لندن (عربي times)
يشرح عالم الآثار كولين باراس، كيف يمكن أن يقدم لنا تتبع آثار الأقدام معلومات جمة عن عالم غابر قديم.
ووفق موقع “نيوساينتست”، فإنه على الرغم من أننا قد نجد العديد من العظام والأدوات التي تعود إلى حقبة سحيقة، فإنها لن تخبرنا عن التجارب الحياتية التي خاض غمارها أسلافنا القدماء.
لذا، تعد دراسة آثار أقدام البشر في العصور القديمة منفذًا لمعرفة حياة البشر وممارساتهم اليومية في تلك الحقبة الزمنية. إذ توضح آثار الأقدام، بشكل مثير للاهتمام، كيف كان البشر يشعرون بالتوتر أو الخوف، وصولاً إلى الركض بقوة.
وتعد آثار الأقدام صورة جديدة للماضي، حيث يمكن تفسير كيفية توزيع العمل بين الجنسين وحتى سلوك الحيوانات المنقرضة منذ أزمنة بعيدة.
ويرى الباحثون أن دراسة آثار الأقدام، حاليًا، ستضيء على خبايا الماضي، بقدرتها على تقديم صورة مثيرة عن تفاصيل حياة الإنسان آنذاك. فمثلاً، أكدت التجارب أن حجم وشكل قدم شخص ما، يمكن أن يكشفا عن حجم جسمه، الأمر الذي يؤدي إلى تقدير جنس الفرد كذلك من هذه الآثار. كما تسمح المسافة بين القدمين بتقدير سرعة مشي الفرد، وإن كان يسير أم يجري.
وفي دراسات، العام 2020، على أكثر من 400 أثر قدم، في موقع “إنجاري سيرو” بتنزانيا، استنتج باحثون أن الآثار تعود إلى قبل 12,000 سنة، وهي لما لا يقل عن 17 شخصًا، مؤلفة من 14 امرأة ورجلين وشاب يافع، وكانوا يسيرون بوتيرة واحدة، وهو ما يوحي بأنهم كانوا يسافرون معًا.
وفي موقع يسمّى حديثة “وايت ساندز الوطنية” في نيو مكسيكو الأمريكية، عثر باحثون على آثار أقدام بشرية، ما دفع ماثيو بينيت من جامعة بورنموث في المملكة المتحدة للسفر إلى هناك للبحث عن مزيد من آثار الأقدام. يقول بينيت: “تضم معظم الطرقات في وايت ساندز زوجين من البالغين ومجموعة من الأطفال. تُظهر آثار الأقدام حركة تجول عائلية عادية عبر المناظر الطبيعية، وهو نوع من المشاهد التي تتوقعها من عائلة تتجول بعد ظهر يوم الأحد”.
كما اكتشف بينيت وزملاؤه مجموعة أخرى من الأقدام، سرعان ما تبين أنها منقسمة باتجاهين، أحدهما نحو الشمال لمسافة لا تقل عن 1.5 كيلو متر، وأخرى باتجاه الجنوب، وقد استنتجوا أن الآثار لبشر وتتقاطع مع آثار حيوانين كبيرين منقرضين الآن، وهما الماموث والكسلان الأرضي العملاق، إذ تقاطعت الآثار البشرية جنوبًا مع آثار أقدام الحيوانات، ولأنه لم يكن هناك اختلاف واضح في حجم آثار الأقدام، فعلى الأرجح تركها شخص واحد.
ورجح بينيت أن تكون الآثار لامرأة شابة ونحيلة، ومن الواضح أنها كانت على عجلة من أمرها، إذ سجلت سرعتها بمعدل 1.7 متر في الثانية. وتدل ظروف عجلتها على أنها انزلقت أثناء سيرها، ما يرجح أنها كانت مضطرة للركض.
كما ظل علماء الآثار في حيرة من أمرهم بشأن آثار أقدام بشرية يبلغ عمرها 17,000 عام تقريبًا عثُر عليها في أحد الكهوف جنوب فرنسا، نظرًا لأن العديد منها صنع فقط بكعب القدم، وهو ما أفضى إلى احتمال كونها دليلاً على وجود بعض الطقوس الدينية المرتبطة بنحت تمثالين من البيسون (الثور الأمريكي) مشابهين للواقع في هذا الكهف.
وبالفعل، توصل العلماء إلى تفسير الآثار في الكهف، إذ اتضح أنها آثار أقدام لمراهق ورجل في الثلاثينات انشغلا بجمع الطين من حفرة صغيرة في أرضية الكهف لصنع تمثال البيسون، ولعل سيرهما على كعوب أقدامهما، يعود إلى طقوس دينية.
Comments are closed.