الجفاف .. القاتل الصامت

 

يراقب العراقيون انخفاض منسوب مياه نهر دجلة بقلق وحزن شديدين كلما مروا من قرب ضفتيه ومن فوق جسوره وسط العاصمة بغداد، ويقر المسؤولون في وزارة الموارد المائية بأن حالة الجفاف هي الأشد منذ ثمانين عاماً، والاعتقاد الشعبي السائد أن دولة مصب كالعراق ليس عليها سوى مطالبة تركيا باعتبارها دولة المنبع بزيادة الاطلاقات المائية وتنتهي المشكلة، وقد استخدمها بعض المرشحين في حملاتهم الانتخابية باعتبارها قضية حياة تهم الناخبين. ولكن تقارير المنظمات الدولية أكثر صدمة وصراحة فهي تتحدث عن ازمة جفاف عالمية تواجه كوكب الأرض، وترجع الأسباب إلى التغييرات المناخية وسوء إدارة المياه، فلسنا وحدنا، وإذا كنا بلاد النهرين ونستغرب حدوث الجفاف فإن تركيا تحيط بها البحار من كل جانب وتتوسطها عدة أنهر وينطبق عليها المثل الشعبي العراقي (مسعدة وبيتچ على الشط) لكنها واحدة من الدول التي تواجه أزمة الجفاف، وهذه الوفرة من البحار والأنهر لدى تركيا يجب أن ترفع من مستوى الإحساس بحجم الخطر الذي يواجه العراق وبأزمة لا تحلها إلا رحمة الله الواسعة وهطول أمطار غزيرة بالدعاء وكثرة الاستغفار، ولا نرى في الواقع مؤشرات على إحساس بحجم الخطر ولا ارشادات بتقنين استخدام المياه والحرص عليها ومنع التجاوز والهدر وطرق الغسل والرش والسقي البدائية. واذا تكلم خبير بالتقنين كحل وقائي وكاشف الناس بالحقيقة انقلبت الدنيا على رأسه وتعرّض لموجة تسقيط لا لشيء إلا لكونه يستشعر الخطر عن بعد أكثر منا ويقترح أحد الحلول الممكنة اضافة إلى ما على الدولة فعله في مجال الحفاظ على الثروة المائية والدفاع عن حق العراق وحصته منها، وتستحق حالة الجفاف حملة أوسع وأقوى من حملات المرشحين للانتخابات في الإنفاق والترويج وطرق الوصول إلى المواطن بشتى السبل وعبر الصور والارشادات والرسائل النصية والتذكير بها مراراً وتكراراً، فهي أزمة وطنية وعالمية حقيقية لقاتل صامت، ومواجهتها بالصمت ليس حلاً لكونها تهدد الحياة والاقتصاد والزراعة وتستوجب الصراخ بأعلى أعلى أصواتكم.

عبدالهادي مهودر 

كاتب واعلامي

العراق

Comments are closed.