قالوا :تَبَرَّجَتِ المَرْأَةُ تَبَرُّجاً أَظْهَرَت زِينَتَها ومحاسِنَها للرِّجالِ..
وقيل : إِذا أَظْهَرَتْ وَجْهَها..
وقيل إِذا أَظْهَرَتِ المرأَةُ مَحَاسِنَ جِيدِها ووَجْهِها..
والجَيَدُ بالتَّحْرِيكِ : طُولُها وحُسْنُها أَو دِقَّتُهَا مَعَ طُولٍ..
وقد يُوصَف العُنق نفْسُه بالجَيَد فيقال عُنُقٌ أَجْيَدُ كما يقال عُنُقٌ أَوْقَصُ وهي جَيْدَاءُ أي طوِيلةُ العُنُقِ..
وقال أَبو إِسحاقَ في قولِه تعالى : (غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ )النور /60
التَّبَرُّجُ : إِظهارُ الزِّينَةِ وما يُسْتَدْعَى بهِ شَهْوَةُ الرّجالِ..
وقيل : إِنَّهُنَّ كُنَّ يَتَكَسَّرْنَ في مَشْيِهنّ ويَتَبَخْتَرْن..
والتبرج: التكشف..
قال تعالى: { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } الأحزاب/33
قال ابن عباس: الجاهلية الأولى ما بين إدريس ونوح ، كانت ألف سنة ، تجمع المرأة بين زوج وعشيق..
وقيل لسوده بن زمعة: لم لا تخرجين كما تخرج أخواتك؟
فقالت: والله لقد حججت واعتمرت، ثم أمرني الله تعالى أن أقر في بيتي، فوالله ما أخرج من بيتي، فما خرجت حتى أخرجوا جنازتها..
وسودة هى ثانى زوجات النبي (ص) بعد خديجة..
وهى صاحبة قصة عمر التي رواها البخاري ومسلم وغيرهما..
روى عن عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَمَا ضُرِبَ الْحِجَابُ، لِحَاجَتِهَا؛ وَكَانَتِ امْرَأَةً جَسِيمَةً لاَ تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا..
فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا سَوْدَةُ أَمَا وَاللهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ؟
قَالَتْ: فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً وَرَسُولُ اللهِ ، فِي بَيْتِي، وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى، وَفِي يَدِهِ عَرْقٌ فَدَخَلَتْ..
فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي، فَقَالَ لِي عُمَرُ كَذَا وَكَذَا..
قَالَتْ: فَأَوْحى اللهُ إِلَيْهِ ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ وَإِنَّ الْعَرْقَ فِي يَدِهِ، مَا وَضَعَهُ..
فَقَالَ: إِنَّه قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ..
وكيف لعمر أن يعترض زوجة النبي في الطريق ويهددها..؟
وهل كانت سودة لا تعرف حدودها وواجباتها وهى زوجة النبي، وعمر هو الذي كان يعرفها..؟
وما صلة قضاء الحاجة بالتبرج..؟
وهل قضاء الحاجة يحتاج إلى إذن من الوحي..؟
وكيف كان النسوة يقضين حاجتهن قبل نزول الآية بالإذن..؟
هل كانت قضاء الحاجة من الممنوعات..؟
وفي رواية أخرى : أن أزواج النبي (ص)كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع وهو صعيد أفيح ، وكان عمر بن الخطاب يقول لرسول الله: احجب نساءك..
فلم يكن رسول الله يفعل ، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي ليلة من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة فناداها عمر : ألا قد عرفناك يا سودة، حرصاً على أن ينزل الحجاب..
قالت عائشة : فأنزل الحجاب(أي على رأي عمر)..
والسؤال هنا : هل كان رسول الله غافلاً عن أمر الحجاب كي يذكره به عمر..؟
ويعد الفقهاء نزول الوحي على رأي عمر من موافقات السماء له، ويعدونها من أعظم مناقبه..
والذين اخترعوا مثل هذه المناقب رفعوا عمر فوق رسول الله..
والذين يعتقدون في مثل هذه الموافقات ينقضون إيمانهم بشخص الرسول ومكانته..
ومسألة الحجاب خاصة بنساء النبي ولا صلة لها بالتبرج..
{وإذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعَاً فاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}الأحزاب/53
أما الستر فهو لعموم النساء..
والفرق كبير بين الحجاب والستر..
الحجاب هو احتجاب جسد المرأة وزينتها عن الرجال الأجانب..
وإذا سلمنا بأن آية الحجاب عامة لجميع النساء فإن هذا يعني عزل النساء في البيوت وعدم خروجهن البتة..
وهو ما يخالف سيرة الرسول(ص) الذي تعامل مع النساء وبايعهن وشاركن معه غزواته.
صالح احمد الورداني
كاتب وباحث وصحفي مصري
Comments are closed.