في واحدة من حوادثنا العجيبة وسلوكياتنا الغريبة، يتجاوز سائق السيارة سكة القطار في لحظة مروره ويجازف بحياته ولا يتمكن من العبور إلى الجانب الآخر بسلام؛ فيخرج محطماً وخاسراً في هذه المواجهة المجنونة غير المتكافئة والخارجة عن القانون والعقل والمنطق، ولأن هذا النوع من الحوادث بين السيارة والقطار والريل وحمد بات يتكرر بالنتيجة الكارثية نفسها، فقد بات من الضروري ايضا دراسة الحالة النفسية والعقلية لهذا الصنف من البشر الذين يعتقدون دائماً أن القطار هو السبب وأنهم كانوا على صواب وأن المخطط المروري لو حصل لظهر الحق ولتحمّل سائق القطار المسؤولية وتكاليف تصليح سيارة المواطن الفقير من الدعامية إلى الدعامية، ولاغرابة فحوادث سابقة مشابهة كثيرة حصلت في تاريخ غرائبيات مجتمعنا، لص يتعرض لصعقة كهربائية لحظة عبوره سياج الدار لغرض السرقة، ولأن الكيبل الكهربائي يعود لصاحب الدار فهذا دليل قاطع على أن صاحب الدار هو السبب والمسبّب وعليه وعلى عشيرته دفع الفصل العشائري لعائلة اللص المسكين الذي كان من سوء توفيقه استمرار التيار الكهربائي وعدم وجود أحمال زائدة على الشبكة وعدم التزام دائرة توزيع الكهرباء بتوقيتات القطع المبرمج. وحصل ايضا حين تعرض المعلم للتهديد من الطالب الذي ضبط بارتكاب حالة غش في الامتحان، وحصل مع أطباء تعرضوا للضرب المبرح بسبب وفاة المريض في غرفة العمليات وجلسوا إلى الفصل العشائري مرغمين واستمعوا إلى شرح مفصّل عن آليات دفع مبلغ الفصل في التوقيت المحدد حتى لو كنت سائق قطار ونحن “فصلنا مليارين” شاء من شاء وأبى من أبى. وفي سابق الأزمنة عندما كان هناك من يتحرى الحق ويحكم بالحظ والبخت كانت بعض الحوادث تصنّف من قبل شيوخ العشائر الأخيار الذين يخافون الله على أنها حوادث سوداء (والسوده على أهلها) فيتحمل حمد المسؤولية بمفرده ويسكت ولا يقدِم على تكرار فعلته المشينة..ولا يصدم القطار مرةً أخرى!.
عبدالهادي مهودر
كاتب واعلامي
العراق
Comments are closed.