العراق موطن الانبياء والاولياء والصالحين ، ومنارة العلماء والباحثين ، سجل حافل بالإنجازات ، منه خرجت ابجدية القراءة والكتابة والعمارة والفنون الاخرى ، وليس بعيدا فالعراق حاضرة الدنيا في عصر العهد الذهبي الملكي وحتى جمهورية الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم ، كان من البلدان التي تتباهى بالوصول الى مراحل متطورة من الرقي في الاختراعات العلمية والصناعات الوطنية ليل نهار حتى وصل العراق من مرحلة الاكتفاء الذاتي بالمنتجات الوطنية المتنوعة الى مرحلة التصدير ، هذه المقدمة لا تزال تذكر في كتب المدارس ومجالس الناس ،لكن ! كم اخذ من هذه المنجزات؟وما الذي تحقق ؟ وهل وصل العراق الى مصاف دول العالم الثالث او الرابع او يقاس بدول لاتزال تعتاش على بقايا ثرواته ؟.
حتى صار ما صار بعد اغتيال الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم عام 1963وحتى يومنا هذا بمنعطفات كادت ان تمحيه من الوجود ! اذ مر العراق باهوال ومصائب وبلاء لم ير بلدا من البلدان جزء من ما مر به العراق ، وتوالت المصائب الجسام وغرق العراق ببحار من الدماء والازمات والديون والحروب الداخلية والخارجية،بسبب (الاستبداد … والفساد ) متلازمتان او تؤامان سياميان لايفارقانه ابداً، اربعة عقود من البلاء ونيف وزعت خيرات البلاد والعباد بين ثلة لا تعرف الا لغة واحدة (الازمات ) لادامة ملكها العقيم ،فكان العراق ومازال تحت الاسر بيد مجموعة تحكمه وتوزع الكعكة بين مسؤول جاهل وآخر زائل ، وتأخذه من مصيبة الى اخرى ،والمواطن والوطن يدفعان الثمن .
والمتابع لتطورات الأحداث والمترافقة مع ارتفاع منسوب التصعيد السياسي بين الاحزاب الحاكمة والكتل السياسية ومن خلفهما دول الجوار في المنطقة، يدرك بكل بساطة أن المشروع التخريبي للاحزاب بدأ يتهاوى ويلفظ أنفاسه الأخيرة والوجوه ستتغير طال الزمن ام قصر ؟.
الاحداث المتسارعة في العراق على المستويين الامني والسياسي، والتناقضات الكبيرة للسياسيين، ربما جعلت من المعايير المنطقية التي عادة ما تقاس بها الامور الاساسية في الشؤون الامنية او السياسية، تقف عاجزة عن تقديم تفسير او تحليل منطقي لما آلت إليه الأوضاع (السياسية والأمنية)، حاليا، وكيف ستكون انعكاساتها القريبة محليا وإقليميا ودوليا؟.
اقول ان خلاصنا كمواطنين في التسامح والقبول بالآخر والانفتاح واعتماد الحوار المتكافئ ومحاسبة سراق المال العام من احزاب وسياسيين وتجار منذ احتلال الامريكان للعراق عام 2003 وحتى العام الجاري 2016 ، وخلاص العراق كبلد ايضاً بدحر ثالوث احزاب (الفساد وسوء الإدارة وغياب المحاسبة )…هؤلاء يقفون وراء دمار العراق ،فهل يتحقق ذلك بالاعتصامات والعصيان المدني ؟ ام ستبتلع الاحزاب ثورات الغضب حالها كسابقاتها ويضعان الوطن والمواطن على رفوف العزلة ؟ الايام حبلى بالمفاجآت ،لكن ما اعرفه ويعرفه الناس كل الناس ان الاحزاب الحاكمة اصبحت من الماضي واوراق محروقة .
رئيس التحرير / محمد داود عيسى
Comments are closed.