لندن (عربي times)
بعد لقائهما، الخميس الماضي، في البيت الأبيض، يبدو أن الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان، قد توصّلا لتفاهمات تتجاوز صفقات الطيران والدفاع، إلى ميادين السياسة والصراعات، خاصة في حربي غزة وأوكرانيا، وفق ما كشفه موقع “المونيتور”.
صفقات فتح الشهية
ناقش الرئيسان ملفات التجارة والمبيعات الدفاعية، والصراعات الإقليمية، ووصف ترامب الاجتماع بأنه “حاسم للغاية في العديد من الجوانب المختلفة”، وأشار إلى أنه قد يرفع العقوبات المرتبطة بشراء تركيا لنظام الدفاع الجوي الروسي إس-400 العام 2017، والذي أدى إلى فرض عقوبات أمريكية، العام 2020، بموجب قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات.
أما الرئيس التركي، فقد عزَّز مساعيه إلى الانضمام مجددًا إلى برنامج “إف-35” الذي تقوده الولايات المتحدة، في حين تم الانتهاء من صفقة بوينغ مع الخطوط الجوية التركية، تشمل ما يصل إلى 75 طائرة 787 دريملاينر، وخططًا لشراء ما يصل إلى 150 طائرة 737 ماكس.
أدوار سياسية
الموقع الأمريكي، نقل عن خبراء، قولهم إن هذه الصفقات التجارية، تخفي خلفها دوراً مرسوماً سيلعبه أردوغان لصالح ترامب في ملفات بدت معقَّدة على إدارة البيت الأبيض، حيث يتوقع أن يستغل الرئيس التركي علاقته المميزة بالرئيس الروسي لإقناعه بحل ينهي الحرب الأوكرانية، بحيث يستطيع ترامب حساب الإنجاز لنفسه.
وأشار سونر كاجابتاي، مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إلى أن أردوغان شريكٌ فعّالٌ جدًا لترامب، الذي يسعى إلى إنهاء حربين في جوار تركيا: أوكرانيا وغزة. وأضاف: “ظنّ ترامب أنه يستطيع إنهاء حرب أوكرانيا بسرعة، لكنه أدرك أنه لا يستطيع. وهنا، تُقدّم تركيا المساعدة مُستفيدةً من علاقاتها الإيجابية في معظمها مع روسيا”.
لكن خلال ظهورهما المشترك في البيت الأبيض يوم الخميس، ضغط ترامب على أردوغان بشأن أوكرانيا، مشيراً إلى أنه في حين يظل الرئيس التركي “محايداً” في الصراع، لكنه “إذا تورط، فإن أفضل شيء يمكنه فعله هو عدم شراء النفط والغاز من روسيا”.
ويقول تقرير المونيتور، إن ترامب الذي عرض خطته لغزة في اجتماع عربي إسلامي سابق، قد يلجأ إلى أردوغان للاستفادة من نفوذه على أطراف فاعلة في غزة، خاصة حركة حماس، إذ ترى واشنطن أن العلاقة الوثيقة بين تركيا وحماس تعقّد من لعب أردوغان دور الوسيط في إنهاء الصراع بسبب تأزم العلاقة مع إسرائيل، لكن يمكنه لعب دور يساعد خطة ترامب لوقف الحرب.
ويؤكد التقرير أن الملف الأسهل قد يكون، سوريا، حيث تتقارب المصالح الأمريكية والتركية، إلى حد ما، في أعقاب سقوط نظام الأسد، لكن التوترات بين أنقرة والأكراد المدعومين من واشنطن، تعدُّ حجر عثرة أمام لعب أردوغان دوراً واضحاً، في وقت ينشط فيه السفير الأمريكي في تركيا، بقوة في الساحة السورية.
وقال كاجابتاي: “فيما يتعلق بسوريا، بالنسبة لترامب، تركيا هي التي أنهت تلك الحرب”. وكان ترامب، بصفته رئيسًا منتخبًا في ديسمبر/كانون الأول الماضي، قد صرّح بأن تركيا “ستحمل مفتاح سوريا”.
