أعادت حرب غزة للتلفزيون موقع الصدارة على بقية وسائل الإعلام في وقت الحديث عن نهاية عصر التلفزيون ، فكانت له حصة الأسد في تغطية أخبار الحرب عبر النقل المباشر وتقارير المراسلين من أرض الحدث ، وكان للمراسلين الحربيين المعتمدين لدى القنوات الفضائية دور البطولة وموقف الشجعان والشهود على العصر ، حتى أمسوا خبراً لايشبه الأخبار ، كخبر مراسل قناة الجزيرة وائل الدحدوح الذي عاد الى عمله كمراسل حربي ،بعد سويعات على تغسيل وتكفين أفراد عائلته وصلاته عليهم ، وقد صبر على فراق عائلته ولم يصبر على فراق مهنته والكاميرا التلفزيونية التي طالما وقف أمامها ،ولسان حاله يقول ( هنا على صدوركم باقون ) وفي التلفزيون المهدد بالزوال في العصر الرقمي رأينا العجب ، وخلال شهر كامل مر على يوم (السابع من اكتوبر) تابع ملايين المشاهدين في مختلف دول العالم النقل المباشر لقصف مدينة غزة والدمار الهائل الذي أحدثه الهجوم الاسرائيلي المستمر وقتل آلاف الأطفال والنساء وتدمير المنازل والمنشآت الحيوية والمراكز الصحية ، وبقية التغطيات الإعلامية ذات الصلة بالحرب والحراك السياسي الدائر حولها ، وقبل شهر واحد بالضبط كان الحديث عن قرب زوال التلفزيون وإنحسار مشاهديه ، وصمت المنظّرون فجأة في حضرة التلفزيون وحضوره الكبير في الحرب، و عزّز من زيادة التوجه نحو شاشات القنوات الفضائية تقييد النشر في مواقع التواصل الإجتماعي وحجب الآراء المنددة بالحرب والمتعاطفة مع القضية الفلسطينية، ، كما اعتمدت مواقع التواصل الإجتماعي على التلفزيون كمصدر رئيس للأخبار والمعلومات والصور وأعادت صياغتها وتوظيفها لخدمة النشر الالكتروني ،وإذا افترضنا أن العودة الى التلفزيون مرحلية ومرتبطة بالحرب والزمان والمكان وبفئات عمرية محددة تتابع نشرات الأخبار وتطورات الأحداث ، فهذه بحد ذاتها أسباب كافية لبقاء التلفزيون حياً وفاعلاً وحاضراً في هذا العالم المليء بالأحداث والمفاجآت.
وأمام الهجرة المعاكسة للمشاهدين نحو شاشات القنوات الفضائية ، يكون من غير المستبعد أن تؤدي هزة سياسية او أمنية او اقتصادية،اقليمية او عالمية الى إعادة ملايين القراء الى الصحف الورقية ، وبقاء التلفزيون والجريدة معاً ( هنا على صدوركم باقون).
عبدالهادي مهودر /
الصباح
العراق
Comments are closed.