القدس (عربي times)
أثار استئناف الشرطة الإسرائيلية ضد قرار أصدرته محكمة الصلح في مدينة القدس، يُسمح بموجبه لليهود بالصلاة وأداء طقوس تلمودية في المسجد الأقصى، الكثير من التساؤلات حول تداعيات القرار والتأثيرات المحتملة على الوضع الأمني.
وكانت محكمة الصلح الإسرائيلية في القدس أصدرت حكما يسمح للمستوطنين بأداء صلواتهم التلمودية بصوت عالٍ، في باحات المسجد الأقصى.
كما ”سمح لهم أيضا القيام بما يشبه الركوع خلال تواجدهم في المسجد“.
من جهته، أكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت ”رفضه للقرار“، مشددا على أنه ”لا يوجد تغيير على الوضع القائم في الحرم القدسي“.
وقالت القناة 12 العبرية إن ”الشرطة الإسرائيلية استأنفت ضد قرار المحكمة الإسرائيلية، وطالبت بإلغائه؛ لأنها أخطأت في استخلاص النتائج المتعلقة بسياسة الحكومة الخاصة بقواعد السلوك في الحرم القدسي بناء على تقرير صحفي عبر الإنترنت“.
ويأتي قرار الشرطة بالتزامن مع الاستعدادات التي تجريها الأجهزة الأمنية في إسرائيل لتأمين مسيرة الأعلام، الأحد المقبل.
وستمر المسيرة من باب العامود في البلدة القديمة بالقدس الشرقية، الأمر الذي ينذر بتصعيد أمني وعسكري مع الفلسطينيين، خاصة بعد التهديدات التي أطلقتها الفصائل المسلحة في غزة.
ويرى خبراء ومختصون في الشأن الإسرائيلي أن السلطات الإسرائيلية بشقيها السياسي والأمني تسعيان لمنع أي توتر في مدينة القدس والمسجد الأقصى، علاوة على عدم رغبتها باندلاع مواجهة عسكرية جديدة مع الفصائل المسلحة في غزة.
وبحسب الخبراء، فإن ”الإجراءات الإسرائيلية سواء بالاستئناف المقدم من قبل الشرطة أو التعليمات المشددة بشأن اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، تأتي في إطار التأكيد للمجتمع الدولي بسعي إسرائيل للحفاظ على الوضع القائم في الأقصى“.
”دافع سياسي“
وقال المحاضر في جامعة حيفا مصطفى قبها إن ”الاستئناف المقدم من قبل الشرطة الإسرائيلية بشأن قرار السماح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى، يأتي بدافع سياسي ويمثل رسالة للمجتمع الدولي برفض المسؤولين الإسرائيليين أي تغيير للوضع القائم في الأقصى“.
وأوضح قبها :أن ”الاستئناف سيتم قبوله من قبل الجهات القضائية الإسرائيلية، خاصة في ظل وجود ضغط سياسي بعدم تغيير الوضع الراهن في القدس، على الأقل في الوقت الحالي“، مشيرا إلى أن ”ذات القرار اتخذ في أحداث سابقة“.
وأكد أن ذلك ”يمثل رسائل إلى الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بسعي إسرائيل للحفاظ على الستاستكو في المسجد الأقصى“.
وشدد على أن ”ذلك يعفي تل أبيب من المساءلة الدولية والانتقادات من حلفائها في المنطقة والعالم“.
واستدرك قبها: ”لكن هذا الأمر لا يمكن له أن يخفف حدة الاحتقان في المدينة المقدسة التي سيزداد مع مسيرة الأعلام المقررة الأحد المقبل، خاصة وأن الشرطة وأجهزة الأمن الإسرائيلية ستعمل على حماية المستوطنين“.
ورجح أن ”تعمل الحكومة الإسرائيلية من أجل منع أي توتر في الأقصى، خاصة وأن ذلك سيؤدي إلى مواجهة عسكرية جديدة مع الفصائل المسلحة في غزة، الأمر الذي سيؤثر على استقرار الحكومة، لكنه لن يؤدي لإسقاطها“.
وبين أن ”عوامل انهيار الحكومة الإسرائيلية كثيرة؛ لكن التوتر مع الفلسطينيين وفي الحرم القدسي لا يمكن أن يكون أحدها“.
