تمثيل الفلسطينيين اليوم له اكثر من طرف، ويتوزع ما بين منظمة التحرير والسلطة التي تمثل الفلسطيني رسميا، وما بين تمثيل فصائلي وموسمي في مواسم العدوان الاسرائيلي على الضفة او غزة وتمثيل لدى العرب او تمثيل لدى بعض تحالفات الاقليم، لكن محصلة كل هذا هو البحث عن التمثيل الذي يصنع شيئا للقضية الفلسطينية التي تتراجع عند العالم والعرب وحتى لدى فئات من الفلسطينيين.
عبر تاريخ القضية الفلسطينية لم تكن الفصائل والقوى الفلسطينية حالة متجانسة او ذات توجه موحد، فكانت منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها وفي داخلها وخارجها كانت هناك فصائل ليست اكثر من ادوات لدول عربية مثل العراق وسورية وليبيا ودول اخرى، وحتى الانشقاقات التي كانت تحدث داخل الفصائل بما فيها انشقاقات حركة فتح كانت تتم برعاية بعض الدول، لكن المختلف قديما ان جسما رئيسا وقويا كان يمثل الحالة الفلسطينية كان موجودا وهو منظمة التحرير وعمودها حركة فتح حيث القرار والمال.
اليوم لا يمكن تعريف الفلسطينيين لأن الحالة الفلسطينية تقوم على فصيلين هما فتح وحماس وكل طرف منهما يحكم جزءا من اراضي 67، وهذا لم يأت عبثا او صدفة، وبقية الفصائل تدور حول فتح وحماس، لكن المشكلة اليوم ان السلطة الفلسطينية التي تمثل منظمة التحرير وعمودها حركة فتح سلطة منهكة ضعيفة فقدت الكثير من شرعيتها الشعبية والسبب هو اتفاق أوسلو او ماسمحت اسرائيل بتطبيقه منه، فالمنظمة وفتح راهنت بكل أوراقها على أوسلو وفي المقابل كانت اسرائيل تمارس التنكيل بالسلطة واوسلو، وعاما بعد عام كان استنزاف رصيد فتح والسلطة ومن معهما بسبب ضياع حتى الاطار النظري للمشروع الذي قامت عليه فتح وبقية الفصائل.
ولعل من أسباب تجاهل اسرائيل لعملية سلام مع السلطة اضافة لتطرف الاحتلال قناعته بأن السلطة لم تعد تمثل الحالة الفلسطينية وانها دون اي ثمن سياسي تحقق
لإسرائيل التنسيق الأمني وان فتح فقدت كثيرا من رمزيتها عند الفلسطينيين.
أما الجزء الآخر من القوى الفلسطينية فهي حماس التي لا تفاوض لكنها تبتعد عن القتال بسبب تغير اولوياتها فهي اليوم حكومة وليست حركة مقاومة، ولديها تحالفات ومعادلات اقليمية تؤثر على خياراتها، مؤكد ان اسرائيل تريد حماس على طاولة مفاوضات لكن مرحليا وفي آخر عدوانين للاحتلال على غزة لم تكن حماس تقاتل بسبب معادلتها كحكومة وكانت تساند حركة الجهاد سياسيا.
أما الجهاد فإنها اليوم تمارس حالة ضغط على حماس التي تبتعد عن ممارسة المقاومة وان كانت تتحدث بها، لكن الجهاد التي كانت قبل حماس مرتبطة بولاء قديم لإيران وما يزال مؤثرا، فالجهاد حالة عضوية مع ايران، أما حماس ففيها جناح يؤمن بعلاقات عضوية مع ايران لكن فيها جناح اقرب الى دول اخرى.
الأردن ولاعتبارات عديدة يتعامل مع السلطة باعتبارها نواة لدولة فلسطينية، وبسبب إيمانه بعملية السلام، لكن السلطة بضعفها واستنزاف رصيدها الشعبي وأسئلة بديل عباس والمواقف غير المعلنة لبعض قادتها بما في ذلك إيمانهم بالخيار الاردني تتحول إلى عبء على المصالح الاردنية، كما ان تجربة حماس في الأردن وتحالفاتها لا تجعل منها بديلا افضل للسلطة مع الأردن.
سميح المعايطة
الغد
Comments are closed.