زلزال تركيا وسوريا.. يقوّض حسابات السياسة

لندن (عربي times)

وصلت أصداء الارتدادات الإنسانية للزلزال المدمر الذي ضرب أجزاء من تركيا وسوريا إلى أسماع زعماء العالم الذين تحدثوا بلغة مواساة مشتركة، إزاء “غضب الأرض”، متناسين الخلافات السياسية.

وجاء الزلزال، الذي حصد أرواح الآلاف، كاختبار باهظ الكلفة، ليبرهن أن “النزعة الإنسانية”، في نهاية المطاف، هي أسمى من أي تماد في النزاعات، خصوصاً وأن الفاجعة وقعت في منطقة تتداخل فيها حسابات سياسية شديدة التعقيد.

وبدا واضحاً، وفقاً لمتابعة “إرم نيوز” أن الزلزال، الذي أحدث تشققات جيولوجية هائلة، ساهم، بالمقابل، في تجسير التصدعات السياسية، إذ توحدت السياسات المتباينة تحت عنوان واحد هو “دبلوماسية الكوارث” التي تتلاشى معها مختلف الصراعات.

إسرائيل وسوريا

تبددت عقود من العداء بين دمشق وتل أبيب في لحظة إنسانية هي الأصدق من كل الخطابات الإعلامية التحريضية، إذ أعلنت إسرائيل عن استعدادها لمد يد العون إلى المتضررين في سوريا.

وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، إنه وافق على إرسال مساعدات إلى سوريا، لإغاثة المتضررين من الزلزال.

ولم يحدد نتنياهو الجهات السورية التي طلبت مساعدات من إسرائيل، لكن هذا التفصيل يبدو هامشياً حيال العرض غير المتوقع من دولة “معادية” لدولة “معادية”، وفق الأدبيات السائدة في البلدين.

وعلى المستوى المحلي، وحدت الكارثة ألسنة السوريين الذين حفلت حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات الرثاء، وقسوة الفقد دون تمييز بين الضحايا في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، وتلك الخاضعة لفصائل المعارضة المسلحة.

ورغم بعض الأصوات النشاز، إلا أن غالبية السوريين ترفعت عن الخلافات السياسية، وتعاطت مع المأساة بنبرة تعاطف مشتركة.

من جهتها، أعلنت الإدارة الذاتية الكردية التي تدير مناطق شرق الفرات، أن أبوابها “مفتوحة أمام الجميع لتقديم أي مساهمة في مجال الصحة والمستشفيات والرعاية واستقبال المتضررين من خارج مناطقها”، علماً أنها تعارض، دون هوادة، سياسات الفصائل المسلحة التي تسيطر على المناطق التي شهدت الزلزال.

وعبر مسؤولو الإدارة الذاتية عن تعازيهم وتعاطفهم مع ذوي الضحايا على جانبي الحدود، في مؤشر على أن ألاعيب وحسابات السياسة تتراجع عند الكوارث.

الولايات المتحدة التي تعارض حكومة الرئيس السوري بشار الأسد أعلنت أيضاً إرسال فريقي بحث وإنقاذ أمريكيين إلى تركيا وسوريا بعد الزلزال، وفق البيت الأبيض.

وأعلنت الكثير من الحكومات والمنظمات الإنسانية عن استعدادها لمد يد العون للسوريين، بشكل عام، دون تحديد مناطق الحكومة أو المعارضة.

أثينا وأنقرة

اليونان كذلك، التي تربطها بتركيا علاقات متوترة، وعداء مستفحل له جذور ضاربة في القدم، عرضت المساعدة على تركيا المنكوبة.

وهاتف رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإبلاغه عن استعداد بلاده تقديم “مساعدة فورية” لتركيا، مقدماً خالص تعازيه للشعب التركي.

مصر التي اتسمت علاقاتها مع تركيا بالتوتر خلال السنوات الماضية قبل أن يعود إليها بعض الدفء في الأشهر الأخيرة، سارعت إلى تقديم التعزية للشعبين التركي والسوري، وأبدت الاستعداد لتقديم المساعدة.

السويد، بدورها، سارعت إلى تعزية تركيا على الرغم من توتر العلاقة بين البلدين، خصوصاً في أعقاب واقعة حرق نسخة من المصحف في تظاهرة يمينية في العاصمة السويدية ستوكهولم، الشهر الفائت.

وأعرب رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، عن حزنه وتعازيه في ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، فجر الإثنين، مؤكداً استعداد بلاده لتقديم الدعم.

وقال كريسترسون: “أرسلت أحر التعازي إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان”، مترفعاً بذلك عن أجواء الخلافات الحادة بين البلدين على خلفية طلب انضمام السويد لحلف الناتو.

كما أكدت المملكة العربية السعودية أيضاً تضامنها مع سوريا وتركيا في أعقاب الزلزال المدمر.

Comments are closed.