دمشق (عربيtimes)
أثار إعلان الرئيس الانتقالي في سوريا أحمد الشرع عن “مؤتمر الحوار الوطني” المرتقب، عدة تساؤلات حول مستوى تمثيل السوريين فيه، خاصة أن الإعلان عن التحضير لذلك المؤتمر ترافقت مع قرار بحل الأحزاب التي تشكل ما كانت تُعرف في سوريا “الجبهة الوطنية التقدمية” التي بقيت لسنوات طويلة الإطار التنظيمي الحزبي شبه الوحيد المتاح في البلاد.
الواقع أن سوريا اليوم تعيش حالة فريدة وغير مسبوقة، إذ إن البلاد التي سبق أن عاشت فترة من عدم الاستقرار السياسي، والانقلابات المتتالية، لم تشهد في تاريخها الحديث أي انتقال للسلطة، ترافق مع حل المؤسسات الرئيسة وخاصة: الجيش، والشرطة، إضافة إلى الأحزاب، باستثناء فترة الوحدة مع مصر التي كانت أولى الإجراءات فيها حل الأحزاب جميعها.
ويأتي الإعلان عن التحضير للمؤتمر اليوم، وسط غياب تمثيلي حزبي حقيقي للسوريين، بعد حل الأحزاب الرئيسة فيه، (التي كانت موالية للنظام السابق)، بينما كانت الأحزاب المعارضة له، في حالة أشبه بالشلل بعد عقود من التضييق والملاحقة.
إعلان الشرع عن التحضير لمؤتمر الحوار الوطني، لم يكن جديدًا، إذ سبق لـ”إدارة العمليات العسكرية”، أن وعدت بعقد ذلك المؤتمر خلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري، قبل أن يتم تأجيل ذلك.
وكانت وسائل إعلام سورية نقلت عن مصادر في “الإدارة السياسية” في سوريا، أنه من المقرر أن يحضر المؤتمر نحو 1200 شخصية.
وعاد الشرع ليتحدث عن المؤتمر في خطاب تسلمه السلطة في البلاد، وقال إنه سيعلن خلال أيام عن “لجنة تحضيرية”، لمؤتمر الحوار، وأضاف أنه “سيكون منصة مباشرة للمداولات والمشاورات واستماع مختلف وجهات النظر حول برنامجنا السياسي القادم”.
لكن ذلك الإعلان جاء بعد بيان “إعلان انتصار الثورة” الذي أقر، رسميًا، إلغاء معظم المؤسسات السياسية الرسمية في البلاد، كالجيش، والشرطة، و”الجبهة الوطنية التقدمية” (التي كانت تقود البلاد برئاسة “حزب البعث العربي الاشتراكي” الحاكم)، وتتشكل من 9 أحزاب رئيسة، إضافة إلى نقابتي العمال، والفلاحين.
وأمام واقع كهذا، يصبح سؤال “من سيمثل السوريين في المؤتمر؟” ملحًا وضروريًا، وإن كان صار شبه محسوم أن ذلك المؤتمر سيضم ممثلين “أفرادًا” لا ممثلين “أحزابًا”.
ـ الأحزاب المعارضة التي ما زالت تنشط في البلاد، ولم يشملها الحل، تعيش حالة من التشظي، وتراجع الجماهيرية، بتأثير سنوات الملاحقة الطويلة من النظام.
– أما ما تُعرف بـ”الأحزاب المرخصة” (التي منحت رخصة للنشاط، وفق قانون الأحزاب الذي صدر بعد أشهر على اندلاع الأزمة في سوريا العام 2011.
وتعاني تلك الأحزاب أيضًا عزلة عن الناس الذين كانوا ينظرون إليها بوصفها “جزءًا من تركيبة النظام” وكان يسود اعتقاد أنها تشكلت على عجل كي تنوب عن المعارضة الحقيقية. وهي ما كان النظام يطلق عليها اسم “المعارضة الداخلية” ويعلن دومًا أنه “يتحاور معها”.
وهكذا لن يبقى سوى أن يمثل السوريين في مؤتمر الحوار القادم، أشخاص، لا كيانات أو أحزاب ببرامج سياسية محددة، ما يعني مزيدًا من النقاشات، ومزيدًا من الوقت، حتى تتبلور رؤى الحلول في ذلك البلد الذي صار يفتقر لكل شيء، بدءًا من رغيف الخبز وصولًا إلى هيئة الحكم.
Comments are closed.