موسكو (عربي times ) –
أطلقت موسكو وأنقرة مسار تطبيع العلاقات الروسية- التركية، من المدخل التجاري- الاقتصادي تمهيداً للقاء يجمع الرئيس فلاديمير بوتين بنظيره التركي رجب طيب أردوغان في أيلول (سبتمبر) المقبل.
وأسفرت محادثات هاتفية بين الرئيسين أمس، عن اتفاق على طي صفحة الأزمة بين البلدين، والانتقال إلى آليات تطبيع شامل للعلاقات والبدء بالتعاون في الملفات التي تضم مصالح مشتركة وصولاً إلى القضايا الخلافية على مبدأ «الفصل بين الملفات».
وفي باريس، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن بلاده وتركيا ستستأنفان على الأرجح التعاون لحل الأزمة السورية بعدما اتفق الرئيسان على عودة العلاقات خلال الاتصال الهاتفي.
وقال لافروف خلال زيارة لفرنسا إنه سيبحث الأزمة السورية وقضايا أخرى مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو على هامش قمة إقليمية تعقد في منتجع سوتشي الروسي المطل على البحر الأسود غداً الجمعة.
وقال محللون إن التعاون الروسي- التركي سيؤدي إلى ضبط طموحات «الاتحاد الديموقراطي الكردي» برئاسة صالح مسلم ومشروع الإدارات الذاتية شمال سورية قرب حدود تركيا، بعدما أعربت أنقرة عن قلق من تأسيس «كردستان سورية»، إضافة إلى أن بدء موسكو وأنقرة البحث في حل سياسي للأزمة السورية قد لا يصب في مصلحة الرئيس بشار الأسد.
وبعد المكالمة الهاتفية مباشرة، ترأس بوتين اجتماعاً حكومياً وأمر رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف ببدء الإجراءات القانونية والفنية اللازمة لرفع قيود مفروضة على التعاون التجاري- الاقتصادي وإطلاق مفاوضات مع الجانب التركي لاستئناف التعاون في كل المجالات. وأشار بوتين في الاجتماع إلى «قرار روسي باستئناف التعاون في مجال السياحة، على الرغم من تكثيف أنشطة العناصر الإرهابية في أراضي تركيا».
وأكد أنه أعرب عن التعازي للرئيس وللشعب التركيين في ضحايا التفجير الأخير في إسطنبول.
وأضاف أن أردوغان أكد له أن القيادة التركية ستبذل كل ما بوسعها من أجل ضمان أمن المواطنين الروس في أراضي تركيا.
وزاد بوتين أنه أبلغ أردوغان أن رسالته وفرت مقدمات لطي صفحة الأزمة في العلاقات الثنائية وإطلاق عملية استئناف العمل المشترك في القضايا الدولية والإقليمية ومن أجل تطوير مجمل العلاقات الروسية- التركية.
وأفاد بيان نشره الكرملين بأن الرئيس الروسي قدم خلال المكالمة «تعازيه العميقة بضحايا الهجوم الإرهابي في مطار أتاتورك في إسطنبول وعبر عن تعاطفه مع أسر الضحايا متمنياً الشفاء العاجل لجميع المصابين».
وشدد الطرفان الروسي والتركي خلال المكالمة على ضرورة تكثيف التعاون الدولي في محاربة الخطر الإرهابي الذي يهدد المنطقة.
من جهة أخرى، أعلن مكتب الرئيس التركي في بيان أن أردوغان وبوتين عبرا عن عزمهما إحياء العلاقات الثنائية والتعاون في الحرب ضد الإرهاب، واتفقا على «خطوات ضرورية» لاستئناف التعاون الثنائي.
اللافت غياب الإشارة إلى الخلافات السياسية، وخصوصاً في الملف السوري عن تصريحات بوتين وعن البيان الصادر عن الكرملين، في مؤشر واضح إلى اتفاق الجانبين على الشروع بالعمل على القضايا التي تصب في المصلحة المشتركة وإرجاء البحث في الملفات الأكثر تعقيداً.
وكان مصدر ديبلوماسي روسي أبلغ «الحياة» في وقت سابق أن موسكو وأنقرة ستتجهان على الأغلب للعمل بسياسة «الفصل بين الملفات» التي يمتلك البلدان خبرة كبيرة بها وكانت ناجحة خلال السنوات العشر التي سبقت الأزمة.
على أن يتم تناول الملفات السياسية في اللقاء المرتقب بين الرئيسين بهدف محاولة تقريب وجهات النظر فيها.
إلى ذلك، أسفر التطور عن إغلاق صفحة الحملات الإعلامية القوية التي شنتها وسائل الإعلام الروسية على تركيا، ولوحظ أن تغطيات الصحف الروسية خلت أمس، من شعار «بضاعتكم ردت إليكم» الذي كانت ترفعه خلال تغطياتها الأحداث الإرهابية التي هزت تركيا في أوقات سابقة، في المقابل برزت أمس، في وسائل الإعلام الروسية تغطيات موسعة للهجوم الذي استهدف مطار إسطنبول.
في الأثناء، أكدت الناطقة باسم الخارجية الروسية أن «الإرهاب لا دين له ولا جنسية»، مضيفة أن «الألم الناجم عن المذبحة في مطار أتاتورك مشترك».
واعتبر رئيس مجلس النواب الروسي (الدوما) سيرغي ناريشكين أن «العمل الإرهابي في إسطنبول يؤكد أن على العالم برمته توحيد جهوده في محاربة الإرهاب».
وأعرب عن تعاطفه وتعازيه لذوي ضحايا التفجيرات.
Comments are closed.