التطورات المتسارعة في المنطقة تجعل من المستبعد أن تعود علاقات أميركا مع حلفائها كما كانت عليه، بسبب الخلطات مرة المذاق التي تقدمها لهم، والرغبة بتقديم الوجبات لكل الأطراف على طريقتها،
مؤكدة مقولة وزير خارجيتها الأسبق هنري كيسنجر: «ليس من مصلحة الولايات المتحدة أن تحل أي مشكلة في العالم، لكن الأفضل أن تمسك بخيوط المشكلة، وتحرك تلك الخيوط بما يتناسب والمصلحة القومية الأميركية العليا».
فأميركا لم تترك وسيلة إلا واستخدمتها لدعم الإرهاب الداعشي الذي تدّعي محاربته في سورية، في الوقت الذي تهادن وكلاءها في النظامين التركي والسعودي، وتذهب معهما للنهاية في عرقلة أي حل سياسي للأزمة، و تحرضهما على بذل المزيد من الجهود لدعم إرهابييها «المعتدلين»، وتحصيل مقاعد لهم على موائد أي حوار مرتقب، دون أن تنسى طبعاً افتتاح المعركة تلو الأخرى قرب حليفها أردوغان، مسلطة السيف الكردي عليه، ومهيأة إياه للصفعة التي يمكن أن يتلقاها بين لحظة وأخرى.
بالطبع المعارك التي تفتتحها واشنطن، سواء بهدف الإمساك بمفاتيح الحلول أم استمرار النزاع، لن تحقق عبرها ما تصبو إليه، ولاسيما أن رسائل مهمة عابرة من طهران إلى روسيا باتت في الأيدي السورية، مفادها أن الجيش العربي السوري قبل غيره، سوف يكون في المناطق التي تحشد فيه الولايات المتحدة حلفاءها، وهو ما يؤكد في الوقت ذاته تصريحات بن نايف وزير داخلية النظام الوهابي، بأن السعودية انهزمت في سورية واليمن وجميع الدول التي تدخلت فيها، ليمهد لتنازلات مزعومة يمكن أن تحصل مقابل تخليص البلاد من الاقتتال والتناحر الذي تسببت فيه مملكة بني سعود، بعد استشعرت خطر واشنطن المقبل من خلال خلطة العرش والنفط التي يتم تهيئتها لزعزعة الأمن في السعودية حسب معهد واشنطن.
المرحلة الأصعب من عمر الحرب انقضت، والرؤى السياسية تتبلور في أروقة صنع القرارات الدولية، بالتشاور مع سورية وليس من دونها، ومحور جديد في العالم يحدد الصمود نتيجة المواجهة القوية، خاصة أن مناطق كثيرة تفلت من أيدي الإرهابيين الذين يذوبون في تنظيمات تحاربوا معها سابقاً، بعد إصابتهم بالإحباط، وبعد اتفاقات على إقفال الحدود في وجوههم.
حسين صقر / ( صحيفة الثورة السورية)
Comments are closed.