مدريد (عربي times)
ظهرت أول إشارة إلى فكرة النظام العالمي ثلاثي الأقطاب في نهاية عام 2020، عبر كتاب للمؤلف الألماني هاينز لاندون بورجير، الذي مرّ مرور الكرام دون أن يلاحظه أحد، وافتقر إلى أي إشارات تذكر عنه على الإنترنت، بعنوان “بوتين – ترامب – شي جين بينغ، النظام العالمي الثلاثي الأقطاب”.
ووفق صحيفة “إل موندو” الإسبانية، نُشر الكتاب بعد 10 أيام من خسارة الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية أمام جو بايدن، بينما كان الوباء الذي نشأ في الصين يضرب مدن العالم، بما في ذلك روسيا، التي كانت تروج لقاحها “سبوتنيك”.
وفي تلك الأثناء، استمرت التوترات الداخلية في روسيا بعد تسميم زعيم المعارضة أليكسي نافالني قبل أشهر.
وبعد 5 أعوام، بدأ مصطلح “النظام الثلاثي الأقطاب” يصبح محورًا رئيسيًا في التحليلات الجيوسياسية والدبلوماسية، ففي مقال نشرته صحيفة “آسيا تايمز”، تساءل الصحفي المخضرم يان كريك: هل يمكن أن يكون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، والصيني شي جين بينغ، مهندسي نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب؟
وبعد أقل من شهر من توليه منصبه، بدأ ترامب حربًا تجارية مع الصين وبقية العالم، وانسحب من اتفاقية باريس ومنظمة الصحة العالمية، كما خفض المساعدات الخارجية الأمريكية.
وفي الوقت نفسه، بدأ ترامب محادثات مع روسيا بشأن السلام في أوكرانيا، متجاهلًا حكومة فولوديمير زيلينسكي والاتحاد الأوروبي.
كما شهد العالم في تلك الفترة انهيارًا للنظام الدولي القائم على القواعد الذي نشأ عقب الحرب العالمية الثانية.
وباتت منظمة القوة التي كانت تعتبر رمزًا للديمقراطية والاستقرار العالمي، تراهن على إطار جديد تسود فيه سياسة “قانون الأقوى”، وفق الصحيفة الإسبانية.
ولفتت إلى تصريحات متلفزة لرئيس الدبلوماسية الأوروبية السابق، جوزيب بوريل، قال فيها: “قرب ترامب من بوتين، وقرب بوتين من شي، يعني أن هذه الشخصيات الثلاث قد تضع رؤية جديدة للعالم، وتوزيعًا جديدًا للسلطة بينهم”.
وهذا الرأي يتردد أيضًا في بكين، حيث فوجئ بعض المسؤولين الأوروبيين بتصريحات ترامب المتعالية تجاه الصين، خصمه الأساسي في هذا الصراع.
وقالت “إل موندو” إن مؤتمر ميونخ للأمن أحدث مفاجآت، حيث قدّم نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس خطابًا قاسيًا ضد الزعماء الأوروبيين، بينما سعى كبير الدبلوماسيين الصينيين، وانغ يي، إلى إبراز الصين كحليف مستقر لأوروبا.
وفي وقت لاحق، أشار وانغ إلى ضرورة تعاون أكبر قوتين في العالم، بينما هاجم السياسات الحمائية الأمريكية.
وفي الوقت نفسه، دعا ترامب بوتين إلى محادثات لوقف الحرب في أوكرانيا، وهو ما دعمته الصين أيضًا، كما أبدى ترامب نيته عقد قمة مع بوتين وشي جين بينغ.
وفي خطوة لاحقة، دعا بوتين ترامب إلى موسكو لحضور احتفالات الذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفيتي على ألمانيا النازية في مايو/أيار المقبل، في حدث قد يحضره شي جين بينغ، مما قد يشهد اجتماعًا ثلاثيًا بين بوتين وترامب وشي.
ورغم التحديات الاقتصادية الداخلية، تبقى الولايات المتحدة قوة عظمى في المجالات الاقتصادية والعسكرية والثقافية، وفق الصحيفة.
أما بشأن روسيا، أوضحت الصحيفة أنه رغم تراجعها الاقتصادي، تظل لاعبًا رئيسيًا بفضل قوتها العسكرية، وخاصة ترسانتها النووية، وتحافظ على نفوذها في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأوروبا الشرقية.
بينما بوتين، الذي يعاني من العزلة الغربية بعد الحرب الأوكرانية، وجد في شي جين بينغ حليفًا استراتيجيًا، حيث دعمت الصين روسيا في مواجهة العقوبات الغربية، لكن العلاقة بين موسكو وبكين تظل غير متكافئة، إذ يعتمد بوتين بشكل أكبر على الصين.
وفي ظل هذه الديناميكيات، عاد بوتين إلى الساحة الدولية بفضل محاولات ترامب لفتح قنوات تفاوض مباشرة معه بشأن الحرب في أوكرانيا، بينما استفادت الصين من الفراغ الذي خلفته السياسات الحمائية الأمريكية لتعزيز دورها العالمي، وفق الصحيفة الإسبانية.
Comments are closed.