بغداد (عربي times)
طالبت أوساط سياسية وشعبية عراقية، بالكشف عن الجهة المدبرة لجريمة اغتيال الباحث في الشأن الأمني العراقي هشام الهاشمي، وذلك بعد إعلان السلطات العراقية، عن هوية قاتله، وهو الضابط في وزارة الداخلية أحمد عويد الكناني.
وبثت السلطات الأمنية، امس الجمعة، الاعترافات الكاملة للكناني، مكتفية، فيما يتعلق بالجهة المنفذة، بالقول إن المتهم ينتمي لجماعة ”خارجة على القانون“، دون تحديد من هي هذه الجماعة.
وتحدث الكناني، عن نفسه، حيث تبين أنه ضابط في وزارة الداخلية منذ 2007، وهو برتبة ملازم أول، وكان من المقرر ترقيته ضمن جدول تموز/يوليو الجاري إلى رتبة نقيب.
وبحسب صور التقطتها كاميرات مراقبة للهجوم وعرضت على القناة التلفزيونية، فإن الكناني نفذ عملية القتل مع ثلاثة أشخاص آخرين كانوا على متن دراجتين ناريتين.
ونشر نشطاء عراقيون، على مواقع التواصل الاجتماعي، منشورات سابقة للكناني، على موقعه في ”فيسبوك“، حيث تبين أنه مؤيد للمجموعات والميليشيات المسلحة، ويشيد بنشاطاتها، مع تعليقات حادة ضد رافضي توجهات تلك المجموعات، وهو ما عزز فرضية وقوف فصائل مسلحة، مرتبطة بإيران، وراء تلك الحادثة.
وما دعم مثل هذا السيناريو لدى العراقيين، هو أن انطلاق عملية قتل الهاشمي، كانت من منطقة البوعيثة، وهي منطقة زراعية جنوبي بغداد، واقعة تحت سطوة الميليشيات حيث يحتلون عدة مقرات حزبية وعسكرية فيها.
وطالب عراقيون، بضرورة الكشف عن الجهة المدبرة للعملية، وعدم الاكتفاء بتحميل القضية لضابط مغمور في وزارة الداخلية، لا يمكن أن يقدم على ”اغتيال سياسي“، دون تعليمات من جهة ما.
اعترافات منقوصة
وقال النائب في البرلمان العراقي، ظافر العاني، إن ”اعترافات المتهم منقوصة، وقد أدت الى تلطيخ سمعة وزارة الداخلية، لأنه تم تقديم المجرم باعتباره ملازما أول في الوزارة، لكنها سكتت عن الميليشيات التي ينتمي لها ودوافع القتل ولاشك أن السكوت عن ذلك هو تبرئة لهذه المجاميع الإرهابية، وتغطية على أفعالها الجرمية، إلا إذا كانت الأجهزة الأمنية تحتفظ بهذه المعلومات لأغراض السرية“.
وأضاف العاني في تعليق له على صفحته في ”فيسبوك“ أنه ”في كل الأحوال، فإن إلقاء القبض على القتلة أو بعضهم هو تطور إيجابي في طريق إماطة اللثام عن الذين قتلوا أحبتنا، وأربكوا الوضع الأمني وأساءوا لسمعة العراق، لكننا ما نزال بانتظار الحقيقة كاملة عن دوافع المجرمين، والجهة التي يرتبطون بها والدولة التي تدعمهم وتقف وراءهم، إذ بدون ذلك سيبقى السؤال حاضراً: من قتل هشام الهاشمي؟“.
ونقلت وكالة فرانس برس عن مصدر أمني قوله امس الجمعة، إن الكناني كان مرتبطاً بميليشيا مسلحة موالية لإيران في العراق، وكان الباحث الهاشمي ينتقدها في كتاباته وتعليقاته على وسائل الإعلام.
وتركز خطاب العراقيين خلال الساعات الماضية، على ضرورة الكشف عن الجهة التي تقف خلف الكناني، دون الاكتفاء بعرض اعترافاته، فهو أداة لتنفيذ الجريمة فحسب، واستذكر نشطاء مراسلات بعد اغتيال الهاشمي، مع الأمين العام لتيار مواطنون غيث التميمي، عبر ”واتساب“ وهو يتحدث له عن تهديدات تلقاها من كتائب حزب الله، بالتصفية الجسدية.
ونشر التميمي، حينها، تغريدة وجهها إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أعلن فيها امتلاكه وثائق بخصوص مقتل الهاشمي، كان قد زوده بها قبل مقتله.
مصلحة مشتركة
وقال الباحث في الشأن السياسي، عقيل عباس، إن ”هذه الخطوة جيدة، لكنها منقوصة، إذ إن الجريمة هي اغتيال سياسي، وليس جنائية، فهناك اعتراف بوجود فاعلين سياسيين دبّروا تلك العملية، لكن ذلك لم يحظ بالاهتمام، ما يعني أن الإفلات من العقاب ما زال مستمراً“.
ويرى عباس : أن ”الحل هو تسمية الحكومة للجهات السياسية، التي دفعت هذا الضابط للقيام بتلك الجريمة، حينها سنكون أمام مشهد مختلف، لكن القوى السياسية الفاعلة، لا تريد تغيير هذا السلوك، ولا ترغب برفع الحماية عن تلك المجموعات، لأنها تعرض معظم الأحزاب إلى الخطر، فالكثير منها مرتبط بتلك الأعمال“، لافتا إلى ”وجود مصلحة مشتركة في الإبقاء على هذا النوع من الحصانة“، مشيراً إلى أن ”الوضع يتجه إلى احتجاجات جديدة وربما صدامات بين الجمهور وهذه الأحزاب، في حال عدم اتخاذ إجراءات إصلاحية حقيقية“.
بدوره قال علي البياتي، وهو عضو في مفوضية حقوق الإنسان إنها ”خطوة إيجابية نحو ترسيخ المساءلة وإنهاء الحصانة ونأمل بأن تتم محاسبة كافة المتورطين بارتكاب الجريمة“.
رواية لتغييب العدالة
ولم يكشف خلال عرض الاعترافات عن تاريخ اعتقال الكناني، لكن تمت الإشارة إلى أن المحكمة صدقت أقواله في 10 تموز/ يوليو، بعد أن ”اعترف أمام الهيئة التحقيقية القضائية وبحضور ممثل الادعاء العام والمحامي المنتدب للدفاع عن المتهم“.
ورأى الخبير في الشأن العراقي، أحمد الياسري، أن ”الرواية التي خرجت للرأي العام العراقي، هي رواية لتغيبب العدالة عن قضية هشام الهاشمي، كي لا تتعرض الحكومة إلى ضغط داخلي من قبل قواعد الاحتجاج، لذلك حُولت تلك القضية إلى ملف سياسي، تمت تسويته بهذه الصورة“.
وقال الياسري ، إن ”انطلاق العملية من منطقة البوعيثة التي تسيطر عليها ثلاث ميليشيات مسلحة، يؤكد ارتباط الجهة المنفذة بالخارج، أو على الأقل وجود معرفة بينهما“، مشددا ”على الحكومة استنطاق هذا الشخص بخصوص الجهة التي تقف وراءه وتدعمه، فهذه الجريمة لم تعد عراقية، إنما هي توازي ما حصل لجورج فلويد الأميركي“.
يشار إلى أن الهاشمي وإلى جانب كونه خبيراً في الحركات السنية المتشددة في العراق، أصبح، كذلك، متحدثاً مفوهاً ضد الميليشيات المسلحة المتنفذة والموالية لإيران، إلى أن اغتيل قبل نحو عام.
Comments are closed.