منازل المستقبل.. زجاج مُعاد تدويره وعزل غير مسبوق‎‎

لندن (عربي times)

شهدت الأعوام الأخيرة اهتماما متناميا حول العالم بالمنازل الذكية والمستدامة في إطار جهود بحثية تسعى إلى تسهيل حياة الناس وتقليل التكاليف وتخفيف هدر الطاقة فضلا عن مراعاتها للبيئة.

ومن أبرز مقومات منازلنا المستقبلية الاستفادة المثلى من النوافذ واستثمار مساحاتها غير القليلة في تقليل تكاليف التبريد والتدفئة ما يصب في إطار الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحترار العالمي.

زجاج نوافذ عضوي

وفي هذا الإطار، طور باحثون من “الأكاديمية الصينية للعلوم” مجموعة جديدة من أنواع الزجاج العضوي المستدام القابل للتحلل وإعادة التدوير ما يقلل أضراره على الطبيعة.

وأشار الباحثون في دراستهم المنشورة في مجلة “ساينس أدفانسز” العلمية، إلى أن الزجاج العضوي الجديد يمتاز ببصمة بيئية منخفضة جدا بالمقارنة بالزجاج التجاري التقليدي غير المتوافق حيويا وغير القابل للتحلل العضوي.

ولأن الاستقرار الحراري للزجاج المتحلل حيويا سيئ، ما يسبب تفكك الزجاج في الحرارة العالية عند صناعته، استخدم الباحثون أحماضا أمينية معدلة كيميائيا لصناعة زجاج عضوي يتمتع بقدرة حيوية على التحلل وإعادة التدوير، فضلا عن قدرات ميكانيكية مرنة.

وقال الأستاذ الدكتور يان ويهاي، قائد الفريق البحثي: “يمكن للتقنية الجديدة أن تؤسس لأنواع جديدة من الزجاج والبلاستيك لمستقبل مستدام، والزجاج الجديد حاليا في مرحلة الاختبار، ونعمل على إدخاله إلى المرحلة التجارية قريبا”؛ وفقا لموقع “Phys”.

عزل مثالي

من جهة أخرى، طور باحثون من جامعة “كولورادو” الأمريكية تقنية جديدة لعزل الزجاج المزدوج في النوافذ، بإضافة سائل لزج شفاف ناقل للضوء بين طبقتي الزجاج.

وأشار الباحثون في دراستهم المنشورة في مجلة “نيتشر إينيرجي” العلمية إلى أهمية السائل اللزج في زيادة كفاءة استهلاك الطاقة المتوقعة من النوافذ المطورة.

وفي حين يفضل أصحاب المنازل نوافذ تسمح لهم بالرؤية خارجا، فإن خسارة الطاقة تكون حتمية نتيجة شفافيتها، ما دفع الباحثين إلى إضافة طبقة أخرى من الزجاج وحجز فجوة هوائية عازلة بينهما.

ولكن هذه النوافذ المزدوجة لا توفر الدرجة نفسها من العزل مثل النوافذ المعزولة، وكشفت الدراسة الجديدة عن تقنية غير مسبوقة لتطوير ميزات النوافذ المزدوجة من خلال تزويدها بسائل لزج.

وصنع الباحثون السائل اللزج الهوائي الذي يحتوي على جيوب هوائية، من خلال نقع ألياف نانوية من السيليلوز المستخرج من الخشب في الماء، ثم وضعها في محلول الإيثانول، وتسخينها وضغطها لاستبدال جيوب الإيثانول بالهواء.

وتسمح التقنية الجديدة بزيادة مسافة العزل بين طبقات الزجاج إلى 2.5 سنتيمتر؛ ما يوفر عزلا مشابها لجدار عازل.

وأشارت الدراسة إلى أن اختبار مادة العزل حقق نقلا للضوء المرئي يصل حتى 99%، ما يفوق قدرة الزجاج العادي على نقل الضوء؛ وفقا لموقع تك إكسبلور.

نوافذ ذكية 

وكان لعالمنا العربي نصيب من الأبحاث الرامية إلى استثمار مساحات النوافذ في الحصول على الطاقة النظيفة.

وفي العام 2019، طور فريق من “مركز أبحاث الطاقة الشمسية” في “جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية” نوافذ شمسية ذكية شفافة تحول طاقة ضوء الشمس الساقط عليها إلى طاقة كهربائية.

وتنافس النوافذ الشمسية الذكية، الألواح الشمسية التقليدية المصنوعة من مواد معتمة. وتستند آلية عملها على جزيئات عضوية لالتقاط الضوء، يمكن طباعتها على الزجاج مثل الحبر، لتلتقط الصيغة العضوية الكهروضوئية، الأشعة تحت الحمراء، فتمنع دخول الحرارة إلى داخل المبنى، لكنها تسمح بمرور الضوء.

ويبدو أن المنازل الذكية والمستدامة باتت أمرا واقعا في كثير من بلدان العالم، وهي في تزايد، وسط توجهات رسمية داعمة، ومبادرات بحثية باتت تجاري الوعي الشعبي بمخاطر تغير المناخ والبحث عن بدائل نظيفة للطاقة.

ويُرجَّح أن تصبح المدن الذكية في المستقبل القريب، أكثر كفاءة وحيوية مما كانت عليه كبريات مدن القرن العشرين المتحضرة، ويساهم في جعلها أمرا واقعا، المنتجات التقنية التي أصبحت تحيط بنا؛ من أجهزة ذكية، وخوارزميات ذكاء اصطناعي ببيانات هائلة تشمل جميع مناحي حيواتنا، لتفتح أمامنا آفاقا لا حدود لها.

Comments are closed.