باريس (عربي times)
في إطار محاكمة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزيبشأن الاشتباه في تمويل ليبي لحملته الانتخابية لعام 2007، تتواصل التحقيقات حول فرضية وجود “اتفاق فساد” أُبرم أواخر عام 2005 بين ساركوزي والعقيد معمر القذافي.
ويوم الأربعاء، تناولت المحكمة تفاصيل زيارات ساركوزي إلى ليبيا خلال خريف 2005، عندما كان يشغل منصب وزير الداخلية، برفقة كلود غيان وبريس أورتوفو، اللذين كانا يشغلان مناصب بارزة ضمن فريقه الوزاري.
وتثير محاكمة تمويل حملة نيكولا ساركوزي لعام 2007 من قبل نظام معمر القذافي أسئلة مثيرة، خاصة مع شهادة جان لوك سيبيوب، السفير الفرنسي السابق في طرابلس خلال الفترة الحرجة، بحسب إذاعة “إر.تي.إل” الفرنسية.
وبين أكتوبر 2004 وديسمبر 2007، كان سيبيوب شاهداً رئيسياً على ثلاث زيارات مثيرة للجدل لمسؤولين فرنسيين إلى ليبيا، يُعتقد أن “اتفاق فساد” قد أُبرم خلالها، وفقاً للاتهامات.
وفي شهادته يوم الأربعاء 15 يناير، استعرض السفير تفاصيل إحدى تلك اللحظات المحورية، وهي زيارة ساركوزي في 6 أكتوبر 2005 عندما كان يشغل منصب وزير الداخلية.
يروي السفير أن الوفد الفرنسي استُقبل في البداية داخل خيمة نُصبت في حديقة القصر الرئاسي، حيث جرت محادثات عامة. لكن اللحظة الأكثر غموضاً جاءت عندما غادر ساركوزي والقذافي الخيمة وتوجها إلى مكان آخر، ربما مكتب خاص، لإجراء محادثة خاصة للغاية بحضور المترجمين فقط، بحسب صحيفة “لوباريزيان” الفرنسية.
تلك الجلسة الخاصة أصبحت محور الاتهامات، حيث يزعم الادعاء أنها كانت الفرصة التي أُبرم فيها الاتفاق المشبوه بين الطرفين. شهادات السفير تضيف مزيداً من التعقيد إلى قضية أصبحت رمزاً للتشابك بين المصالح السياسية والدبلوماسية.
وشهدت الجلسة شهادات دبلوماسيين خدموا في طرابلس حينذاك، من بينهم السفير السابق جان لوك سيبيوب والمفوض السابق. ورغم تباين الروايات، أكد السفير السابق أهمية الزيارة بالنسبة للجانب الليبي، حيث رأوا في ساركوزي “رئيسًا محتملاً مستقبليًّا”.
وقد لفتت الانتباه شهادة عن لقاء خاص دام نصف ساعة بين ساركوزي والقذافي تحت خيمة الأخير، وسط تكهنات بشأن تفاصيل هذا اللقاء الذي قد يحمل أسرار الاتفاق المزعوم.
والتهم الموجهة تشمل الإشارة إلى ترتيبات قانونية تخص عبد الله السنوسي، الرئيس السابق للاستخبارات الليبية، المحكوم عليه بالسجن المؤبد في فرنسا. ورغم اعتراف غيان وأورتوفو بلقاء السنوسي خلال زيارتهما، بررا ذلك بأنهما كانا ضحية “خديعة”.
وتساءل أحد القضاة مستنكرًا: “هل يُعقل أن يجهل وزير هوية عبد الله السنوسي؟” ليأتي رد السفير بابتسامة، مشيرًا إلى أن الزيارة لم تكن عادية بأي حال، خاصة في ظل محدودية اهتمام ليبيا بالشؤون المحلية التي كان يمثلها أورتوفو.
وتكشف المحاكمة عن تعقيدات دبلوماسية وتحالفات خفية، تاركة الباب مفتوحًا للتساؤلات حول حقيقة ما حدث في خريف 2005. في ظل التحقيقات المستمرة، يبقى الشك يحيط بكل زيارة، مع استمرار الكشف عن خفايا الاجتماعات التي عقدت بين المسؤولين الفرنسيين والليبيين في تلك الفترة.
Comments are closed.