في قياس إحترام الوقت ودقة المواعيد نَصف الصديق الذي يصل في الموعد المتفق عليه بأنه (إنگليزي)معترفين بتفوق الشعوب الأخرى علينا في احترامها للوقت ، فمعظم مواعيدنا الاجتماعية والدعوات التي تصلنا مجرد أرقام على بطاقات الدعوة ، وساعاتنا الجدارية المعلقة في المكاتب والمتاجر والبيوت عاطلة مع أن سعر أربع بطاريات بألف دينار ، ولأن الأسبوع الماضي كان انگليزياً بامتياز بسبب الزيارة المهمة لرئيس الوزراء الى لندن من حيث التوقيت واللقاءات والنتائج والاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة ، الى جانب انعكاسها الايجابي على الاستقرار وإنهاء شائعات التخويف ، والدخول في مرحلة شراكة الأنداد كما وصفها السفير البريطاني، فإن أول مايتبادر الى الذهن هو العلاقة الطويلة بين البلدين التي مرت بأحداث تاريخية لها صلة وثيقة بعامل الزمن فقد بدأت بعد عام 1914ميلادية بتأسيس الإنگليز جريدة (الأوقات البصرية ) ثم ( الأوقات البغدادية) عام 1917 على غرار صحيفتي الأوقات اللندنيتان ( التايمز وصنداي تايمز) وكلاهما تأسس في القرن السابع عشر ومستمرتان بالصدور حتى اليوم ، لكن أوقاتنا البصرية والبغدادية توقفتا عن الصدور مثل ساعاتنا كما توقفت الصحف الدالّة على الوقت والساعة،ولم نأخذ عنهم ميزة احترام الوقت التي جعلت من بريطانيا دولة متقدمة ، كما لاتشبه ساعاتنا ساعة (بيغ بين) الشهيرة التي يراها المسؤولون في الحكومة البريطانية والمواطنون الإنگليز ويذكّرهم جرسها الثقيل بأهمية الوقت، حتى اصبحت رمز بريطانيا وأشهر معالم عاصمتها والمشاركة في (بطولة) الأفلام الإنگليزية والفرنسية والايطالية والعربية التي تصور هناك.
ورغم طول وعمق العلاقة مع بريطانيا لم نأخذ منهم شيئين مهمين للغاية نحن أحوج مانكون اليهما،وهما إحترام الوقت وتعلم اللغة الإنگليزية ،فقد حرمت المناهج وطرائق التدريس المتخلفة اجيالاً متلاحقة من التحدث بالأنكليزية الى جانب عزلتنا الطويلة عن العالم ، ويعد الشعب العراقي متأخراً في تصنيف الشعوب المتقنة للغة الإنگليزية مع إننا من أكثر شعوب الأرض شراءً لكتاب ( كيف تتعلم اللغة الانگليزية في سبعة أيام ) ونعرف معنى ” وات تايم ازت “ونؤمن بأن (التايم) إن لم تقطعه قطعك.
عبدالهادي مهودر
جريدة الصباح
العراق
Comments are closed.