وأفاد المحاضر قبها أن ”الحكومة الحالية مرت بمراحل توتر مشابهة، واستطاعت تجاوزها بعدد من التفاهمات، سواء مع أعضاء التحالف أو مع الأردن الذي يعتبر وصيا على المقدسات الإسلامية في القدس“.
”خطوات تكتيكية“
من جانبه، رأى الكاتب والمحلل السياسي محسن أبو رمضان أن ”التحرك الرسمي الإسرائيلي يأتي في إطار الخطوات التكتيكية لإقناع العالم بعدم رغبة الحكومة بتغيير الوضع القائم في الحرم القدسي“.
وأشار أبو رمضان إلى أن ”ما يحدث على أرض الواقع مخالف لما تروج له السلطات الإسرائيلية“.
وقال: إن ”التوجه الإسرائيلي للاستئناف ضد قرار المحكمة يأتي في إطار مساعي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لتهدئة الأوضاع في القدس والأراضي الفلسطينية“.
وأضاف أن ”الحكومة الإسرائيلية لا ترغب في أي احتكاك أمني مع الفلسطينيين سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة“.
وأكد أن ”الهدوء الأمني في الوقت الراهن بالأراضي الفلسطينية رغبة إقليمية ودولية“، مستدركا: ”لكن أزمة الحكومة الإسرائيلية الحالية تتمثل في مساعيها لإرضاء قوى اليمين الإسرائيلي، الأمر الذي يدفعها لاتخاذ خطوات يمكن اعتبارها على أنها محاولات لتكريس التقسيم الزماني والمكاني في الأقصى“.
وأوضح أن ”الخطوات الرسمية الإسرائيلية تأتي نتيجة الضغوطات الدولية وتدخل بعض الوسطاء باتجاه عدم الغلو في عملية الاستفزاز بحق الفلسطينيين والمسلمين بصورة عامة“.
وتابع: ”مسيرة الأعلام المقرر إقامتها بالقدس الأسبوع المقبل، قد تؤدي إلى احتكاكات أمنية عنيفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، الأمر الذي قد يؤدي لإشعال المنطقة“.
ولفت أبو رمضان إلى أن ”الإدارة الأمريكية غير معنية باشتعال الملف الفلسطيني الإسرائيلي في ظل انشغالها بالملف الأوكراني الروسي، وأن هناك رغبة أمريكية قوية باستمرار الهدوء في المنطقة، الأمر الذي قد يحول دون مواجهة عسكرية جديدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين“.
”رسائل دولية“
بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، سعيد زيداني، إن ”الوضع القائم في الحرم القدسي يسمح لليهود بزيارة المسجد الأقصى لكن دون أداء أي شعائر دينية، وإن قرار الشرطة يعكس رفض إسرائيل أي تغيير على الوضع الراهن ولو بشكل مؤقت“.
وأوضح زيداني :أن ”تحركات الشرطة الإسرائيلية يمكن أن تكون مؤشرا على سعي الحكومة الإسرائيلية لاحتواء الأوضاع في الأقصى خلال مسيرة الأعلام المقبلة“.
وأضاف أن ”القرارات المتخذة تكشف عن رسالة من الحكومة الإسرائيلية لدول العالم تؤكد فيها رغبتها في الحفاظ على الوضع الراهن في الحرم القدسي، وأن ذلك بسبب الضغوط الدولية التي مورست على إسرائيل في الآونة الأخيرة“.
وتابع أن ”الرفض العربي والدولي للإجراءات الإسرائيلية في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان يدفع تل أبيب إلى أخذ كافة القرارات التي من شأنها أن تحول دون إرسال مذكرات احتجاج للحكومة الإسرائيلية واستدعاء السفراء“.
وأشار إلى أن ”مساعي الشرطة الإسرائيلية ربما تساهم في تهدئة الأوضاع الأمنية في الأراضي الفلسطينية، لكن ذلك يبقى مرهوناً بمسيرة الأعلام التي يمكن أن تؤدي لاندلاع مواجهة عسكرية جديدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين“.
ووفق زيداني، فإن ”الحكومة الإسرائيلية الحالية لا ترغب بمواجهات على نطاق واسع سواء في القدس أو مع قطاع غزة، بيد أنها ترغب في تمرير المسيرة بالشكل الذي لا يمثل أي خطر على جميع الأطراف، ولا يحرجها أمام اليمين الإسرائيلي“.
Comments are closed.