكيلًا للوزارة لشؤون الإدارة في عهد روبيو، إنه “متحمّس” لإعادة تنظيم الوزير، حتى مع انتقاده لطريقة إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، التي وصفها بـ”الفوضوية”.
وشملت إعادة تنظيم روبيو، إلغاء 132 مكتبًا ونقل 137 مكتبًا آخر إلى مواقع أخرى داخل الوكالة، وهي خطوة يُقرّ حتى المنتقدون بأنها قد تُحقق بعض التبسيط اللازم في مجال تطوير السياسات.
وكما أعلن روبيو إلغاء مكتب وكيل الوزارة لشؤون الأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان، المعروف باسم مكتب “جيه” -في لغة وزارة الخارجية – مع إعادة تسمية المكاتب السبعة التابعة له، أو نقلها إلى مكاتب إقليمية، أو إلغائها.
ويجري حاليًا إعادة تصور مكتب “جيه” ليصبح مكتب منسق الشؤون الخارجية والإنسانية، ويتولى المساعدات الخارجية، بينما ستتولى المكاتب الإقليمية توزيع المساعدات.
ويأتي هذا بعد الإلغاء شبه الكامل للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، التي تبلغ قيمتها 40 مليار دولار، وتقول الإدارة إن الـ 10% المتبقية من برامج الوكالة ستُدمج في وزارة الخارجية.
وكتب داني شولكين وتيس بريدجمان وأندرو ميلر في تحليلٍ نُشر في مجلة “جاست سيكيوريتي” السياسية الإلكترونية: “إن هذه التغييرات مجتمعةً تُقلل من أولوية حقوق الإنسان والمساواة والصحة وحماية المدنيين، وتُقيّد نطاق عمل الدبلوماسية الأمريكية وتُهمّش القيم الأمريكية الجوهرية”.
وبيّنوا أن إعادة الهيكلة الأخيرة لإدارة ترامب ليست مجرد تعديل وزاري، بل هي إعادة ترتيب للأولويات الدبلوماسية، وهو ما يبدو أنه سيُقيّد القوة الناعمة الأمريكية، ويُقلّص القدرة المؤسسية على حقوق الإنسان، ويُركّز الرسائل في ظلّ عدد أقلّ من مراكز القيادة.
وردًّا على الانتقادات، قال الوزير روبيو: إن ما تبقى من المساعدات الخارجية، والدفاع عن حقوق الإنسان، وتعزيز الديمقراطية، والعدالة الجنائية العالمية، سيُقدّم بشكل أفضل في ظل مكاتب إقليمية محددة، وهي 7 مكاتب تغطي أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا وآسيا ونصف الكرة الغربي والمنظمات الدولية.
وأكد أنه “سنظلّ منخرطين في هذه الأمور، مع اهتمامنا بحقوق الإنسان، ولكن ستُدار على مستوى السفارة والمستوى الإقليمي، وليس من مكتب في واشنطن العاصمة يحمل هذا الاسم”.
وقالت إستر بريمر، الزميلة البارزة في الحوكمة العالمية بمجلس العلاقات الخارجية، والتي شغلت منصب مساعدة وزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية خلال إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما: “ما يقلقني هو أننا نتخلص من بعضٍ من أقوى أصولنا”.
وأشارت إلى أنه “قد تكون بعض هذه التغييرات مفيدة بالفعل، وتُوحد جهود أشخاصٍ كانوا في مناصب مختلفة بالوزارة، ولكن علينا أن نرى مدى تطبيقها”.
وأوضحت بريمر أن بعض إعادة التنظيم منطقية، إذ تُمكّن المكاتب الإقليمية، وتنقل بعض أنشطة إنفاذ القانون، وتُنشئ مكتبًا للتهديدات الناشئة تحت رعاية مكتب ضبط الأسلحة والأمن الدولي.
وأعربت عن قلقها بشأن قضايا مُقسّمة إلى فئات إقليمية، رغم أهميتها في ربط الدول معًا، مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان، عندما تختلف اللغات والمواقع.
وأوضحت بريمر أنه لطالما كانت الولايات المتحدة من أبرز المؤيدين لفكرة أن الديمقراطية وحقوق الإنسان تُسهمان في تحقيق الأمن والاستقرار، مضيفة أنه “من الصعب إدارة هذه القضايا الكبرى إذا لم يكن الهيكل سليمًا، وهذا ما يُقلقني”، كما تساءلت “كيفية تطبيق ذلك ستكون حاسمة”.
وسط تفاقم المخاوف بشأن إعادة تنظيم الوزارة، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الإدارة تدرس تقليص عدد السفارات والقنصليات في الخارج، وتشمل إغلاق 10 سفارات و17 قنصلية.
Comments are closed.