بعض السياسيين ينسبون لانفسهم (إنجازات) نهضويًّة وتنويريَّة تقدُّميَّة ، تشتغل على أساس من الانسانية المحضة وأساطير الآخرين! .. يبتدع أحدهم نفسه وكأنَّه المنظر الوحيد في (العراق)، واللّيبرالي الخالص في العهد الجديد ؛ فإن قدَّر الله سبحانه وتعالى على العراقيين والاحزاب بكارثة فإنما هي كارثة وفاته لاسمح الله !.. إن حيَّ تحيا الاعمار وإن هلك تهلك تهلك الاعمار! .
هؤلاء يوهمون الناس بأنَّهم يقودون زماماً حضاريّاً، فيحملون رايات التجديد الفكري التي تشبه شعارات بعض القوى والأحزاب والقومية المتآكلة،، لا بل شعارات من قبيل: لسنا الوحيدين لكننا الأفضل !!.. يحاولون القفز من فوق الأحداث والوقائع اليومية، وتجاوز كل ما من شأنه تعرية القدرات القاصرة للعقل، يحتكرون المثل العليا بطريقة مقززة، فتوشك أن تجد لديهم الرؤية السابقة للعهد السابق نفسه تجاه مسائل جمَّة من بينها المسألة السياسيَّة – مثلاً – فيقولون: ( الديمقراطية لا تصلح لنا )!!.. وهم بذلك يقرِّون المبادئ والأدبيات التي ما فتئوا يغمزونها ويلمزونها!!..
يظنون أنَّ عليهم أن يقولوا، وما على النَّاس إلاَّ أن يسمعوا ويطيعوا؟!، ويتأوَّلوا ما يقولون !! .. نحن نعيش ما يشبه الرَّجعيَّة الثقافية لا تقلُّ خطورةً عن الرَّجعيَّة الدِّينيَّة التي توهم بها جماعاتٌ حزبية متطرِّفة،، فارق أنَّ الجماعات المتطرفة دينيّاً دأبت على تزييف العواطف والمشاعر، والجماعات المتطرفة حزبياً دأبت على تزييف العقول والألباب !!..
أساليب بعض الجماعات الحزبية المحسوبة خطأً على ما بعد التغيير هي هي، أساليب الجماعات الدينية المحسوبة خطأً على الإسلام العظيم ، هي هي، حذو القُدَّة بالقُدَّة، وسواءً بسواء!!..
النهوض الوهميُّ والتنوير الخرافيّ لدى بعض المتأخرين لا يقلُّ عن وهم كبير بعض الاحزاب، من حيث الخزعبلات والفشل الذَّريع!.. كان بإمكان هؤلاء أكثر ممَّا كان .. أمّا أن يزوِّروا الوعي كيفما يشاؤون، ويتكلَّموا بالنِّيابة عن المواطنين؛ فتلك إذن قسمةٌ ضيزى!! .. المواطنون ليْسَوا مُضطرَّين إلى أنْ تستبدل المستبدّ البعثي بالمستبّد الحزبي !!.. ما معنى أن ننكث عن زلات الماضي إلى زلاَّت الحاضر ؟!!.. هل لا بدَّ من إحدى اثنتين: الموت بدكتاتورية الماضي، أو الموت بارهاب الحاضر؟!!.. قد يكون من اللازم إعادة ترتيب الحسابات، ولكن ليس من اللاَّزم إعادة خلط الأوراق، ولا من الطريف تجديد طرائق التفكير العقلي بأدوات الفقهاء وأساطير الأوَّلين.. فما الفارق- إذن- بين ظُلْم من طرف السنوات السابقة تجاه المواطنين قبل عام 2003 أو ظُلْم من يعارض التجربه الفريدة بعد عام 2003؟!!…
محمد داود عيسى
رئيس التحرير
Comments are closed.