إعادة ضبط العلاقات
في مجالي التجارة والدفاع، لا تزال الاتفاقيات مرهونة بالمفاوضات والموافقات التنظيمية وإشراف الكونغرس، مما يعني أنه حتى الصفقات البارزة، مثل صفقة طائرات إف-16، تواجه عقبات قبل أن تتحقق بالكامل.
ويقول سونر كاجابتاي، مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن اجتماع أردوغان وترامب، يعد أول دعوة للرئيس التركي إلى البيت الأبيض منذ العام 2019، وهي علامة على التقدم في إصلاح العلاقات المتوترة، سابقًا، بين أنقرة وواشنطن.
ويتابع في حديث لموقع المونيتور: “يتمتع أردوغان وترامب بتناغم رائع. الرئيس التركي من القادة العالميين المفضّلين لدى ترامب. ترامب يُحب الدول القوية، وأردوغان وتركيا يُحققان ذلك”.
وأشار كاجابتاي إلى أن الإدارة الأمريكية تريد “إعادة ضبط” العلاقات مع تركيا، بما في ذلك من خلال تعميق العلاقات الاقتصادية، خاصة في التجارة الثنائية والطاقة، مؤكداً أن تركيا امتنعت عن الرد على التعريفات التجارية الأمريكية الجديدة في وقت سابق من هذا العام، وهي علامة أخرى على رغبة أنقرة في إعادة ضبط العلاقات.
طائرات “بوينغ” و “إف-16”
من المقرر أن تمضي تركيا قُدمًا في صفقة شراء طائرات مدنية ضخمة، بطلب شراء نحو 250 طائرة بوينغ أمريكية الصنع من مختلف الأنواع بقيمة 40 مليار دولار تقريبًا. ومن المتوقع أيضًا أن تشمل الصفقة اتفاقيات إنتاج بقيمة 10 مليارات دولار تقريبًا، مما سيعود بالنفع على صناعة الطيران المحلية في تركيا، وفقًا لما ذكرته رويترز.
وقال حسين فضلة، العميد المتقاعد والطيار المقاتل في القوات الجوية التركية والمدير المؤسس لمركز أبحاث ستراسام في أنقرة، إن أردوغان يرى هذا بمثابة حجر الأساس لتعزيز طموحات تركيا الأوسع في مجالي الدفاع والطيران، ولايتوقع عقبات كبيرة أمام المضي قُدماً في الصفقة.
وقال فازلا لموقع “المونيتور” إن “أردوغان يريد استخدام شراء الطائرات المدنية كورقة ضغط لحل حالة عدم اليقين بشأن طائرات إف-16، وإف-35 المقاتلة”.
قد يستخدم أردوغان شراء طائرات “إف-16” كورقة ضغط على واشنطن، لا سيما في محادثات الدفاع الجارية مع الولايات المتحدة، والمفاوضات الموازية مع الشركاء الأوروبيين بشأن طائرة يوروفايتر تايفون. لكن كاجابتاي قال إن لقاء أردوغان وترامب جعله أكثر تفاؤلاً من ذي قبل: “هذه الإشارات الإيجابية من البيت الأبيض بشأن بيع طائرات “إف-35″ لتركيا مُشجعة، بالنظر إلى الوضع الذي كنا عليه سابقًا. وبالطبع، لا يزال أمام البيت الأبيض الكثير من العمل الشاق فيما يتعلق بمعارضة الكونغرس”.
ويوم الخميس، أكد ترامب أن عقوبات الكونغرس قد تُرفع “قريبًا جدًا”. وقال لأردوغان: “أعتقد أنك ستنجح في شراء ما ترغب بشرائه”.
عقبة مقاتلات “إف-35”
مع ذلك، لا تزال العقبات التي يفرضها الكونغرس تُشكّل عائقًا رئيسًا. إذ يمنع قانون الدفاع الوطني للعام 2020 تسليم طائرات “إف-35” إلى تركيا في ظلّ امتلاكها منظومة إس-400، وقد فرض المشرعون – بمن فيهم رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ جيم ريش – حظرًا على الطائرات الحالية. وتتطلب أي عملية بيع تصديقًا مشتركًا من وزيري الخارجية والدفاع بأن تركيا لم تعد تمتلك منظومة إس-400، ولن تستعيدها.
Comments are closed.